منوعات

اكتشاف مثير .. ديدان تقدم حلا قد يكون جذريا في محاربة التلوث البلاستيكي

يمثل الاكتشاف الجديد حول قدرة بعض أنواع الديدان على التخلص من البلاستيك اختراقا علميا مهما لمواجهة أخطار التلوث البلاستيكي الذي يعتبر أحد التهديدات البيئية للحياة البشرية.

وحسب تقييم نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أكتوبر 2021، فإن جسم الإنسان عرضة لخطر التلوث البلاستيكي، إذ يتم تناول مخلفات البلاستيك من خلال المأكولات البحرية والمشروبات وحتى الملح الشائع. كما أن هذه المخلفات تخترق الجلد ويتم استنشاقها عندما تكون عالقة في الهواء.

وحسب نفي المصدر، في مصادر المياه، يمكن أن يتسبب هذا النوع من التلوث في حدوث تغيرات هرمونية واضطرابات في النمو وتشوهات في الإنجاب وحتى السرطان.

ديدان تعزز الأمل

حسب قناة يورو نيوز، اكتشف عدد من العلماء أن الديدان يمكن أن تكون أداة مفيدة في التخلّص من البوليسترين، أحد أنواع البلاستيك الأكثر شيوعاً في عدد من المنتجات الاستهلاكية كالتغليف وأدوات المائدة ذات الاستخدام الواحد، تفادياً لما يسببه من تلوث للمحيطات وتهديد للحياة البحرية أو لدفنه في مطامر النفايات، إذ أن إعادة تدويره ليست متاحة بسهولة.

فبفضل أنزيماتها المعوية، يمكن أن تشكّل يرقات الخنفساء “زوفوباس موريو” وسيلة لتحقيق معدل أعلى لإعادة تدوير البلاستيك ، وفقأً لباحثين من جامعة كوينزلاند الأسترالية.

وقال كريس رينكي الذي أدار دراسة نُشرت الخميس في مجلة “مايكروبيال جينوميكس” لوكالة فرانس برس، إن بحثاً سابقاً أظهر أن ديدان الشمع والدقيق الصغيرة (وهي أيضاً يرقات خنفساء) معروفة بكونها تستهلك البلاستيك.

وأضاف “لذلك افترضنا أن الديدان الخارقة الأكبر حجماً يمكن أن تأكل المزيد”.

ويمكن أن يبلغ حجم الديدان الخارقة بعد نموه خمسة سنتيمترات وتتم تربيتها كمصدر غذاء للزواحف والطيور أو حتى للبشر في بعض الدول كتايلاند والمكسيك.

ووفّر رينكي وفريقه الديدان الخارقة أنواعاً غذائية مختلفة لمدة ثلاثة أسابيع، فأعطي بعضها البوليسترين، والبعض الآخر النخالة، والقسم الثالث لم يعطَ أي نوع.

معامل إعادة تدوير مستقبلية

وأتاح ذلك للباحثين، على قول رينكي، التأكد من أن “الديدان الخارقة يمكن أن تعتاش من نظام غذائي يقوم على البوليسترين وحده، حتى أنها تكتسب بعض الوزن مقارنة بمجموعة الديدان التي تم تجويعها، مما يعني أن الديدان يمكن أن تكتسب طاقة بتغذّيها من البوليسترين”.

ومع أن الديدان الخارقة التي غذيت بالبوليسترين أكملت دورة حياتها وأصبحت خنافس بالغة، بيّنت الاختبارات أن أحشاءها تفتقر إلى التنوع الميكروبي، وأنها تحوي عناصر قد تسبب الأمراض.

وتعني هذه النتائج، أن الحشرات يمكن أن تكتفي بالتغذي من البوليسترين، لكنّ هذا النظام الغذائي ليس مغذياً وقد يؤثر على صحتها.

ولجأ الفريق في المرحلة التالية إلى التقنية الميتاجينومية لتحليل التنوع الميكروبي في القناة الهضمية ومعرفة أي نوع من الإنزيمات المشفرة جينياً يتولى التكسير الحيوي للبلاستيك.

وتتمثل إحدى طرق استخدام النتائج في تزويد الديدان الخارقة بنفايات الطعام أو المنتجات الحيوية الزراعية لتستهلكها إلى جانب البوليسترين.

وقال رينكي، إنها “قد تكون وسيلة لتحسين صحة الديدان وحل مشكلة الكميات الكبيرة من نفايات الطعام في الدول الغربية”.

ومع أن تربية المزيد من الديدان تشكّل أحد الخيارات الممكنة لتحقيق هذا الهدف، يطرح رينكي حلاً آخر يقوم على إنشاء مصانع إعادة تدوير تقلّد ما تفعله اليرقات، وهو تمزيق البلاستيك أولاً ثم التخلص منه.

وقال الباحث الذي يعتزم إجراء أبحاث إضافية لتحديد الإنزيمات الأكثر فاعلية ثم العمل على تحسينها من خلال هندسة الإنزيمات “ما نريده في النهاية هو حذف الديدان الخارقة من المعادلة” والاستغناء عنها.

هل هو البديل المنتظر؟

يطرح السؤال حول ما إذا كان الاكتشاف الجديد والآفاق الجديدة التي يفتحها في مجال تدوير البلاستيك سيعتبر بديلا حيويا لما أثاره التقييم الذي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أكتوبر 2021، والذي استبعد حل أزمة التلوث البلاستيكي من خلال إعادة التدوير.

وكان التقييم قد حذر من البدائل الضارة، مثل البلاستيك الحيوي أو القابل للتحلل الحيوي، والذي يشكل حاليا تهديدا مشابها للبلاستيك التقليدي.

وبحث التقييم أيضا في الإخفاقات الناجمة عن السوق، مثل انخفاض سعر المواد الأولية للوقود الأحفوري البكر (أي مادة بيولوجية متجددة يمكن استخدامها مباشرة كوقود) مقارنة بالمواد المعاد تدويرها، والجهود غير المترابطة في الإدارة الرسمية وغير الرسمية للنفايات البلاستيكية، ونقص الإجماع بشأن الحلول العالمية.

ودعا التقييم بدلا من ذلك، إلى التخفيض الفوري في إنتاج البلاستيك واستهلاكه، ويشجع على التحول عبر سلسلة القيمة بأكملها.

كما دعا التقييم إلى الاستثمار في أنظمة مراقبة أكثر قوة وفعالية لتحديد مصادر البلاستيك وحجمه ومصيره. في نهاية المطاف، من الضروري التحول إلى النُهج الدائرية وإيجاد المزيد من البدائل.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *