سياسة

يتيم: دعوة عيوش لطرد السياسيين من مجلس عزيمان “فضيحة”

اعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية محمد يتيم، أن دعوة نور الدين عيوش لطرد النقابيين والمنتمين للأحزاب السياسية من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، “فضيحة بجميع المقاييس”، واصفا أن هذه الدعوة تمثل عينة جد معبرة عن الطريقة التي تفكر بها “نخبة” تعتبر نفسها بأنها هي “شعب الله المختار” داخل الشعب المغربي، حسب قوله.

وأشار البرلماني وعضو الأمانة العامة لحزب المصباح في تدوينة فيسبوكية، إلى أن هذه الفئة “النخبة” تعتبر أنها تفهم في كل شيء، وحضورها لا يستغنى عنه في أي مناسبة، وأصبحت هذه الفئة تشكل “فاعلا سياسيا احتياطيا” تتم الاستعانة به عند الضرورة، لضبط الإيقاع حتى داخل بعض المؤسسات الدستورية، لذلك فحضورها – الذي يُعتبر عيوش مجرد عينة منه – يتكرر في عدد من المؤسسات الدستورية والمؤسسات الوطنية، وفق تعبيره.

وفي ما يلي تدوينة يتيم:

حول دعوة نور الدين عيوش الى طرد النقابيين والسياسيين من المجلس الاعلى للتربية والتكوين :

استهداف الاحزاب والنقابات استهداف للبناء الديمقراطي

ما نقل عن نور الدين عيوش اذا صح من دعوة لطرد النقابيين والمنتمين للاحزاب السياسية من المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي فضيحة بجميع المقاييس ، بل هو عينة جد معبرة عن الطريقة التي تفكر بها ” نخبة ” تعتبر نفسها بانها هي ” شعب الله المختار” داخل الشعب المغربي !!

هذه الفئة او ” النخبة ” تعتبر انها تفهم في كل شيء ، وحضورها لا يستغنى عنه في اي مناسبة . اصبحت هذه الفئة تشكل ” فاعلا سياسيا احتياطيا ” تتم الاستعانة به عند الضرورة ، لضبط الايقاع حتى داخل بعض الموسسات الدستورية !! لذلك فحضورها – الذي يعتبر عيوش مجرد عينة منه – يتكرر في عدد من الموسسات الدستورية والمؤسسات الوطنية.

نور الدين عيوش كما هو معروف هو رجل أعمال وهو ناشط جمعوي ، وصاحب وكالة للإشهار، ومؤسس وعضو مجلس إدارة مؤسسة زكورة للتربية. ورئيس جمعية زاكورة للقروض الصغرى، ورئيس مجموعة الديمقراطية والحداثة كما كان رييس جمعية دابا 2007 التي استفادت من تمويلات كبيرة كي تقوم بحملة لاقناع المواطنين بالمشاركة في الانتخابات لكنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا !! ‎وهو عضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي فضلا عضويته في المجلس الاعلى للتربية والتكوين الذي يدعو الى طرد سياسييه ونقابييه الذين لا يتوفرون في نظره عن الكفاءة المطلوبة !!

ولد هذا الفاعل ويولد وفي فمه ملاعق من ذهب ، يعرف كيف تلتقط الفرص ويستفيد من البرامج الحكومية وبرامج التعاون الدولي … وباختصار تعرف من اين توكل الكتف !

السيد نور الدين عيوش كما نعلم له موسسة من بين انشغالاتها الحقل التعليمي والتربوي وتقدم نفسها وكأنها نموذج نجاح ودليل على ما يبشر به صاحبها من نموذج في التدريس يعتمد على ما يسميه ب” اللغة الطبيعية ” او ” لغة الام ” ، مدافع شرس عن الدارجة ، وخصم شرس للغة العربية لغة للتواصل ولغة للتدريس ، ومدافع شرس عن اللغة الفرنسية ، ومن استماتته في دفاعه عن الخيارات معادية للغة العربية ، كانت له الجراة ان يجلس في حوار تلفزيوني امام مفكر عملاق هو الدكتور عبد الله العروي الذي نسف أطروحته نسفا في برنامج تلفزيوني اتضح فيه الفرق واضحا بين الادعاء والأيديولوجيا وبين العلم والمعرفة.

يمثل نور الدين عيوش نموذج من ” للفاعلين او نخب ” تصلح للعمل في واجهات متعددة والحديث في مجالات مختلفة : تتحدث في السياسة واللغة والاقتصاد والانتخابات وتتحدث في الدستور وفي تأويله ، وتخرج لضبط الايقاع واقامة التوازن كلما ظهر ان ذلك لازم.
يقوم هذا النمط من “الفاعلين ” ايضا بدور جوهري يتمثل في ضبط ايقاع سير عدد من الموسسات والحيلولة من انفلاتات محتملة مثل انتاج مواقف او توصيات او استشارات محرجة او مربكة للمسار العام.

الخرجة الاخيرة للسيد نور الدين عيوش الداعية الى إلغاء تمثيلية الاحزاب السياسية والنقابية من المجلس الاعلى للتربية والتكوين – ان صحت – تبدو في ظاهرها عبثية خاصة ان تلك التمثيلية اهي منظمة بمقتضى القانون ، وتحققها يقتضي ضرورة العمل على إقناع البرلمانيين بها ليعيدوا النظر في القانون المنظم للمجلس ، اي في نهاية المطاف العمل على اقناع الفرق البرلمانية بالمجلسين ان تقرر هي بنفسها ان حضورها باعتبارها تمثل أحزابا ونقابات في المجلس الاعلى للتربية والتكوين غير مجدي !!

وبعيدا عن ” عيوش ” التي يبدو انها جاءت صدى للنقاش الذي راج حول ما سمي ب” مجانية التعليم ” ، وبغض النظر عما اذا كانت خرجة مقصودة ام مجرد انفعال ورد فعل !! اريد ان أسجل بعض الملاحظات التي تتجاوز هذه النازلة وتتجاوز حالة ” عيوش ” الى ما هو أعمق و ابعد ،

وبغض النظر ايضا عن الحالة الحزبية والنقابية الراهنة التي هي حالة تستدعي عدة مساءلات ووقفات ، وقد ينطبق عليها او على بعص الحالات فيها توصيف ” عيوش ” فانه من المتعين تسجيل الملاحظات على الشكل التالي :

1- دعوة ” عيوش ” ليست الا صدى لتمثل دور ووظيفة الاحزاب والمنظمات النقابية لدى فئة من اصحاب القرار والنافذين في مستويات متعددة منه ، وهو تمثل ما زال ينظر الى الاحزاب السياسية والمنظمات النقابية من خلال نظرة دونية ، ويعتبرها قاصرة وغير مؤهلة لإنتاج نخب قادرة على تدبير الشان العام بالكفاءة اللازمة ولا انتاج افكار وبدائل حقيقية يمكنها ان تتناوب على تدبير الشان كما هو مطلوب في كل نظام ديمقراطي.

2- هذه النظرة المستحكمة لدى هولاء لا تسائل نفسها ولم تسائل نفسها يوما عن سر التدهور المتواصل في الموسسة الحزبية والسياسية . ذلك ان ما ال اليه واقع الاحزاب والمنظمات النقابية يرجع الى عوامل عدة نذكر منها :

– عدم احترام إستقلالية الاحزاب والتدخل المتواصل في شانها الداخلي مما أنتج توترا متواصلا داخلها وحكم على مسارها بقانون الانشطارية المتواصل ، وهو ما أفرَغَها من كثير من القيادات الفكرية والسياسية التي سئمت من المناورات والمقالب من اجل التحكم في تنظيمات الاحزاب وتوجيهها الى وجهات تخدم النافذين فيها على حساب توجهاتها وبرامجها السياسية !

– سياسة التمكين ” التقنوقراط ” على جميع مستويات المسوولية سواء على المستوى الحكومي او على مستوى الموسسات العمومية وعلى مستوى مراكز المسوولية الكبرى في مختلف مرافق الدولة والادارات العمومية ، وفي ذلك رسالة ضمنية الا ان المسار الحزبي التنظيمي ليس مسارا سالكا للترقي في مدارج المسوولية ، بل في عدة حالات فانه يتم تحذير بعض الكفاءات وتخويفها من الاندماج في العمل الحزبي ويتم نصحها للابتعاد عنها طلبا للسلامة وتأمين مسار الترقي المهني وفي مراتب المسوولية !!

– سياسية التجريد التدريجي للكفاءات الحزبية ذات الخبرة التقنوقراطية العالية من صبغتها السياسبة الحزبية بحيث تم العمل على الاستدراج التدريجي لعدد من الكفاءات الحزبية ذات الخبرة التقنية لاخذ مسافة مع عقيدتها السياسية وانتماىها التنظيمي الاصلي كي تتحول الى جزء لا يتجزا من المنظومة التكنوقراطية ، وقد سهلت المشاكل التنظيمية والتناقضات الحزبية الداخلية هذا الانسلاخ ، حيث اصبح ” المناضلون ” لا يَرَوْن غضاضة ان يشتغلوا ضمن اجندة الاستقطاب السلطوي المعادي لتقوية الاحزاب السياسية والمنظمات النقابية لتحقيق طموحاتهم في تسلق مدارج المسوولية.

– سياسة صبغ نخب تقنوقراطية بصبغة سياسية وإنزالها بالمظلات في تشكيلات حزبية وفي ترشيحات باسمها لمناصب حكومية ، مما كري عدم جاذبية المسار الحزبي ، الى درجة ان الانتماء الحزبي اصبح مقترنا عند البعض بتعارضه الجوهري بالرقي الوظيفي والترقي في مراتب المسوولية !!

دعوة ” عيوش ” اذن ليست سوى صدى للمواجهة المتواصلة الهادفة الى تبخيس دور الاحزاب وتقزيمها والحيلولة دون امتلاكها لاستقلالها التنظيمي والسياسي . وهي في العمق مواجهة بين قوى النكوص الهادفة الى مواصلة هيمنتها على القرارالسياسي بعيدا عن مسار صناعته من خلال الاليات الديمقراطية والاليات المؤسساتية .

وحيث ان الاحزاب السياسية والمنظمات النقابية هي البنيات التحتية الاساسية اللازمة للبناء الديمقراطي وبناء الموسسات الديمقراطية ، فان اضعاف الموسسة الحزبية والنقابية ، والطعن في قدرتها على انتاج نخب قادرة على تدبير الشان العام ، ليس الا صورة من صور محاولة مواصلة بسط الهيمنة والسلطوية . واضعاف الموسسة الحزبية والنقابية ينتهي فعلا الى اضعاف الموسسات التمثيلية والمؤسسات الدستورية ومؤسسات الحكامة والهيئات الاستشارية وهيئات الحكامة ويقلل من دورها في ترشيد السياسات العمومية !!