خارج الحدود

زلة لسان بوش حول العراق: العمر أم تأنيب الضمير؟.. إليك ما يقوله علم النفس

“غزو العراق وحشي وغير مبرر” هي خلاصة زلة اللسان التي وقع فيها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ردود فعل متباينة، الأربعاء، وجلبت أزيد من 3 ملايين متابعة، وأثارت ردود فعل متباينة.

ويتباين الموقف من زلات اللسان بين المواقف الثقافية التي عادة ما تعتبرها “مجرد زلة لسان” قد يكون العمر والمرض والتعب من مبرراتها وتتطلب مجرد الاعتذار، وبين مدارس التحليل النفسي التي ترى فيها دلالة على ما في داخل دماغ صاحبها.

وفي كلمة خلال حفل في دالاس بولاية تكساس الأربعاء، خلال توجيهه انتقادات إلى النظام السياسي الروسي، قال بوش، حسب الجزيرة نت: “النتيجة هي غياب الضوابط والتوازنات في روسيا، وقرار رجل واحد شن غزوا وحشيا غير مبرر بالمرة للعراق”، قبل أن يصحح كلامه ويهز رأسه قائلا “أقصد لأوكرانيا”.

وحسب نفس المصدر، ألقى بوش مازحا باللوم في الزلة على عمره قائلا “75”، حيث انفجر الجمهور بالضحك.

ثلاثة ملايين مشاهدة

وحسب المصدر السابق، سرعان ما انتشرت تصريحات بوش الابن على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث جمعت أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة على تويتر وحده بعد أن قام مراسل “دالاس نيوز” بنشر المقطع

وتعليقا على الحادثة، قالت فوكس نيوز (FOX NEWS) إنها زلّة مؤسفة، بينما وصفتها هافينغتون بوست (HUFFINGTON POST) بأنها زلة مقيتة. وقالت صحيفة واشنطن إغزامينر (Washington Examiner) إن “بوش ارتكب خطأ فادحا بحجم العراق”، كما سخر العديد من رواد منصات التواصل الاجتماعي مما سموه الاعتراف الذي خرج من بوش الابن أخيرا.


زلة اللسان بين السياسة وعلم النفس

علاقة جورج بوش الابن بغزو العراق كان حدثا سياسيا فظيعا بكل المقاييس، وكان المسؤول السياسي والأخلاقي عن تلك الحرب التي اتضح بعد انتهاءها أن أسبابها كانت مجرد افتراء.

شن بوش غزوا دمويا على العراق في عهده (2001-2009) في أعقاب أحداث الـ11 من سبتمبر/أيلول 2001 تسبب في مقتل وتشريد مئات الآلاف من العراقيين.

وادّعى بوش الابن وقتها وجود أسلحة دمار شامل لدى نظام الرئيس الراحل صدام حسين، ورغم أن اللجنة المتخصصة وقتها والتي ترأسها الدكتور محمد البرادعي لم تجد دلائل على الاتهامات الأميركية للعراق، إلا أن بوش قرر المضي في ضرب العراق دون انتظار القرار النهائي للجنة، والذي كان قرار الأمم المتحدة بخصوص دعم الحرب يتعلق به.

وحسب موقع “طبيبي” تعرف الدكتورة الشيماء بلال زلات اللسان بالتلفظ بقول لم يقصده المتكلم، وغالبًا تكون دون وعيٍ منه.

وتضيف في مقال على موقع “طبيبي” أن احتمالية حدوث زلات اللسان تزداد كلما تحدث الإنسان مدة طويلة، إذ تقع زلة أو اثنتين كل 1000 كلمة، بما أن معدل الكلام الطبيعي 150 كلمة في الدقيقة، يعني ذلك أننا نقع في زلة لسان بمعدل مرة كل 7 دقائق ومن 7 إلى 22 زلة لسان في اليوم.

وقدمت نبذة عن زلات اللسان حسب بعض مدارس علم النفس كالتالي:

عند فرويد

سيغموند فرويد (مؤسس مدرسة التحليل النفسي)، ويرتبط اسمه دائمًا بزلة اللسان حتى أنها سميت باسم زلة فرويد أو منزلق فرويد.

عرَف فرويد زلات اللسان في كتابه الصادر عام 1901 (علم النفس المرضي للحياة اليومية) أنها “خطأ في الكلام أو الذاكرة يحدث نتيجة تداخل رغبات وأفكار مكبوتة في اللاوعي في العقل الباطن، وليست أخطاء بريئة وتخرج إلى الوعي على هيئة زلات”.

يعتقد فرويد أن زلات اللسان ترتبط عادةً بمعتقدات وأفكار غير مقبولة في العقل الواعي، مثل الدوافع الجنسية والمواقف المحرجة والأفكار المكبوتة.

كتب فرويد مرة أخرى عن هذه الظاهرة عام 1925 في كتابه (دراسة سيرة ذاتية)، وتوصل إلى أن هذه الزلات تتطلب كثير من الدراسات الفسيولوجية.

كذلك توصل إلى أنها بمنزلة نافذة على العقل الباطن، ويمكن أن تكشف أسرار الأشخاص في بعض الأحيان.

زلات اللسان في علم النفس

أسس فرويد جزءًا كبيرًا من المعنى الخفي وراء هذه الأخطاء اللفظية.

لكن اختلف علماء النفس حول حقيقة زلات اللسان. فمنهم من يدعم نظرية فرويد بأن الأفكار غير الواعية أو حتى المكبوتة تزيد احتمالية الوقوع في زلات.

درس الباحثون النفسيون في جامعة كاليفورنيا عام 1979 زلات اللسان، ووجدوا أن الأشخاص الذين لديهم احتمالية التعرض إلى صدمات كهربائية كانوا أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء اللفظية المتعلقة بالصدمة.

أما الأشخاص في المجموعة التي تقودها امرأة حسناء كانت أخطائهم متعلقة بالنساء.

طلب عالم النفس في جامعة هارفارد “دانيال ويجنر” في إحدى التجارِب الكلاسيكية من المشاركين التحدث في كل ما يجول في أذهانهم مدة خمس دقائق.

طلب كذلك منهم عدم التفكير في الدب الأبيض ودق الجرس كلما فكروا في الدب الأبيض، وكانت النتيجة أنهم فكروا فيه بمعدل مرة في الدقيقة.

استنتج ويجنر صعوبة قمع الأفكار وكلما أردنا ذلك طفت على سطح تفكرنا، وربما كانت سببًا في فلتات اللسان.

لذا خلصوا إلى أن العقل اللا واعي قد يلعب دورًا كبيرًا في حدوث زلة اللسان. لكن ليس كما اعتقد فرويد أن اللاوعي يحتوي فقط على الغرائز الجنسية والدوافع الشريرة والعدوانية وأنه المتحكم في الإنسان.

زلات اللسان والقاموس الذهني

يشير العلماء هنا إلى أن زلة اللسان تخبرنا عن القاموس الذهني الذي يعد مخزن الكلمات والمرادفات التي يعرفها متحدث اللغة.

إذ لاحظوا أن زلة اللسان ليست استبدال كلمة مكان كلمة أخرى فحسب.

لكن لاحظ العلماء وجود علاقة بين الكلمة المنطوقة والكلمة المقصودة، إما في قرب المعنى بينهم، مثل الدخان والنار أو نوع الكلمة من حيث كونها اسمًا أو فعلًا أو حرفًا أو يكونوا متقاربين في الصوت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *