خارج الحدود

عكس أمريكا وفي نفس اليوم.. ألمانيا تعزز الوضع القانوني للإجهاض بمزيد من حماية أطبائه

في نفس اليوم يخسر “الحق في الإجهاض” معركة في أمريكا ليربح أخرى في ألمانيا. ويحتفل المحافظون الأمريكيون بعرس انتصار المحكمة العليا لهم فيما دخل محافظو ألمانيا في حالة حداد على إثر قرار للبرلمان الألماني صدمهم.

وفيما اندلع جدل سياسي واحتقان اجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية قرار المحكمة العليا التي أنهت ضمان الحق في الإجهاض، تلقى المحافظون في ألمانيا صفعة مؤلمة بتصويت البرلمان على إنهاء قانون قديم يمنع الأطباء من إعطاء معلومات للعموم عن الإجهاض.

وتكشف التطورات الأخيرة حول الإجهاض أن معاركه السياسية والحقوقية والدينية لن تنتهي.

البرلمان الألماني ينهي حظرا نازيا

صوت البرلمان الألماني، الجمعة، على إنهاء حظر الحقبة النازية الإعلان عن عمليات الإجهاض، حسب قناة الحرة، وهو الإجراء الذي عوقب بموجبه أطباء قدموا معلومات عن هذه النوعية من العمليات.

ورغم تجاهل قانون العقوبات لهذا النص منذ سنوات، أثيرت مؤخرا العديد من القضايا المرفوعة ضد أطباء، مما أسفر عن حملة لنشطاء حقوق الإجهاض لرفع الحظر، حسبما تشير صحيفة نيويورك تايمز.

والإجهاض في ألمانيا قانوني حتى الأسبوع الـ12 من الحمل، وبعد جلسة استشارية إلزامية.

وفي تغريدة، كتبت طبيبة أمراض النساء في وسط مدينة كاسل، نورا سزاسز: “هذا هو يومنا”. وأضافت مشيرة إلى الفقرة المحذوفة من قانون العقوبات: “يسقط # 219 أ ومعه جزء من أسوأ رعاية للمرأة”.

ومع قرار المحكمة العليا الأميركية، الجمعة، بإلغاء الحكم الصادر في عام 1973 في قضية (رو ضد ويد) الذي أباح الإجهاض في الولايات المتحدة، جاء قرار البرلمان الألماني ليطرح وجهة نظر معاكسة واسعة بشأن هذه القضية.

وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر: “بإلغاء المادة 219 أ من قانون العقوبات، فإننا نعزز حق تقرير المصير وسلامة جميع النساء”.

وجرت عملية التصويت، التي أدلت برفع الأيدي في البرلمان الألماني، من قبل الائتلاف الثلاثي الحاكم والحزب اليساري المتطرف.

وأوقف الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ في ألمانيا، الذي أدار الحكومات الأربع السابقة في عهد أنغيلا ميركل، الجهود السابقة لحذف الفقرة من القانون وصوت ضد الإجراء، الجمعة.

وقبل التصويت، قالت العضوة الديمقراطية المسيحية في البرلمان، إليزابيث وينكلماير بيكر: “لا نريد إعلانا عاما عن عمليات الإجهاض على الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي”. كما عارض مشرعون آخرون الحظر.

لكن الحكومة الجديدة، برئاسة المستشار أولاف شولتس، وعدت بإلغاء الحظر في اتفاقها الائتلافي.

وقالت وزيرة شؤون الأسرة ليزا باوس للمشرعين قبل التصويت: “اليوم هو يوم عظيم للأطباء وقبل كل شيء لجميع النساء في هذا البلد”.

ويسلط الإجراء الألماني الضوء أيضا على الانقسام الأيديولوجي حول هذه القضية داخل الاتحاد الأوروبي. ففي بولندا المجاورة، التي لا تبعد حدودها سوى ساعة واحدة بالسيارة عن برلين، تُحظر جميع عمليات الإجهاض.

وفي حين أن كلا من بلجيكا وهولندا المجاورتين يحددان فترات إلزامية للإجهاض، وتفرض فرنسا على النساء اللواتي يسعين للإجهاض الخضوع لاستشارتين، لم تحظر أي دولة أوروبية أخرى نقل المعلومات حول عمليات الإجهاض بالطريقة التي اتبعتها ألمانيا.

وخلال الجلسة، قال وزير العدل ماركو بوشمان للنواب: “حقيقة منع الأطباء المؤهلين تأهيلا عاليا من تقديم معلومات واقعية بشأن عمليات الإجهاض هو أمر سخيف، ولا يتناسب مع الزمن، إنه غير عادل وهذا هو السبب في أننا ننهي هذا الوضع”.

تنديد أممي ودولي واحتقان اجتماعي بأمريكا

في الولايات المتحدة تواصلت ردود الفعل حول قرار المحكمة العليا، شملت تظاهرات لم تنج من أحداث عنف، ومواقف لرؤساء الدول والأمم المتحدة، فيما تسابق مختلف الولايات الأمريكية الزمن للتعامل مع القرار حسب ولائها السياسي.

التفاصيل التالية، عن قناة الحرة:

+ احتجاجات وعنف وخوف على حقوق أخرى

تواصلت الاحتجاجات، السبت، في أنحاء الولايات المتحدة غداة إلغاء المحكمة العليا الحق الدستوري في الإجهاض ومنحها سلطات الولايات صلاحية تقنينه أو تجريمه.

تجمع عشرات الأشخاص في منتصف النهار أمام مبنى المحكمة العليا في واشنطن ويتم الاستعداد لتنظيم احتجاجات في أنحاء البلاد ولا سيما في الولايات التي منعت عمليات الإجهاض فور صدور القرار القضائي.

انطلقت الاحتجاجات مع إلغاء المحكمة العليا حكمها الصادر عام 1973 في القضية المعروفة باسم “رو ضد واد” وذلك بعدما اعتبر غالبية قضاتها المحافظين أن “لا أساس له على الإطلاق”.

أما الرئيس جو بايدن الذي ندد فورا بالقرار معتبرا أنه “خطأ مأساوي”، فقال السبت قبل أن يتوجه إلى أوروبا إنه يعلم “كم هو مؤلم ومدمر هذا القرار لكثير من الأميركيين”.

وكان الرئيس قد دعا، الجمعة، الأميركيين إلى الدفاع عن الحق في الإجهاض خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر.

في ولاية ميسوري التي حظرت الإجهاض فور صدور القرار بدون استثناء حالات الحمل الناتجة من الاغتصاب أو سفاح القربى، تجمع متظاهرون في سانت لويس خارج عيادة الإجهاض الأخيرة في الولاية.

كما يخشى المدافعون عن الإجهاض أن تلغي المحكمة العليا حقوقا أخرى مثل زواج المثليين أو وسائل منع الحمل بعد أن صار غالبية أعضائها محافظين.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير على متن الطائرة الرئاسية، السبت، إن هذا الاحتمال “يقلقنا” و”سيكون وضعا مروعا”، معتبرة أن البلاد تشهد “لحظة مخيفة”.

ومن بين التظاهرات العديدة، الجمعة، شهدت اثنتان أعمال عنف، ففي سيدار رابيدز بولاية أيوا صدمت شاحنة صغيرة مجموعة من المتظاهرين ما أدى إلى إصابة امرأة وفق وسائل إعلام محلية.

وفي ولاية أريزونا، أقرت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين “ضربوا مرارا نوافذ مجلس الشيوخ المحلي”.

في لوس أنجليس، فرق عناصر الشرطة تظاهرة بالقوة مستعملين الهراوات.

+ سباق متناقض في الولايات

وبينما أغلقت عيادات الإجهاض في ميسوري وساوث داكوتا وجورجيا أبوابها الواحدة تلو الأخرى، تعهدت الولايات التي يحكمها الديموقراطيون مثل كاليفورنيا ونيويورك مواصلة بإجراء العمليات على أراضيها.

ووفق “معهد غوتماشر” الذي يقوم بحملات دولية من أجل توفير وسائل منع الحمل والإجهاض، من المتوقع أن تحظر نصف الولايات الأميركية عمليات الإجهاض في المستقبل المنظور.

وبعد ساعات من صدور القرار الجمعة، حظرت ثماني ولايات على الأقل كل عمليات الإجهاض.

وتعتزم سبع ولايات أخرى حظرها في الأسابيع المقبلة، وفي غضون ذلك توقفت العيادات فيها عن إجراء عمليات الإجهاض، كما هو الحال في تكساس.

في قسم من البلاد، ستُجبر النساء الراغبات في الإجهاض على مواصلة حملهن أو الإقدام على ذلك سرا لا سيما من طريق الحصول على حبوب الإجهاض عبر الإنترنت، أو السفر إلى ولايات أخرى تسمح به.

وتوقعا لتدفق عدد كبير من الراغبات في الإجهاض، اتخذت تلك الولايات وغالبيتها ديموقراطية تدابير لتسهيل الإجهاض على أراضيها وبدأت العيادات في تعزيز مواردها من الموظفين والمعدات.

+ الأمم المتحدة: القرار ضربة موجعة

أعلنت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، في الأمم المتحدة، الجمعة، أن إلغاء الحق في الإجهاض الذي قررته المحكمة الأميركية العليا “يشكل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء”.

وقالت، ميشيل باشليه، في بيان، إن “الحق في الاجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذر بعمق في القانون الإنساني الدولي وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهن على القيام بخياراتهن بأنفسهن”، مبدية أسفها لقرار “يشكل تراجعا كبيرا”.

واعتبرت أنّ “القرار ينتزع استقلالية ملايين النساء في الولايات المتحدة، خصوصاً ذوات الدخل المنخفض واللواتي ينتمين إلى أقليات عرقية وإثنية، (ويأتي) على حساب حقوقهن الأساسية”.

وذكّرت باشليه بأن أكثر من 50 دولة خفّفت من قوانينها التي تقيد الإجهاض في السنوات الـ 25 الماضية.

وقالت “قرار اليوم يبعد الولايات المتحدة عن هذا الاتجاه التقدمي”.

+ تعليقات زعماء العالم

ووصف زعماء العالم والمدافعون عن حقوق الإجهاض الحكم بأنه “مروع ومرعب”.

وبعد دقائق فقط من الحكم، كتبت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون على تويتر: “أحد الأيام الأكثر ظلمة بالنسبة لحقوق المرأة في حياتي”.

كما وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو القرار بأنه “مروع”، قائلا إنه “لا ينبغي على أي حكومة أو سياسي أو رجل أن يخبر المرأة بما يمكنها فعله وما لا تستطيع فعله بجسدها”.

وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر: “الإجهاض حق أساسي لجميع النساء. أعبر عن تضامني مع النساء اللواتي طعنت المحكمة العليا الأميركية في حرياتهن”.

وفي السنوات الأخيرة، تحركت دول مثل الأرجنتين وكولومبيا وأيرلندا والمكسيك لتوسيع إمكانية الإجهاض. ورفعت المحكمة العليا في المكسيك صفة الجريمة عن الإجهاض، في سبتمبر الماضي.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *