مجتمع

فوضى المقالع تنذر بكارثة .. اختلالات بالجملة والقطاع يعمل خارج القانون

سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره لسنتي 2019 و2020، جملة من الاختلالات فيما يخص تدبير ومراقبة المقالع بجهة الدار البيضاء- سطات والتي يوجد بها 216 مقلعا نشيطا، حيث يعمل عدد منها بدون دراسة بيئية، كما أنها لا تحترم مدة الاستغلال الممنوحة لها في التراخيص الإدارية، إضافة إلى ضعف مصاحبة مستغلي هذه المقالع.

ولاحظ المجلس ضمن تقريره المرفوع إلى الملك محمد السادس، أن عددا مهما من المقالع بدون دراسة بيئية وبمناطق تتميز بحساسيتها، مشيرا إلى أن المشرع، قام في إطار ميثاق البيئة والتنمية المستدامة، بسن القانون رقم 12.03 المتعلق بدراسات التأثير البيئي الصادر في 2003، والذي حدد قائمة المشاريع التي يجب أن تكون موضوع دراسة التأثير البيئي قبل الموافقة عليها.

لكن في قطاع المقالع، يضيف التقرير، لم يتم اعتماد مسطرة البحث العمومي ودراسة التأثير على البيئة لتقييم طلبات إنجاز مشاريع الاستغلال إلا بعد صدور منشور الوزير الأول رقم 6/2010 بتاريخ 14 يونيو 2010″، لافتا إلى أن “قسما كبيرا من المقالع في طور الاستغلال أو تلك التي نفد مخزونها وبقيت مهجورة، في كل من أقاليم بنسليمان والنواصر ومديونة وبرشيد وسطات والجديدة، تقع في مناطق تتميز بحساسيتها البيئية ولا تتوفر بشأنها دراسات التأثير البيئي كما لم تخضع لمسطرة البحث العمومي”.

وسجل مجلس العدوي، “قصورا في نظام تتبع منح وصولات الترخيص وجرد المقالع”، موردا أن الكتابة الدائمة للجنة تدبير المقالع والممثلة في إدارة المديرية الإقليمية للتجهيز “لا تتوفر على منصة معلوماتية توفر حلولا معلوماتية مندمجة تتيح تدبير ملفات استغلال المقالع منذ طلب التصريح بالاستغلال إلى نهاية الاستخراج والتهيئة البعدية، وذلك مع تحديد الآجال الخاصة بكل مرحلة وكل إجراء إداري”.

وبحسب التقرير الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه، فإنه بالرغم من مبادرات رقمنة ملفات استغلال المقالع التي تقوم بها بعض المديريات الإقليمية مثل المديرية الإقليمية لسطات وبرشيد، فإن طريقة التدبير الحالية لملفات طلبات استغلال المقالع لا تسمح بتبادل الوثائق الرقمية عبر منصة مخصصة لذلك بين أعضاء اللجنة الإقليمية لتفادي حتمية الحضور الشخصي لأعضاء اللجنة الإقليمية للمقالع لمناقشة الملاحظات والتحفظات المختلفة المتعلقة بملفات الاستغلال”.

وتوقف التقرير عند عدم احترام مدة الاستغلال الممنوحة للتراخيص الإدارية، حيث لاحظ خلال مراجعة الوثائق الخاصة بمنح وصولات تراخيص فتح واستغلال المقالع المتواجدة بالملك العام المائي “وجود تباين بين المدة المرخصة بالاستغلال والقرار الإداري الخاص باحتلال واستغلال هذه المواقع”.

ولاحظ التقرير، كذلك “غياب أية مبادرة لإحداث برامج استثمارية مندمجة”، حول الصناعات التحويلية للمواد المستخرجة، وهو ما حال دون تثمين هذه الأخيرة، كما نبه إلى “ضعف عملية مصاحبة مستغلي المقالع”، مما أدى إلى دمج 11 في المائة فقط من المقالع وفق القانون 27.13 ومراسيمه التطبيقية.

وسجل أيضا، عدم احترام نظام الاستغلال بواسطة المدرجات، حيث لاحظ المجلس أن غالبية المقالع موضوع الزيارات الميدانية والتي يتم فيها استغلال مواد الحصى والرمال المسحوقة والأحجار المكسرة لا تحترم النظام المعتمد على استخراج المواد باستعمال المدرجات بعلو ملائم.

وتتفاقم هذه الوضعية، وفقا للمصدر ذاته، في المقالع التي تستغل مساحات تقل عن 2.5 هكتار والتي تشكل 35 %من المقالع المستغلة في الجهة، مشيرا إلى أن أصحاب هذه المواقع يفضلون عملية الاستخراج بطريقة عمودية لتحقيق أقصى قدر من المواد المستخرجة.

من الاختلالات المسجلة كذلك، عدم احترام عمق الاستخراج والمجازفة بتلويث الفرشة المائية، حيث لاحظ المجلس، خلال الزيارات الميدانية في العديد من المواقع، التجاوز المتكرر للأعماق المرخص بها في الدراسات التقنية، حيث وصل بعضها إلى مستوى الفرشة المائية.

ويؤكد التقرير، أن عدم احترام الأعماق المرخص بها للاستغلال يزيد من مخاطر تلوث الفرشة المائية عن طريق تسرب المخلفات التي من المحتمل أن تكون سامة (خزانات الهيدروكربونات والزيوت المستعملة في الآليات والأنشطة المزاولة في السطح وذات طابع ملوث…).

وأسفرت الزيارات الميدانية عن تسجيل مجموعة من النقائص تتعلق بعدم احترام مسافات الأمان بين المقالع المتجاورة وبين حدود المقالع والنظام البيئي الطبيعي، وقدم المجلس مثالا على ذلك بـ”غياب مسافة الأمان بين المقالع الواقعة في النطاق الجغرافي للمديرية الإقليمية للتجهيز للدار البيضاء وبرشيد على مستوى جماعات بوسكورة والمجاطية أولاد طالب ورياح وبوكركوح”.

كما سجل المجلس، “غياب التقارير السنوية وعدم توفير الوثائق المتعلقة بالمراقبة البيئية”ّ، مشيرا إلى أنه “تم على مستوى جل المديريات الإقليمية للتجهيز بالجهة تسجيل عدم توفرها على التقارير السنوية حول الوضعية البيئية المفروض إنجازها من طرف مستغلي المقالع، سواء تعلق الأمر بالمقالع الحاصلة على وصل التصريح طبقا للقانون رقم 13.27 أو تلك التي صرح بشأنها في إطار ظهير 5 ماي 1914 “.

ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات، على صعيد آخر، أن مستغلي المقالع، بشكل دوري، لا يقومون بتوجيه نتائج الاختبارات والقياسات المرتبطة بالاهتزازات المسجلة عند استعمال المتفجرات ودرجة كثافة الغبار في الهواء ومستوى الضجيج الناتج عن الآليات ووحدات السحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *