سياسة

طارق يدعو إلى إعادة مشروع قانون الإضراب إلى طاولة الحوار الاجتماعي

دعا أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، محمد طارق، إلى إخراج مشروع قانون الإضراب من دائرة التشريع وإرجاع إلى طاولة الحوار الاجتماعي، كما قدم مجموعة من الملاحظات في بعض بنوده والتي يمكن أن تؤدي إلى تقييد حرية الحق في الإضراب بدل تنظيمه.

وفي الوقت الذي سجل الخبير في قانون الشغل تأخر المغرب في إخراج نص تنظيمي ينظم الحق في الإضراب، رغم تنصيص الدساتير المتعاقبة منذ 1962 على هذا الحق، أبرز أن المؤشرات التي طبعت علاقة النقابات مع الحكومة ومسار الحوار الاجتماعي في الشهور الأخيرة تنبئ بإمكانية إخراج القانون إلى حيز التطبيق في غضون السنة المقبلة.

وقدم طارق، خلال الندوة التي نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة ضمن الدورة السادسة للأيام الثقافية والعلمية، لمحة تاريخية عن مسار الاعتراف القانوني بالحق في الإضراب بالمغرب، وقدم مجموعة من الملاحظات على مشروع القانون الذي أودعته حكومة عبد الإله بنكيران في نهاية ولايتها بالبرلمان.

وأبرز طارق أن أول إضراب شهده المغرب كان سنة 1936، وأن التنصيص عليه في القانون كان لأول مرة خلال ظهير

أول إضراب في المغرب كان سنة 1936 وكان الاعتراف القانوني بالإضراب سنة 1946 حيث صدر نص بخصوصه ظهير19  يناير 1946 المتعلق بقانون المصالحة والتحكيم بخصوص نزاعات الشغل الجماعية، حيث أكد على شرعية الإضراب واشترط استنفاد مسطرة المصالحة والتحكيم قبل خوض الإضراب، أما من الناحية الدستورية فقد كان أول اعتراف بهذا الحق في دستور 1962 وبقي متضمنا في جميع الدساتير التي تلته مع التنصيص على تنظيمه بنص تنظيمي وهو النص الذي لم يخرج إلى حيز الوجود إلى غاية اليوم.

وأبرز الأستاذ الجامعي أن “الحق في الإضراب من الحقوق الأساسية للشغل، وتعتبره منظمة العمل الدولية حقا أساسيا، وأنه يدخل في الحرية النقابية”، مضيفا “والحق في الإضراب ليس منظما في المواثيق والأوراق الخاصة بمنظمة العمل الدولي فقط، بل منظم أيضا في العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادي والاجتماعية والثقافي في المادة 8 منه الذي صادق عليه المغرب في دجنبر 1979”.

وتابع “وهناك ترسانة قانونية مهمة منذ العهد الدولي إلى اليوم تؤسس إلى احترام الدولة والمقاولة الحق في الإضراب”.

وفي الوقت الذي قدم ملاحظات على مشروع القانون ا تنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، اعتبر طارق أن هذه الوثيقة في غاية الأهمية وإيجابية في عمومياتها.

إلى ذلك، انتقد إدراج بعض القطاعات الأساسية مثل قطاع المالية ومفتشي المالية، إلى جانب القطاعات الحيوية التي لا يحق لها ممارسة الإضراب، معتبرا ذلك “تضييقا على حرية العمل النقابي وعلى الحق في الإضراب”.

وقال “يمكن أن نحدد القطاعات الحيوية والاتفاق على عدم تنظيم الإضراب فيها، أو أن نتفق على استمرار الخدمات العمومية بها، لكن أن ندرج أيضا القطاعات الأساسية، مثل المالية ومفتشي المالية في الفئات التي ليس لها الحق في الإضراب، فهذا تضييق على الحق في حرية الإضراب”.

كما اعتبر المتحدث أن تنصيص مشروع القانون التنظيمي على إحداث “لجنة الإضراب”، يعد إحداثا لمؤسسات جديدة تربك وتشوش على العمل النقابي داخل المقاولة وداخل الوظيفة العمومية.

وشدد على أنه “في القانون الاجتماعي لا يوجد شيء اسمه لجنة الإضراب بل نجد المؤسسات التمثيلية للأجراء وكذا المركزيات النقابية والنقابات القطاعية في الوظيفة العمومية”.

في السياق ذاته، سجل طارق أن مشروع القانون التنظيمي في صيغته المودعة لدى البرلمان سيجعل الإضراب حقا للنقابة الأكثر تمثيلية فقط، وهو ما سيؤدي إلى التضييق على النقابات التي لم تحصل على 6 في المائة في الوظيفة العمومية أو 35 في المائة في المقاولات، “وهو تضييق على الحق في الإضراب، خصوصا وأننا لم نتفق بعد على القواعد الجديدة للتمثيلية النقابية”، على حد قوله.

كما انتقد كذلك، إعطاء المشروع لرئيس الحكومة سلطة المنع، مما سيجعل منه خصما وحكما، وهو الأمر الذي يتعارض مع التنزيل السليم لحق الإضراب، حيث “منح رئيس الحكومة الحق في وقف الإضراب ومنعه بقرار معلل وحدد الحالات في الأزمة الوطنية الحادة والحرب والكوارث الطبيعية”.

كما وقف على اعتماد القانون لمفردة “الأزمة الوطنية الحادة”، والتي تطرح تساؤلات عدة عن موقعها وتعريفها في القانون الإداري.

ولاحظ الخبير في قانون الشغل إفراط المشروع في العقوبات المكثفة والغرامات على المشاركين في الإضراب، مع التغافل على معاقبة المشغل الذي لا يحترم الحق في الإضراب بإحلال أجراء جدد محل الأجراء المضربين وأعطاه الحق في المطالبة بالتعويض.

من جهة أخرى، دعا طارق إلى إرجاع مشروع القانون إلى طاولة الحوار الاجتماعي والتشاور بخصوصه مع النقابات، مشددا على أهمية أن يحصل حوله التوافق من أجل ضمان التوازن بين الحرية النقابية والحق في الإضراب وبين استقرار المقاولة والمبادرة أو الإدارة العمومية والمرفق العام.

وأبرز أنه المشروع رغم الملاحظات التي يمكن أن يثيرها، فقد ضم إيجابيات أخرى مثل ضمان حق الإضراب وتنظيمه، وتكريس بعض الممارسات التي تقوم بها النقابات، “وكلنا نعلم أن الفاعل النقابي لا يلجأ إلى الإضراب دون استنفاد آليات الحوار والتفاوض ودون إبلاغ وإخبار بتنظيم الإضراب”، يقول طارق.

وأضاف “إنه وثيقة مهمة لأنها فتحت المجال لحق الأجراء والحرفيين وكذا بعض الفئات المشتغلة من غير الأجراء لممارسة الحق في الإضراب، وهو ما يشكل انفتاحا في الأشكال الجديدة التي أصبحنا نراها اليوم مثل التنسيقيات والفئات التي ليست ضمن الوظيفة العمومية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *