منوعات

حقيقة الثعلبة .. المرض الذي أخرجته صفعة ويل سميث إلى الواجهة

لم يجد مقدم حفل أوسكار 2022 الكوميدي كريس روك ما ينتزع به ابتسامة الجهور غير السخرية من رأس زوجة الممثل الشهير ويل سميت الأصلع. ولم يجد زوج الممثلة جادا بينكيت سميت، ما يردع به تنمر المقدم الساخر غير أن يصفعه صفعة خلدها أكبر حفل عالمي للفن السابع. وأثار الحدث ضجة عالمية في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الناس يتساءلون من جديد عن سر صلع رأس الممثلة جادا سميث.

ودفع الجدل حول المرض الاتحاد الوطني الأمريكي للثعلبة إلى الدعوة إلى جعل يوم 28 مارس، يوما للتوعية بالمرض، ذاكرا أنه يصيب 147 مليون شخص حول العالم لأسباب كثيرة الجميع معرض لها، مؤكدا أن الثعلبة يصحبها الكثير من العناء النفسي الذي يتطلب الدعم من المحيطين.

وعرفت مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم، كما تؤكد عدة مصادر إعلامية، اختلافا حول المرض، وانزلقت عدة جرائد إلكترونية، وحسابات عدة في مواقع التواصل الاجتماعي إلى الخلط بين الثعلبة التي أصابت الممثلة جادا سميث، كما أصابت مشاهير آخرين، والناتجة عن اضطرابات المناعة، وسمها العلمي (Alopecia areata) وبالفرنسية (La pelade) وبين أنواع أخرى من المرض تشترك معها في أعراض تساقط الشعر، ومنها أمراض جلدية معدية!

أعدت “العمق المغربي” هذا التقرير، اعتمادا على مصادر طبية، (ويب طب، مايو كلينك، طبيب نت، وعيادة هاليا heliaclinic، و”الرؤية” إضافة إلى مواقع إخبارية مهنية أخرى) للمساعدة في التعريف بهذا المرض الناتج عن الاضطرابات المناعية، وتمييزه عن باقي أمراض تساقط الشعر، والتي يكون من بينها أمراض ناتجة عن الإصابة بفطريات، وتكون معدية.

الثعلبة كمصطلح واسع يشمل جميع أمراض تساقط الشعر:

وحسب “الرؤية” قال الدكتور ماهر محمود، استشاري الأمراض الجلدية وعضو الأكاديمية الأوروبية للأمراض الجلدية، إن الثعلبة مُصطلح واسع يُشير إلى أي شكل من أشكال تساقط الشعر، وتتعدد أسبابها. فمثلاً بعض الناس -خاصة الرجال- يفقدون شعر فروة الرأس مع تقدم العمر بسبب التغيرات الهرمونية المعروفة باسم الأندروجينات، وهو شكل من أشكال الثعلبة، وهناك نوع من تساقط الشعر الشائع في المجتمع وهو ثعلبة الشد، والتي تحدث عندما يتم شد الشعر بإحكام لفترة طويلة.

ويلفت استشاري الأمراض الجلدية إلى أن أشخاصاً آخرين قد يفقدون الشعر لأن جهازهم المناعي يبدأ في مُهاجمة بُصيلات الشعر فيما يُعرف باسم ثعلبة المناعة الذاتية.

والمرض الذي تعاني منه جادا سميث، حسب مختلف وسائل الاعلام، هو الثعلبة الناتجة عن اضطرابات المناعة الذاتية، و هو ما سنحصر الكلام حوله.

مرض ثعلبة المناعة الذاتية La pelade

الثعلبة الناتجة عن اضطرابات المناعة الذاتية وتسمى (Alopecia areata)، أو (La pelade) بالفرنسية، المعروف أيضًا باسم الصلع الموضعي، هو مرض شائع ينتج عن اضطراب المناعة الذاتية (maladie auto-immune)، والذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى تساقط الشعر سواء من الرأس أو باقي أنحاء الجسم.

ينتج هذا المرض عن قيام الجهاز المناعي بمحاربة بصيلات الشعر، وإحداث التهابات فيها، ممّا يؤدي إلى تساقط الشعر من فروة الرأس ومن المناطق المختلفة في الجسم أيضًا.

ومرض الثعلبة الناتج عن اضطراب المناعة الذاتية، يختلف عن باقي أمراض تساقط الشعر، وخاصة التي تنتج عن الإصابة بفطريات، وتكون معدية.

في معظم حالات الإصابة بثعلبة المناعة الذاتية يتساقط الشعر في منطقة دائرية صغيرة، وعادة لا يتطور المرض إلى أكثر من هذه الدوائر التي تفتقر للشعر، ولكن بعض الأشخاص قد يعانون من تساقط كثيف للشعر تصل أحيانًا لفقدان جميع شعر رأسهم وجسمهم في بعض الأحيان.

يصيب مرض الثعلبة الجميع دون استثناء، ولكن عادة ما تبدأ الإصابة في مرحلة الطفولة، ففي حال إصابة أحد من أفراد عائلتك بهذا المرض يرتفع خطر إصابتك به أيضًا.

ما هي أنواع الثعلبة؟

حسب “طبيب نت”، يمكن التمييز بين 4 أنواع من المرض:

النوع الاول: يبدأ في سن مبكرة 10 سنوات ويستمر لفترة طويلة، ويحدث الصلع الكلي في المستقبل بنسبة 75%

2- النوع الثاني: يبدأ في أواخر مرحلة الطفولة وبداية مرحلة البلوغ ويمتد لفترة أقل من 3 سنوات، ويحدث الصلع الكلي بنسبة 6%

3- النوع الثالث: يبدأ في مرحلة البلوغ المبكر، ويكون أحد الأبوين أو كلاهما مصابآ بارتفاع في ضغط الدم، وهو سريع ويحدث الصلع الكلي بنسبة 39%

4- النوع الرابع: يبدأ بعد سن الاربعين ويمتد لفترة طويلة ويحدث الصلع الكلي بنسبة 10%

ما خطورة مرض الثعلبة؟

مرض الثعلبة لا يعد مرضًا خطيرًا، فهو غير معدي، ولا يسبب أي ألم جسدي، وعادةً ما يكون المصابين بالمرض بحالة صحية جيدة، ولكن بما أن المرض يؤثر على الشكل الخارجي للمصابين، فهو يؤثر على حالتهم النفسية بشكل كبير.

إلى جانب الأثر النفسي على المصابين بالمرض فإن تساقط الشعر وفقدانه من منطقة العينين والأذنين والأنف يعرض المصاب بشكل كبير لدخول الجراثيم والأوساخ إلى هذه الأعضاء، مما قد يسبب مضاعفات تعفنية أو التهابات.

هل سيصاب أطفال المصاب بمرض الثعلبة؟

من الممكن أن ينتقل هذا المرض وراثيًا، ولكن معظم الأطفال المصابين لا يكون أهاليهم مصابين بالمرض، ومعظم الأهالي المصابين بمرض الثعلبة لا يصاب أطفالهم به، وذلك لأن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في الإصابة بالمرض.

ما الذي يسبب الإصابة بمرض الثعلبة؟

وحسب “ويب طب” لا يعرف الباحثون والعلماء حتى الآن سبب استهداف بصيلات الشعر بالجهاز المناعي، إلا أنهم يتوقعون أن مجموعة من الجينات قد تكون مسؤولة عن ذلك.

لا تعدّ الثعلبة كالأمراض الوراثية الأخرى، أي أنه ليس شرطًا إصابة الأطفال إن كان أحد الوالدين مصابًا، لكن الباحثين يعتقدون أن هناك عددًا من الجينات التي تتواجد عند بعض الأشخاص وتؤثر على إصابتهم بالمرض، إلى جانب عدد من العوامل البيئية المختلفة.

كما أنه عادةً ما يصاب الفرد بمرض الثعلبة إن كان أحد أفراد عائلاتهم مصاب بأحد أمراض المناعة الذاتية، مثل: السكري من النوع الأول.

وحسب “طبيب نت”، هناك الكثير من العوامل التي قد تساعد في ظهور المرض، نذكر منها:

العوامل النفسية:

فلقد أثبتت بعض الدراسات أن العامل النفسي له دور في ظهور الثعلبة في بعض الحالات وليس له دور في بعض الحالات الاخرى.

العامل المناعي:

حيث ترتبط الثعلبة بدرجة كبيرة في الحالات التي تتميز بزيادة الحساسية الجلدية وحساسية الصدر والانف.

اضطرابات الغدد ذات السبب المناعي:

ترتبط الثعلبة باضطراب الغدد ذات السبب المناعي كاضطراب الغدة الدرقية ومرض اديسون ومرض السكر والانيميا الخبيثة

العوامل الوراثية:

حيث سجلت بعض الحالات التي تحدث في العائلات بنسبة 10 – 20 %

عوامل أخرى:

مثل امراض العينين والاسنان والبؤر الصديدية في مناطق الجسم المختلفة.

هل من الممكن أن ينمو شعري مجددًا؟

حسب “ويب طب”، هناك فرصة لينمو شعرك مجددًا سواء بالاستعانة بعلاج أم من دونه، ولكن هذا الشعر سيتساقط مجددًا.

تختلف حدة وشدة المرض من شخص لآخر، فبعض المصابين يفقدون الشعر في مناطق دائرية صغيرة ثم يعود لينمو مجددًا ولا يعود المرض للظهور أبدًا، في حين أن البعض الآخر يفقد شعره ويعود لينمو مجددًا من ثم يفقده من جديد.

كيف يتم علاج مرض الثعلبة؟

حتى الآن لا يوجد علاج أو دواء معتمد لمرض الثعلبة، ولكن قد يكون مزيج من العلاجات فعالًا لمساعدة شعرك في النمو مجددًا.

لكن حسب تصريح الدكتور ماهر محمود لـ”الرؤية” فالعلاج الأكثر شيوعاً لداء الثعلبة هو استخدام مثبطات المناعة أو مضادات الالتهابات المسماة الكورتيكوستيرويد، يمكن أخذ هذه الأدوية عن طريق الحقن، أو المرهم الموضعي، أو عن طريق الفم..

ويُتابع: “الأدوية الأخرى التي يمكن وصفها فهي إما تعزز نمو الشعر أو تؤثر على الجهاز المناعي تشمل مينوكسيديل، أنثرالين، وعلى الرغم من أن بعض هذه الأدوية قد تساعد في تحفيز نمو الشعر، إلا أنها لا تستطيع منع تكوين بقع صلعاء جديدة”.

ويُشير الدكتور ماهر، حسب نفس المصدر، إلى أن دواءً آخر بدأ الأطباء في استخدامه مؤخراً هو علاج بيولوجي يسمى دوبيلوماب، وهو يُستخدم منذ فترة طويلة لعلاج الربو والأكزيما، ويمكن حقن دوبيلوماب في الفخذ أو الذراع مرة كل أسبوعين ونادراً ما يسبب آثاراً جانبية خطيرة، فيما بدأ بعض الأطباء علاجاً بأدوية عن طريق الفم مثل توفاسيتينيب وباريسيتينيب، والتي تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، ولكن ثبت أيضاً أنها تساعد في علاج تساقط الشعر.

وفي كل الحالات ينبغي استشارة الطبيب، لوصف الدواء المناسب لحالة كل مريض.

مشاهير عانوا مع الثعلبة

كافحت جادا بينكيت سميث مع مرض الثعلبة، وقالت، حسب “الشرق الأوسط”، إنها كانت “مرعوبة” عندما بدأ تساقط شعرها لأول مرة، وتابعت في عام 2018: “كنت أستحم ذات يوم ثم وجدت حفنة من الشعر في يدي، وقلت: يا إلهي، هل سأصاب بالصلع؟ وكانت إحدى تلك الأوقات في حياتي التي ارتجفت فيها من الخوف حرفياً”.

ونقلت مصادر إعلامية مختلفة عن “فرانس برس”، تصريحات سابقة لعدد من مشاهير مجال الفن بالولايات المتحدة حول رحلة المعاناة التي يخضنها مع مرض الثعلبة.

وتفاعلت البرلمانية الأمريكية آيانا بريسلاى، سريعا مع الواقعة، فقد كتبت الاثنين: “لنتعرف قليلا عن الحياة مع الثعلبة، إنها المواقف التي تشعرنا بمكانتنا عند المحيطين بنا، الذين يدعموننا في أسوأ حالاتنا ويتمسكون بنا حين نوشك على السقوط”.

وفي تصريح منذ سنوات لمجلة “الشعب”، وصفت الممثلة سلمى بلير، قدرا من المعاناة مع ذلك المرض، قائلة إنها احتاجت لوقت أطول خلال الاستحمام؛ لتجمع ما يتساقط من شعرها كي لا يسد حوض الاستحمام، مؤكدة أن ذلك كان واقعا غير مبالغ فيه.

ولخصت الممثلة ريكي ليك، المشاعر المرتبطة بمرض الثعلبة، قائلة إنه مؤلم ومحزن، والمصاب به يشعر بالوحدة دائما وأحيانا هناك رغبة في الانتحار.

وتصف الحاصلة على الأوسكار فيولا دافوس، جانبا آخر من التعامل مع الثعلبة، إذ تقول: “ارتدي باروكة للبيت، وأخرى للعمل، وأخرى للتمرين، وأأسف كثيرا لمن ينبهرون بجمالي”.

وحسب موقع “فهرس” عانت من الثعلبة عدة مشاهير، مثل: المغني جيسي نيلسون، والممثل شون وارد، والمذيع تايرا بانكس، والممثل كريستوفر ريف، والصحفية جيميما خان، والممثل جيمي Mistry، الممثلة نيف كامبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *