خارج الحدود

الانتخابات اللبنانية.. تحالف حزب الله يفقد أغلبيته

في أول انتخابات يغيب عنها تيار المستقبل، الذي شكل لمدة 3 عقود عصب الحضور للطائفة السُّنية سياسيا في لبنان، أظهرت النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت في لبنان الأحد أن حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، تلقى صفعة مع خسارة حلفائه عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين، ليفقد بذلك الأغلبية التي شكلها مع حلفائه في البرلمان بعد انتخابات 2018.

وأعلنت وزارة الداخلية اللبنانية الدفعة الأخيرة للنتائج الرسمية النهائية الثلاثاء، والتي بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 41%، وأظهرت النتائج تقدما واضحا لحزب القوات اللبنانية، على حساب غريمه في الأحزاب المسيحية التيار الوطني الحر.

وتظهر نتائج الانتخابات، حسب ميدل إيست أونلاين، أن البرلمان سيضمّ كتلاً متنافسة لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة، ما سيجعله عرضة أكثر للانقسامات وفق ما يقول محللون.

وحسب نفس المصدر، فازت لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل أكثر من عامين بـ13 مقعداً على الأقل في البرلمان الجديد.

و12 من الفائزين هم من الوجوه الجديدة ولم يسبق لهم أن تولوا أي مناصب سياسية، في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية. ومن شأن هؤلاء أن يشكلوا مع نواب آخرين مستقلين عن الأحزاب التقليدية كتلة موحدة في البرلمان.
وجرت الانتخابات وسط انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850

وبات أكثر من 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو 30 في المئة. كما يعاني لبنان شحا في السيولة وقيودا على السحوبات المالية من المصارف وانقطاعا في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم.

وانتخب اللبنانيون نوابهم بعد نحو عامين على انفجار الرابع من أغسطس 2020 الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت وأودى بأكثر من 200 شخص وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة، فُتحت تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.

حلفاء حزب الله

أخفق نواب مقربون من حزب الله في الاحتفاظ بمقاعدهم في هذه الانتخابات.

فقد أظهرت النتائج التي نشرتها وزارة الداخلية أن إيلي الفرزلي نائب رئيس البرلمان خسر مقعده عن المسيحيين الأرثوذكس في قضاء البقاع الغربي.

وأما النتائج غير الرسمية فقد أظهرت خسارة النائب عن الحزب القومي السوري الاجتماعي أسعد حردان المقعد الأرثوذكسي في دائرة الجنوب الثالثة، والذي يشغله منذ عام 1992، كما أظهرت خسارة النائب الدرزي طلال أرسلان في دائرة عاليه بمحافظة جبل لبنان

وفي وقت سابق أمس الاثنين، نقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر متحالفة مع حزب الله أنه من المحتمل أن يخسر الحزب وحلفاؤه أغلبيتهم في البرلمان.

وأظهرت النتائج احتفاظ حزب الله وحليفته أمل، الحركة الشيعية التي يتزعّمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته نبيه برّي، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) في البلاد، بينما خسر حلفاؤهم مقاعد في دوائر عدّة.

وذكرت المصادر -التي أكدت أن توقعاتها تستند إلى نتائج غير نهائية- أن حزب الله وحلفاءه قد لا يحصلون على أكثر من 64 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128.

وكان الحزب والمتحالفون معه فازوا بأغلبية 71 مقعدا في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2018

في حين حصل حزب الله على 13 مقعدا على الأقل وفقا للنتائج الأولية غير الرسمية، وأما الإدارة الانتخابية لحركة أمل -التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري- فأعلنت فوزها بـ17 مقعدا. ووفقا لأرقام برلمانية من حزب الله وحركة أمل المتحالفة معه، فقد تمكن الحزبان من اقتناص كل المقاعد المخصصة للشيعة.

حزب القوات

في غضون ذلك، قالت مديرة المكتب الإعلامي لحزب القوات اللبنانية -في تصريحات لمراسل الجزيرة- إن النتائج الأولية غير الرسمية تظهر حصول الحزب على 20 مقعدا حتى الآن.

وأشارت النتائج غير الرسمية الصادرة عن التيار الوطني الحر -الذي أسسه الرئيس اللبناني ميشال عون- إلى حصوله على 15 مقعدا حتى الآن، وهو ما يعني أنه قد يخسر صدارة الكتل المسيحية لصالح حزب القوات بزعامة سمير جعجع.

والتيار الوطني الحر هو أكبر حزب مسيحي في البرلمان اللبناني منذ العام 2005

وسجلت لوائح مجموعات ما يعرف بالمجتمع المدني والتغيير على 7 مقاعد، كما أعلن الفريق الانتخابي للحزب التقدمي الاشتراكي فوز الحزب بـ7 مقاعد على الأقل

وحصل تيار المردة وحزب الكتائب وحزب الطاشناق على 3 مقاعد لكل منها، وجمعية المشاريع الإسلامية على مقعدين، والجماعة الإسلامية على مقعد واحد، وفق النتائج الأولية غير الرسمية

تيار المستقبل

وتشهد الانتخابات البرلمانية في البلاد هذا العام تغيرا أساسيا تمثل في غياب تيار المستقبل، الذي شكل لمدة 3 عقود عصب الحضور للطائفة السُّنية سياسيا.

ومنذ بضعة أشهر، أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري زعيم تيار المستقبل تعليق نشاطه السياسي، وهو إعلان يتوقع مراقبون أن يترك أثره على التمثيل السياسي للطائفة السُّنية في المشهد اللبناني خلال المرحلة المقبلة

وقال الحريري اليوم في تغريدة على تويتر إن لبنان أمام منعطف جديد بعد انتهاء الانتخابات التشريعية

ورأى الحريري أن “الانتصار الحقيقي هو دخول دم جديد إلى الحياة السياسية”، كما رأى أن قراره بالانسحاب كان صائبا وأنه هز ما سماها “هياكل الخلل السياسي”، من دون أن يعني ذلك التخلي عن المسؤولية، حسب قوله

سباق الاقتراع

وهذه الانتخابات هي الأولى بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين، بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار كارثي في بيروت

وأقفلت صناديق الاقتراع عند السابعة مساء أول أمس الأحد، باستثناء عدد من المراكز التي بقيت مفتوحة إلى حين إدلاء كل الناخبين الموجودين داخلها بأصواتهم.

وبلغ عدد المرشحين لهذه الانتخابات 719 مرشحا منضوين تحت 103 لوائح، من ضمنها 56 لائحة باسم مجموعات التغيير والمجتمع المدني في البلاد، في حين بلغ عدد الناخبين المدعوين للمشاركة في الانتخاب نحو 4 ملايين

ورغم ازدياد عدد المرشحين المناوئين للأحزاب التقليدية مقارنة مع انتخابات 2018، فلا يعوّل كثيرون على تغيير في المشهد السياسي يتيح معالجة القضايا الكبرى، فالأحزاب التقليدية التي تستفيد من التركيبة الطائفية ونظام المحاصصة المتجذر، لم تفقد قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الأسابيع التي سبقت الاستحقاق.

تراجع نسبة المشاركة

وسجلت نسبة الاقتراع العامة تراجعاً عن انتخابات 2018 من 49.7% إلى 41.1% بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية.

واختلفت نسبة التراجع على الاقتراع من دائرة إلى أخرى، فأعلى نسبة تراجع كما أوردت “الدولية للمعلومات” كانت في صيدا وبلغت (-16%) تليها المنية (-15%) والضنية ثم طرابلس، أما في بيروت الثانية فقد زادت نسبة الاقتراع (+8%)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *