منوعات

باحثون: البول البشري يمكن أن يشكل بديلا من الأسمدة الكيماوية

يمثل استعمال الأسمدة الكيماوية في الزراعة أحد مصادر العديد من الأمراض الخطيرة لدى الانسان، ومصدر عدد من الاختلالات البيئية التي تنعكس بسلبية على مختلف مجالات الحياة.

وتستثمر جهود ضخمة عبر العالم لإيجاد بدائل طبيعية لتلك الأسمدة الكيماوية، وفي سياق هذه الجهود يأتي الاكتشاف الجديد الذي يرى في البول البشري مصدرا لأسمدة طبيعية يمكن أن تكون بديلا للأسمدة الكيماوية.

ورغم غلائها المرهق للمزارعين، ورغم أن العلم أتبث للأسمدة الكيماوية أضرارا تشمل الإصابة بأمراض السرطان، وتراجع المحاصيل بسبب زيادة النمو الخضري للنباتات على حساب نمو الثمار، وتراكم العناصر الثقيلة الضارة في التربة، حسب منصة “أُريد”، لكن فكرة التسميد بالبول تواجه معيقات ثقافية سوف تتطلب جهودا ضخمة ووقتا طويلا، فهل لدى الناس استعداد لتناول الأطعمة المخصبة بالبول؟

البول بديل طبيعي

يرى عدد من الباحثين والخبراء أن البول يشكّل بديلًا من الأسمدة الكيماوية، ، بينهم فابيان إسكولييه الذي يجري دراسات لإصلاح الأنظمة الغذائية لتكون أكثر استدامة، حسب قناة الجزيرة مباشر.

وحسب نفس المصدر، أوضح المهندس الذي يتولى مهمة منسق برنامج أوكابي البحثي لتحسين دورات الكربون والنيتروجين والفوسفور في المدن الفرنسية أن نمو النباتات يتطلب عناصر غذائية، كالنيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم.

وشرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن الإنسان الذي يتناول هذه العناصر الغذائية عندما يأكل يخرجها بعد ذلك من جسمه غالبًا عن طريق البول، علمًا أن براز سكان المدن استُخدم طويلًا في الأراضي الزراعية، قبل أن يستعاض عنه بالأسمدة الكيماوية.

إلا أنّ رميَ هذه العناصر الغذائية بكميات كبيرة جدًا في الأنهار يساهم مثلًا في نمو الطحالب الخضراء بكثافة.

فرز البول

ويتطلب فرز البول وجمعه من المصدر إعادة تصميم المراحيض وشبكة تجميع مياه الصرف الصحي وتبديد بعض الأفكار المسبقة.

واختُبر فرز البول من المصدر، أي المراحيض، في القرى البيئية السويدية في مطلع تسعينات القرن العشرين، ثم في سويسرا وألمانيا.

وتجرى تجارب مماثلة في الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وإثيوبيا والهند والمكسيك. وفي فرنسا، بدأت تظهر مشاريع من هذا النوع.

وأفادت الباحثة في المدرسة الفدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المياه (Eawag) توف لارسن أن بدء العمل بالابتكارات البيئية يستغرق وقتًا، وخصوصًا إذا كانت جذرية كفصل البول.

ولاحظت أن ما يدفع إلى التردد في اعتماد هذه التقنية هو أن الأجيال الأولى من المراحيض المزودة فاصلًا للبول، كانت قبيحة وغير عملية، وأن عملية الفرز تؤدي إلى روائح كريهة.

وأملت الباحثة في أن يوفر النموذج الجديد الذي توصلت إليه شركة لوفن السويسرية مع المدرسة الفدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المياه حلًا لهاتين المشكلتين.

أما عالمة الأنثروبولوجيا وعضو شبكة أوكابي مارين لوغران فأقرت بأن ثمة رفضًا لاعتماد هذا النوع من المراحيض، لكنها رأت أن الناس بدؤوا يدركون القيمة الكبيرة للماء و بات من غير المقبول تاليًا قضاء الحاجة فيه.

هل يتقبل الناس؟

ولكن هل لدى الناس استعداد لتناول الأطعمة المخصبة بالبول؟

أظهرت دراسة أن ثمة اختلافات ملحوظة بين البلدان. فمعدل القبول مرتفع جدًا في الصين وفرنسا وأوغندا مثلًا، لكنه منخفض في البرتغال والأردن.

ولاحظ غيلان ميرسييه من هيئة باريس إيه ميتروبول أميناجمان التي تعمل على إقامة حي بيئي في باريس يضم 600 وحدة سكنية ومتاجر سيتم فيه جمع البول لاستخدامه في تخصيب المساحات الخضراء في العاصمة الفرنسية، أن هذا الموضوع يلامس الحميمية.

ليس ناقلًا للأمراض

لكن الإفادة من هذه الإمكانات تتطلب حمل السكان على الالتزام، وإعادة تنظيم الأنابيب، ومواجهة التشريعات غير المناسبة.

وينبغي نقل البول إلى الحقول بعد جمعه، وهو أمر مكلف. وثمة تقنيات مختلفة تتيح تقليل حجمه وتركيز اليوريا أو حتى تجفيفها.

ويعمل معهد ريتش إيرث على وضع حلول تقنية لجعل نشر هذا السماد سهلًا وقليل التكلفة للمزارعين.

ولا يتطلب البول معالجة مكثفة لاستخدامه في الزراعة نظرًا إلى أنه ليس عمومًا ناقلًا رئيسيًا للأمراض. وتوصي منظمة الصحة العالمية بتركه يرتاح. ومن الممكن أيضًا تعقيمه.

ومع أن ثمة صعوبة حتى الآن في جعل البول بديلًا من الأسمدة الاصطناعية. يتوقع غيلان ميرسييه تقبلًا أكبر للفكرة بفعل الاحتياجات الاقتصادية التي يتوقع أن تنجم عن ارتفاع أسعار الغاز، وعن رغبة دول عدة في تعزيز سيادتها الغذائية في ظل الحرب التي تشهدها أوكرانيا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *