منوعات

التلسكوب “هابل” يكتشف كوكبين بغرائب استثنائية

يمر الماء على الأرض من دورة يمكن اختصارها في مرحلة سائل، ثم مرحلة بخار، ثم مرحلة متجمد، ثم مرحلة سائل مرة أخرى وهكذا. ومن الصعب تخيل أن يمر الصخر من نفس المراحل تقريبا!

من الطبيعي أن تستبعد أدمغتنا تبخر الصخور، وعودتها متساقطة من السماء إلى وضعها الأصلي، لتبدأ رحلة جديدة في دورة شبيهة بدورة الماء في الأرض.

لكن هذا بالضبط هو الواقع الذي تم اكتشافه مؤخرا عن طريق التليسكوب الشهير هابل في أحد الكواكب البعيدة جدا عن الأرض.

وحسب الجزيرة نت، التلسكوب “هابل” لا يزال قادرا على إعطائنا وجهة نظر غاية في الغرابة عن الكون الواسع من حولنا، حيث تمكن فريقان بحثيان دوليان من استخدام بياناته مؤخرا لاكتشاف وجود كوكبين غاية في التطرف من حيث المناخ الخاص بكل منهما

السماء تمطر صخورا

في ورقة بحثية نُشرت في مجلة “نيتشر” (Nature) في السابع من أبريل/نيسان الجاري، بيّن العلماء سمات كوكب جديد سمي “واسب-178 بي” (WASP-178b)، ويقع على مسافة حوالي 1300 سنة ضوئية من أرضنا، يعني ذلك حوالي 13 ألف تريليون كيلومتر

ووفق الدراسة الجديدة، فإن هذا الكوكب يحتوي على غلاف جوي صاف مثل الأرض، لكنه غني بغاز أول أكسيد السيليكون

وأشار الباحثون -وفق بيان رسمي من وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)- أن لهذا الكوكب وضع ثابت من حيث الليل والنهار، فأحد جانبيه يواجه شمسه بشكل دائم، والآخر يواجه الظلام الكوني الواسع، ما يعني أن غلاف الكوكب الجوي في حالة دائمة من التغير، حيث ينسحب الهواء الساخن من الجانب المواجه للشمس إلى الجانب الليلي

وينتقل الهواء إلى الجانب الليلي بسرعات فائقة تتجاوز 3 آلاف كيلومتر في الساعة، وفي هذه الحالة يبرد أول أكسيد السيليكون بدرجة كافية ليتكثف في صورة صخور تسقط من السحب في صورة أمطار، بينما على الجانب النهاري منه، تتبخر الصخور من شدة الحرارة

كوكب عاكس

وفي الورقة البحثية الثانية التي نُشرت في دورية “أستروفيزكال جورنال ليترز” (Astrophysical Journal Letters)، كشف الفريق البحثي الثاني عن كوكب شبيه بالمشتري، شديد الحرارة، سمي “كيلت 20 بي” (KELT-20b)، يقع على مسافة حوالي 400 سنة ضوئية من الأرض

ووفق الدراسة، فإن النجم الخاص بهذا الكوكب يرسل دفقات قوية من الأشعة فوق البنفسجية إلى “كيلت 20 بي”، وهذا يؤدي إلى تسخينه لدرجة أن المعادن في الغلاف الجوي الخاصة به تتجمع لتكوين طبقة حرارية قوية جدا تعكس ضوء النجم

لكن الغريب في الأمر -وفق الدراسة- هو أن النجم الذي يدور “كيلت 20 بي” حوله يشبه الشمس في تركيبه، ما يعني أن الفارق الذي تسبب في تحوله إلى عملاق فائق السخونة هو دفقات الإشعاع البنفسجي فقط

ويشير ذلك إلى أن طبيعة النجوم تؤثر إلى أدق حد ممكن في طبيعة الكواكب التي تدور حولها، فحتى مع التشابه في الفئة الطيفية، قد تختلف الشمس عن مثيلاتها في قدر يسير من هذا الإشعاع أو ذاك، ما قد يصنع فارقا كبيرا إلى حد التأثير على احتمال وجود الحياة من عدمه

ويأمل الباحثون أن تساعد الأبحاث من هذا النوع، إلى جانب دورها في دراسة هذه العوالم البعيدة، في تحقيق فهم أفضل لطبيعة المناخ على كوكبنا، والكيفية التي يمكن أن يتطرف بها مستقبلا

تليسكوب هابل

هو مرصد فضائي يدُورُ حول الأرض، وقد أمدَّ الفلكيين بأوضح وأفضل رُؤية للكون على الإطلاق بعد طُول مُعاناتهم من المقاريب الأرضيَّة التي تقفُ في طريق وضوح رُؤيتها الكثير من العوائق سواء جوُّ الأرض المليء بالأتربة والغُبار أم المُؤثرات البصريَّة الخادعة لجوِّ الأرض والتي تُؤثِّر في دقَّة النتائج.

وسُمِّي التليسكوب على اسم العالم الفلكي إدوين هابل. و بدأ مشرُوع بناءه عام 1977 وأُطلق إلى مداره الأرضي المُنخفض خارج الغلاف الجوي على بُعد 593 كلم فوق مستوى سطح البحر، حيثُ يُكمل مدره الدائري بين 96-97 دقيقة  ويحلِّقُ بسرعة 28 ألف كيلومتر/ساعة.

أُرسل هابل بواسطة مكوك استُخدم لإطلاقه وهو مكوك ديسكوفري في 24 أبريل عام 1990، ولا يزالُ هذا المقراب قيد التَّشغيل حتَّى الآن.

في يوم الجمعة 17 يونيو 2021، كشفت وكالة ناسا تعرض التلسكوب إلى عطل مما أدى إلى توقفه بعد وجودة في الفضاء منذ 30 عاماً، وأعلنت أن سبب عطل التلسكوب هو توقف الحاسوب الذي يتحكم بأجهزته عن العمل وفشل اختبار إعادة تشغيله في اليوم التالي، ورجحت أن تكون المشكلة في وحدة ذاكرة تالفة. وبعد شهر تقريبا، أعلنت ناسا استعادة التليسكوب نشاطه يوم 16 يوليوز2021.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *