أخبار الساعة

تقرير يكشف تستر مسؤولي الكنائس البروتستانتية الأمريكية على جرائم جنسية طيلة 20 سنة

كانت الفضائح الجنسية الكنسية مرتبطة في السابق بالكنائس الكاثوليكية، حيث حطمت أرقاما قياسية في جرائم الجنس المعلنة ضد الأطفال بالخصوص في فضاءات العبادة، لكن التقرير الاستقصائي الذي نشرته صحيفتي “هيوستن كرونيكل” و”سان أنطونيو إكسبريس نيوز” الأمريكيتين، كشف أن الكنائس البروتستانتية كانت هي الأخرى مرتعا لجرائم الجنس التي تستر عليها مسؤولوها لأكثر من عقدين من الزمن.

ويشكل التقرير الجديد صدمة قوية لأزيد من 157 مليون أمريكي بروتستانتي، خاصة وأن قادة الكنائس المعنية الذين تستروا على تلك الجرائم، استخدموا الكتاب المقدس واللغة الروحية في مواجهة الضحايا.

التقرير الاستقصائي الصادم

كشف تقرير استقصائي نُشر قبل يومين، حسب الجزيرة نت، عن تورط كبار قادة “الكنيسة المعمدانية الجنوبية” (أكبر الطوائف البروتستانتية في الولايات المتحدة) في عرقلة وتشويه سمعة الناجين من الاعتداءات الجنسية على يد رجال الدين على مدى عقدين من الزمان.

وحسب نفس المصدر، يبلغ عدد البروتستانت في الولايات المتحدة نحو 157 مليون شخص (43% من السكان)، منهم 15 مليونا يتبعون الكنيسة المعمدانية الجنوبية التي تمتلك وتدير 47 ألف كنيسة في مختلف الولايات.

وسلّط تقرير استقصائي تاريخي -نشرته صحيفتا هيوستن كرونيكل وسان أنطونيو إكسبريس نيوز- الضوء على فضيحة الاعتداء الجنسي في عام 2019، إذ تم توثيق مئات الانتهاكات في الكنائس المعمدانية الجنوبية، بما في ذلك العديد من الحالات التي استمر فيها الجناة من القساوسة في ممارسة مهامهم الكنسية.

وفي العام الماضي، أوضح الآلاف من المندوبين في الاجتماع الوطني للكنيسة أنهم لا يريدون أن تشرف اللجنة التنفيذية المركزية للكنيسة على التحقيق في أفعالها، وبدل ذلك صوتوا بأغلبية ساحقة لبدء تحقيقات مستقلة من جهة ثالثة محايدة.

ووثق التحقيق شهادات للعشرات من ضحايا الاعتداءات الجنسية التي وقعت لأطفال ورجال ونساء، ووفقا للتقرير الاستقصائي الذي جاء في 288 صفحة، أكدت أن الضحايا واجهوا مماطلة ومقاومة وصلت إلى حد العداء الصريح من بعض قادة اللجنة المركزية بالكنيسة.

وأجرت التحقيق -الذي استمر 7 أشهر- شركة “غايدبوست سوليوشنز”، وهي شركة أبحاث مستقلة تعاقدت معها اللجنة التنفيذية بالكنيسة بعد تعرّضها لضغوط كبيرة من أجل إجراء تحقيق مستقل، وعدم التستر على الجناة.

كذب المسؤولين طيلة عقدين

خلص التقرير إلى أنه على مدى عقدين تقريبا، كذب المسؤولون الذين أداروا اللجنة التنفيذية للكنيسة المعمدانية الجنوبية، وهي الجهة التي تشرف على إدارة شؤون أكبر طائفة بروتستانتية في الولايات المتحدة.

وجاء فيه أن ضحايا هذه الانتهاكات “قاموا بجهود كبيرة للكشف عن هذه الممارسات داخل الكنيسة وفضح كبار مسؤوليها ممن تستروا على هذه الجرائم. ولجأ الضحايا إلى إجراء المكالمات الهاتفية، وإرسال الرسائل البريدية التقليدية ورسائل بالبريد الإلكتروني، وشاركوا في بعض اجتماعات اللجنة التنفيذية بالكنيسة، واتصلوا بالصحافة، ليتم مواجهتهم، مرارا وتكرارا، بالمقاومة والمماطلة وحتى العداء الصريح من البعض داخل اللجنة التنفيذية بالكنيسة”.

وعرض التقرير رسالة إلكترونية داخلية بعثها المستشار العام والرئيس المؤقت للجنة التنفيذية في الكنيسة أوغست بوتو بشأن جهود سيدتين من ضحايا الانتهاكات الجنسية، وصف بوتو جهودهما بأنها “مخطط شيطاني لإلهائنا تماما عن التبشير، هذا هو الشيطان الذي ينجح مؤقتا”.

استخدام الكتاب المقدس

ووفقا للتقرير، فإنه في عام 2019 أخبر رئيس اللجنة التنفيذية للكنيسة روني فلويد -الذي كان عضوا في اللجنة الاستشارية الإنجيلية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب- قادة الكنيسة الآخرين في بريد إلكتروني أنه تلقى “بعض المكالمات من قساوسة أعربوا عن قلقهم المتزايد بشأن التركيز على أزمة الاعتداءات الجنسية”.

وذكر التقرير أنه “عندما تحدث تلك الانتهاكات في بيئة كنسية، ويرتكبها أشخاص ينظر إليهم على أنهم قادة روحيون، ومكلفون برعاية وتكوين الشباب دينيا وروحيا؛ يكون الأمر أسوأ بكثير”. كما “ضاعف من قبح فضيحة الكنيسة المعمدانية الجنوبية استخدام قادة الطائفة الكتاب المقدس واللغة الروحية أسلحة ضد الضحايا الأبرياء”.

ويظهر التقرير كيف اختار بعض القساوسة -وجميعهم رجال- محاولة حماية طائفتهم عن طريق إخفاء الإساءة، ثم محاولة تدمير ضحايا الانتهاكات، وهو ما ألحق ضررا رهيبا بسمعة المسيحية.

ومن بين التوصيات الرئيسية الواردة في التقرير:

+ تشكيل لجنة مستقلة ثم إنشاء كيان إداري دائم للإشراف على الإصلاحات الشاملة طويلة الأجل المتعلقة بالاعتداء الجنسي وما يتصل به من سلوكيات سيئة داخل اللجنة التنفيذية بالكنيسة.

+ إنشاء وصيانة نظام قاعدة معلومات للمنتهكين لتنبيه وتحذير أتباع الطائفة من سلوكياتهم.

+ توفير برامج إصلاح ومراجعة تشمل البروتوكولات والتدريب والتعليم والمعلومات العملية.

+ تقييد استخدام اتفاقيات عدم الكشف والتسويات المدنية التي تلزم الناجيات بالسرية في قضايا الاعتداءات الجنسية، إلا إذا طالبت الضحية بذلك.

ورحب المديران المؤقتان للجنة التنفيذية بالكنيسة ويلي ماكلورين ورولاند سليد بالتوصيات، وقالا -في بيان لهما- “نحن ندرك أنه لا توجد حلول أو طرق مختصرة، يجب علينا جميعا مواجهة هذا التحدي من خلال التطبيق الحكيم والصلاة، ويجب أن نفعل ذلك بشفقة كالمسيح”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *