خارج الحدود

بلغوا 6 منذ بداية الحرب.. الانتحار المتسلسل لأثرياء روسيا يثير شبهة عمليات مدبرة

بعد أن بلغ عددهم 6 منتحرين وأسرهم، تثير ظاهرة الانتحار وسط المليارديرات الروس علامات استفهام كثيرة حول طبيعتها ودوافعها.

وهؤلاء المليارديرات جعلهم الغزو الروسي لأوكرانيا في قلب الاهتمام العالمي، واستهدفوا بالعقوبات الغربية في عدة دول، وخرج بعضهم عن الصمت لينتقد الغزو الروسي.

فهل يتعلق الأمر فعلا بانتحارات؟ أم بجرائم عائلية؟ أم عمليات مدبرة لها علاقة بالغزو الروسي لأوكرانيا؟

وهذه الأسئلة، حسب الجزيرة نت، حاولت صحيفة لوفيغارو الفرنسية الإجابة عنها، موضحة في البداية أن سلسلة من حالات الانتحار بين ما يعرف بالأوليغارشية الروسية تم الكشف عنها منذ بداية حرب موسكو على أوكرانيا، وما هو مثير للاستغراب بشأن ذلك هو التشابه المريب لظروف موت هؤلاء الأثرياء، وفقا للصحيفة.

ففي كل مرة، تقول لوفيغارو، يلاحظ المحققون أن الطريقة التي حدثت فيها العمليات تشي بالانتحار أو جريمة عائلية، لكن ملامح الضحايا وقربهم من الكرملين، إلى جانب تتابع هذه الوفيات، مثير للشك.

فقد تم العثور على الرئيس التنفيذي السابق لشركة نوفاتيك، سيرغي بروتوسينيا، في 20 أبريل/نيسان الحالي، مشنوقًا في حديقة منزل فخم في “يوريت ديل مار” بإسبانيا، وإلى جانبه جثتا زوجته وابنته وقد قتلتا طعنا.

وفي اليوم الذي سبق ذلك، أي 19 أبريل/نيسان، تم العثور في شقة بموسكو على جثة فلاديسلاف أفاييف نائب الرئيس السابق لبنك “غازبروم” الروسي وهو ملقى على الأرض وبجانبه مسدس وجثتا زوجته وابنته وقد اخترقت عدة أعيرة نارية جثة كل واحدة منهما، كما تبين أن الشقة كانت محكمة الإغلاق من الداخل، مما جعل الشرطة ترجح الانتحار.

ولا يتوقف الغموض عند هذا الحد، إذ تقول لوفيغارو إن عدد من تم التأكد من موتهم في هذه الظروف منذ بدء الحرب خمسة، إضافة لآخر مات قبيل الحرب بأيام فقط.

ففي يوم 24 مارس/آذار، تم الكشف عن “انتحار” الملياردير فاسيلي ملنيكوف في نيجني نوفغورود، غربي روسيا، بعد أن طعن زوجته وطفليه، وقد كان يدير مجموعة الأدوية “ميدستوم” “MedStom” التي يقال إنها كانت تعاني من مشاكل اقتصادية خانقة.

وفي 28 فبراير/شباط، أقدم الملياردير الأوكراني المولد ميخائيل واتفورد على شنق نفسه في مرآب منزله في سوري، بالقرب من لندن، كما انتحر اثنان من المديرين التنفيذيين لشركة الغاز العملاقة غازبروم الأسابيع التي سبقت ذلك، وهما ليونيد شولمان العضو المنتدب للشركة، وذلك في 30 يناير/كانون الثاني الماضي ووجد في حمام بيته مع رسالة انتحار بجانبه.

وفي 25 فبراير/شباط، أي بعد يوم واحد من شن روسيا الحرب على أوكرانيا، قام ألكسندر تيولياكوف نائب مدير غازبروم بشنق نفسه في مرآب شاليهه بالقرب من سانت بطرسبرغ. وبحسب صحيفة نوفايا غازيتا الروسية المستقلة Novaya Gazeta حضر خبراء الطب الشرعي إلى مكان الحادث قبل أن تطردهم أجهزة الأمن التابعة لشركة غازبروم وتغلق مسرح الجريمة.

وهنا تساءلت لوفيغارو: هل يمكن للعقوبات الغربية على الأوليغارشية الروسية أن تدفعهم إلى الانتحار؟ وهل هناك صلة بين هذه الوفيات التي يمكن أن تكون جرائم مقنعة؟، وتجيب بالقول إنه في سياق الحرب في أوكرانيا، التي تضغط على كبار رجال الأعمال الروس وتفرض عليهم إعادة التأكيد على ولائهم للرئيس فلاديمير بوتين، تثير هذه الموجة من حالات الانتحار تساؤلات، خصوصا أن الروسي الثري رومان أبراموفيتش يزعم هو الآخر أنه تعرض للتسمم بعد اجتماع في أوكرانيا.

ويرى معهد وارسو، وهو مركز أبحاث مقره في بولندا، أن حالات الانتحار المسجلة “مشبوهة” خاصة وأن أربعة ممن ماتوا مرتبطون بشركات كبرى تعمل في قطاع الطاقة الروسي، متسائلا “من فعل هذا ولماذا؟”

ومنذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، في 24 من فبراير/شباط الماضي، حسب الجزيرة نت، يوسّع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وبريطانيا قوائمها الخاصة بالمقربين من النظام الروسي الذين أصبحوا معزولين عن النظام المالي الدولي، حتى إن سويسرا وموناكو انضمتا إلى هذا الإجراء.

برلمانيون وضباط عسكريون رفيعو المستوى وصحفيون بارزون وصناعيون ومموّلون من الصف الأول.. يواجه مئات الأشخاص الروس الآن تجميد أصولهم مصحوبًا أحيانًا بحظر إقامة.

ومن بين هؤلاء، حسب نفس المصدر، نيكولاي توكاريف رئيس شركة (ترانسنيفت) للنفط والغاز الذي وصفه الاتحاد الأوربي بأنه “صديق قديم” للرئيس الروسي، وسيرغي تشيميزوف رئيس مجموعة (روستيك) للصناعات الدفاعية، ورجل الأعمال الروسي الأوزبكستاني أليشر عثمانوف الذي يقال إنه “أحد الأوليغارشيين المفضلين لدى فلاديمير بوتين”، وإيغور تشوفالوف رئيس مصرف التنمية الروسي.

ويضاف إلى الأوليغارش -أي الشخصيات الثرية المقربة من السلطات الروسية- “صف خلفي إذا صح التعبير يضم من ألفين إلى ثلاثة آلاف شخص هم أيضًا أثرياء جدًّا وجميعهم مرتبطون ومدعومون من نظام فلاديمير بوتين”، كما قال روبرت بارينغتون الأستاذ في مركز الدراسات حول الفساد بجامعة ساسكس (برايتون، بريطانيا).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *