خارج الحدود

قد يشمل الحجاج أيضا .. السعودية تمنع نقل عبوات ماء زمزم داخل أمتعة المعتمرين

من أكثر ما يحرص الحجاج والمعتمرون على اقتنائه لتقديمه هدية لأسرهم ومعارفهم هو ماء زمزم. ولا يكون مقبولا من وجهة نظر المجتمع أن يعود الحاج أو المعتمر من بيت الله الحرام وهو لا يحمل معه تمرا وماء زمزم، كما هو الشأن في المغرب.

ومند عدة سنين تحاول السلطات السعودية تنظيم اخذ ونقل عبوات ماء زمزم من طرف الحجاج والمعتمرين إلى الخارج. وكثيرا ما يشكو المعتمرون والحجاج من تلك الإجراءات التي لا يستحضرون أو لا تقنعهم خلفياتها.

والأربعاء، أصدرت هيئة الطيران المدني السعودية تعميما جديدا يمنع نقل “عبوات زمزم” في أمتعة المسافرين الموزونة المغادرين للمملكة بعد أدائهم العمرة في مكة، والذي يتوقع أن يشمل حجاج بيت الله الحرام أيضا في موسم الحج القادم.

وذكرت هيئة الطيران المدني السعودية في منشور على حسابها الرسمي على تويتر أن التعميم موجه “للناقلات الجوية”، أي لشركات الطيران العاملة في السعودية.

وينص التعميم الجديد على ضرورة “التزام الركاب المغادرين من مطارات المملكة بعدم وضع عبوات زمزم داخل الأمتعة الموزونة”.

ولم توضح الهيئة سبب منع وضع عبوات مياه زمزم داخل الأمتعة، ولم تتحدث عن أي إجراءات أو عقوبات للمخالفين، حسب قناة الحرة.

تعميم غير مفهوم

وحسب نفس القناة، تساءل أحد مستخدمي تويتر ويدعى شريف حمدي، “ممكن حد يشرح. يعني في طريقة ثانية لشحن مياه زمزم غير شنط الشحن؟ ولا ممنوع سفرها في المطلق؟. لان الناس مش فاهمة”.
ورد على سؤاله مستخدم آخر يدعى مشعل، وقال إن “الطريقة النظامية هي العبوات المخصصة للنقل الجوي”، مرفقا صورة تظهر قنينة ماء زمزم موضوعة داخل كيس بلاستيكي، وبجانبها صندوق مصنوع من الكرتون.

2021: تحديد العبوة المسموح بها

أصدرت وزارة الحج والعمرة السعودية السنة الماضية تعليمات تهم النقل الجوي، جاء في بندها رقم 11 مادة تنظم شكليات نقل المسافرين لعبوات ماء زمزم عبر مطارات السعودية.

وحسب الوثيقة المنشورة علة موقع الوزارة الرسمي، تؤكد الوزارة على أن “عبوات ماء زمزم المسموح بشحنها جوًا مع الحجاج عند عودتهم لبلادهم هي فقط العبوة التي ينتجها مشروع خادم الحرمين الشريفين لسقيا مياه زمزم، ويتم وضعها في غلاف بلاستيكي آمن وغلاف كرتوني عليه شعار المشروع، وأن تكون العبوات ذات سعة الـ (5) لتر، وأن يتم نقلها على متن الرحلات العائدة (الطائرات الفارغة) في مرحلة القدوم، ووفق التعليمات المنظمة لذلك والمبلغة لكافة المسؤولين عن شؤون الحج في الدول التي يقدم منها الحجاج بخطاب وزارة الحج والعمرة التعميمي رقم (694570) وتاريخ 19/11/1435هـ”.

2012: خفض القدر المسموح به إلى النصف

واتخذ قرار تقليص القدر المسموح بنقله عبر الطائرات سنة 2012 إلى النصف.

وحسب جريدة “الخليج اولاين” في مقال على موقعها سنة 2018، بررت الجمارك السعودية منعها المعتمرين من إخراج عبوات مياه زمزم بعد مغادرتهم البلاد بالقوانين المفروضة “منذ 6 سنوات”، التي لا تسمح بإخراج أكثر من عبوة واحدة للمسافر الواحد، وأن يكون مصدرها “مشروع الملك عبد الله لسقيا زمزم”.

وقالت الجمارك في بيان لها، حسب نفس الجريدة،: “نود أن نوضح أن الأنظمة لا تسمح للمسافر الواحد بإخراج أكثر من عبوة واحدة من مياه زمزم إلى خارج المملكة، على أن يكون مصدرها مشروع الملك عبد الله لسقيا زمزم فقط دون غيره من المصادر المجهولة”.

وأوضحت أن هذا الإجراء يأتي “ضماناً لعدم المتاجرة وذلك بجلب مياه عادية أو ملوثة وبيعها على أنها مياه زمزم، وقد تم اكتشاف الكثير من هذه الحالات عند معاينتها والتأكد منها قبل خروجها من المملكة”.

وحسب مقال في “الشرق الأوسط” سنة 2014، أبلغ عصام فؤاد نور، مساعد المدير العام للعمليات الأرضية في الخطوط السعودية، عن خروج ما يقارب 50 ألف عبوة ماء زمزم يوميا من المملكة عبر شركات الطيران المختلفة، بحمولة تقدر بـ250 ألف لتر خلال سنة 2014.
وبين نور أن هذه العبوات جرى تقنين حجمها عما كانت عليه في السابق، بتوجيه من أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز للقائمين على مشروع سقيا زمزم، بإمكانية تخفيض حجم العبوات الخاصة بالمسافرين من 10 لترات إلى خمسة لترات، والتأكيد على شركات الطيران بعدم قبول العبوات التي تزيد على الحجم الجديد.
وذكر مدير مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لسقيا زمزم أن المشروع يشتمل على أربعة خطوط إنتاج في مصنع التعبئة بطاقة إنتاجية قصوى تصل إلى 200 ألف عبوة يوميا، كما تبلغ الطاقة التخزينية القصوى لتخزين العبوات في المشروع نحو مليون و800 ألف عبوة، فيما تبلغ الطاقة التخزينية لخزانات الإنتاج نحو 10 آلاف متر مكعب، بينما بلغت الطاقة التخزينية لخزانات كدي والسبيل 26 ألف متر مكعب، كما يبلغ عدد القوى العاملة في المشروع نحو 300 موظف، وتتم زيادتها في مواسم الذروة لمواجهة كثرة الطلب على العبوات من الحجاج والمعتمرين والزوار.

كيف تطور مشروع مياه زمزم؟

البئر قديماً

حسب صحيفة الرياض، أول من شيد لبئر زمزم قبة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 145 هـ، وعمل الرخام على زمزم وفرش أرضها، وفي عهد أبو عبدالله محمد المهدي يقفت حجرة زمزم بالساج وكسا القبة بالفسيفساء واستمرت العناية بالبئر والحرص عليها.

موقع البئر المباركة

وتقع البئر المباركة، حسب نفس المصدر، على بعد 21 متراً شرقي الكعبة وعمقها 30 مترًا وتصب فيها عيون ثلاث: عين محاذاة الركن الأسود، وعين بمحاذاة جبل أبي قبيس والصفا، وعين بمحاذاة المروة، وتقع جميعها على عمق 13 متراً من فتحة البئر.

البئر في عهد الدولة السعودية

في بداية القرن الخامس عشر، حسب نفس الصحيفة، آلت أمور السقاية إلى المملكة العربية السعودية؛ لتطور أساليب السقاية والتوزيع بالأجهزة الحديثة، وقد أطلق مشروع في العام 2010 م بلغت قيمته 700 مليون ريال لتعبئة وتنقية الماء وتخزينه يوميًا بطاقة استيعابية تبلغ 200 ألف عبوة، كما يتم نقل زمزم للمسجد النبوي بمعدل يصل إلى 250 طنًا يوميًا عن طريق صهاريج معقمة ومجهزة بأفضل المواصفات لحمايته من المؤثرات أو الملوثات.

صيانة وتعقيم

سخّرت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي للزائرين، حسب المصدر السابق، أقصى سبل الراحة والعمل المستمر على توفير مياه زمزم من مكة إلى المدينة بمهنية عالية وعمل دقيق مستمر، لينعم زائر المسجد النبوي والمصلي فيه بالشرب من الماء المبارك على مدار اليوم، وتتولى إدارة السقيا الإشراف المباشر على نقل زمزم من مكة إلى المسجد النبوي عبر ناقلات معدة ومهيأة لهذا الغرض، تتسع الناقلة الواحدة لعشرين طنًا من الماء، ويتم العمل على تنظيفها وتعقيمها بشكل مستمر من قبل مراقبي السقيا، عبر نموذج وبرنامج خاص لغسيل الناقلات، وبعد الانتهاء من التغسيل والتعقيم وقبل إرسال الناقلة إلى مكة المكرمة يقوم المراقب الخاص بإغلاق الأقفال العلوية والسفلية وتسليم المفتاح لمدير إدارة السقيا، ثم تعبئتها في مكة بدرجات عالية من الحرفية والدقة، وبعد وصولها إلى المدينة يقوم المراقب بفتح القفل السفلي الخاص بالتفريغ وأخذ عينة وإرسالها إلى المختبر للتأكد من سلامة الماء، ومن ثم يقوم فني المختبر بعمل فحص كيميائي وتقرير بيولوجي وإرساله لإدارة السقيا يوميًا، وحين التأكد من سلامة المياه يُسمح للناقلات بتفريغ المياه في الخزانات الرئيسة مرورًا بفلاتر قطنية على حسب سعة الخزان، وبعدها يتم التنسيق مع إدارة التشغيل والصيانة لسحب مياه زمزم من الخزان الرئيس إلى خزانات فرعية من خلال مضخة ممتدة تحت الحرم النبوي. حيث يقوم المختصون بتعقيمها وتبريدها، وتحديد وقت محدد لا يتجاوز 120 دقيقة لتعبئة الحافظات وتجهيز الكوادر البشرية، ومن ثم يبدأ العمل بنقل المياه إلى الحافظات من نقاط خاصة وتغلق جيداً وتوزع على جميع مرافق المسجد النبوي الشريف، وقد خصصت إدارة السقيا مراقبين على مدار اليوم لمتابعة نظافة الخزانات، والتأكد من شهادات العمال الصحية، ومتابعة درجات برودة الماء والجو، وأخذ عينات عشوائية من فني المختبر، وتقوم أيضًا إدارة السقيا بتوفير عمال يقومون بشكل متواصل بمراقبة وتنظيف وصيانة الحافظات والتأكد تعبئتها بشكل مستمر داخل المسجد النبوي وساحاته.

العمليات الميدانية

من العمليات الميدانية، حسب نفس المصدر، يقوم المراقب الميداني بالتنسيق مع الجهات المزودة لتحديد عدد الحافظات المراد تأمينها، ثم متابعة برنامج غسيل الحافظات والتأكد من نظافتها، ومراقبة تأمين كاسات الشرب، ومراقبة نوافير المياه، وتنظيم الزوار لاستفادة أكبر عدد ممكن من الخدمة المقدمة، ومتابعة تأمين وتبديل الحافظات في جميع أنحاء المسجد النبوي، والتأكد من ارتداء العمالة القائمة على عملية الغسيل في المحطة، وتغيير ليات التعبئة، ونظافة العربات الناقلة للحافظات.

16 ألف حافظة

وخلاصة هذه الجهود المباركة تُوَزع يوميًا قرابة 16 ألف حافظة ثابتة على الأرض ويعاد تعبئتها ثلاث مرات، وتغسيل وتعقيم وتجهيز 3000 حافظة وتوزيع المياه لأكثر من ثلاث مئة موقع في المسجد النبوي، وتسخير الأدوات والمعدات لخدمات السقيا من مراكز التبريد والعربات المخصصة للنقل، وتوزيع عبوات زمزم مع تجهيز حقائبها ويبلغ عددها ثلاث مئة ألف عبوة زمزم يوميًا و120 حقيبة محمولة على الظهر و15 عربة متحركة ولكل عربة طاقة بحمل 900 عبوة، و80 علبة للحقيبة الواحدة، وتجهيز عربات لذوي الاحتياجات الخاصة لتسهيل شرب زمزم لهم من الحافظات الثابتة.

وجميع هذه الجهود يعمل بها 350 فردًا و70 عربة لتوزيع حافظات زمزم و10 مقطورات لنقل الماء للساحات و7 عربات كهربائية لتوزيع الماء داخل أروقة المسجد النبوي، جهودٌ تؤكد تأصيل العناية وشرف الخدمة على مدى قرون، من كرمٍ متوارث إلى حامليه وبقصة ابتدأت بنبع ماء وما زالت تُروى حتى تروي القلوب والنفوس بعذب السيرة والمسيرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *