مجتمع

الصردي .. السوبر خروف الذي يرى ويأكل ويمشي في سواد

ما من مغربي إلا ويرى أن سلالة الصردي هي أفضل سلالة من بين سلالات الأغنام. وهذا الرأي العام يفرض سلطته على سوق الأغنام كل عيد أضحى في متلف مناطق المغرب.

وهذه المكانة التي اكتسبها “السوبر خروف” لدى المغاربة لم تكن وليد دعاية إعلامية ولا نتيجة دراسة علمية بل فرضها الصردي بـ”جماله” هيئة وألوانا التي شكلت “ماركة” تجارية بتنافسية عالية، ذلك أن ذلك “الجمال” أعطاه مكانة سوسيو ثقافية لا تنافسه فيه أية سلالة أخرى، لذلك فهو أغلاها سعرا.

مواصفات تنافسية طبيعية

ومواصفات هذه “الماركة” التي ينافس بها الصردي باقي السلالات خاصة في عيد الأضحى يلخصها المغاربة بشكل دقيق في ثلاث مواصفات “يأكل من سواد وينظر بسواد ويمشي على سواد”.

ذلك أن خروف “الصردي” الذي يجمع المغاربة على كونه أجمل سلالات الأغنام ويلقبونه بـ”سيد الأكباش”، يتميز بطوق السواد المحيط بعينيه ومقدمة وجهه ونهاية أقدامه. كما يتميز ببنيته القوية وعلو قامته، إلى جانب صوفه الأبيض الخالي من البقع والذي يختفي عند منطقة البطن والرأس والأرجل.

وحسب “سكاي نيوز عربية”، تكتظ أسواق المملكة خلال هذه الفترة بالراغبين في اقتناء هذه السلالة التي تحظى بشعبية كبيرة مقارنة بباقي الأصناف الأخرى، فضلا عن جودة لحومها.

وتختلف سلالات الأغنام في المغرب باختلاف المناطق، ومن بينها سلالة “أبي الجعد” و”بني مكيل” و”تمحضيت”، غير أن سلالة “الصردي” تبقى الأكثر شهرة وتميزا والأغلى سعرا في أسوق الماشية.

ويقدر قطيع “الصردي” في المملكة، حسب نفس المصدر، بـ2.5 مليون رأس، وينتج حوالي مليون حمل في العام، ويوفر ما يقرب من 300 ألف خروف موجه للذبح في عيد الأضحى، كما يساهم في إنتاج 4800 طن من اللحوم الحمراء، بحسب بيانات رسمية لوزارة الفلاحة المغربية.

سر الإقبال عليه رغم الغلاء

وتعد منطقتا الشاوية والرحامنة، وسط المغرب، الموطن الأصلي لسلالة “الصدري” التي تتميز بتكيفها مع الظروف البيئية الصعبة. ويتشبث مربو الماشية في المنطقتين المذكورتين بهذه السلالة التي ورثوا تربيتها عن أجدادهم.

وبمنطقة ابن مسكين، إحدى معاقل سلالة الصردي، حمل عبد الهادي ولد عاشور المشعل من أسلافه “الكسابة” (مربيو الماشية)، حيث تشتهر المنطقة باحتضانها لهذا الصنف من الأغنام.

ويقول ولد عاشور، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، إن الشكل الجميل الذي يميز خروف “الصردي” وقامته اللافتة للانتباه، من الأسباب التي تزيد من الإقبال على هذا النوع من المواشي دون غيره.

وبغض النظر عن مظهره، يشدد ولد عاشور على الأهمية التي تكتسيها التغذية والأعلاف التي تتناولها هذه الأغنام، مبرزا أن الأعلاف الطبيعية تعد الأفضل لسلالة “الصردي”، وأن التجارب التي اكتسبها في هذا المجال أثبتت نجاعتها في تكوين سلالة توفر لحوما ذات جودة عالية، مما يفسر الإقبال الكبير عليها من قبل المواطنين بالرغم من سعرها المرتفع مقارنة بالأصناف الأخرى.

وأوضح المتحدث لنفس القناة أن المغاربة يقبلون على اقتناء “الصردي” رغم اختلاف شرائحهم الاجتماعية وقدراتهم الشرائية، لافتا إلى أن سعره يتراوح عموما بين  200 و1700 دولار للخروف الواحد (ما بين 2000 درهم و17 ألف درهم)، فيما يتراوح وزنه بين 30 و80 كيلوغراما.

ويشير مربي الأغنام إلى أن جهودا كبيرة تبدل من قبل عدة جهات مهتمة بالقطاع، من أجل تثمين هذه السلالة الأصيلة التي تتكيف مع المراعي الجافة.

كبش بقيمة سوسيو ثقافية عالية

ويرتفع الطلب على صنف “الصردي” بشكل ملموس بمناسبة عيد الأضحى، على الرغم من ارتفاع سعره مقارنة بباقي الأصناف الأخرى والتي تعرف بدورها بجودة لحومها.

وفي هذا الصدد، يقول منير، رب أسرة من مدينة الدار البيضاء، لـ”سكاي نيوز عربية”: “لم يمض عيد دون أن نقتني خروفا من نوع الصردي، إنه تقليد بات متوارثا داخل العائلة، وبالرغم من وعينا بأن جودة لحوم الأغنام ترتبط بمكونات الأعلاف وظروف تربيتها إلا أننا بقينا مخلصين لهذا الصنف خاصة خلال هذه المناسبة الدينية”.

ويعتبر خروف الصردي “سيد الأضاحي”، حسب منير، بالنظر إلى شكله وقوامه والشهرة الواسعة التي اكتسبها لدى المغاربة على مر السنين.

ويضيف مازحا: “لن يغفر لي أبنائي، إن اكتفيت باقتناء خروف من صنف آخر”. مشددا على أن وجود خروف الصردي في البيت بات مصدر سعادة بالنسبة لهم خلال العيد.

بدوره، يشدد عبد العالي على حرصه الدائم على اختيار سلالة “الصردي” كأضحية للعيد، مؤكدا أن ذلك يعتبر عادة سنوية بالنسبة للعائلة.

وأبرز عبد العالي لـ”سكاي نيوز عربية” أن سبب اختياره منذ سنوات لخروف الصردي، هو شكله الجميل وبياض صوفه وبنيته القوية، مؤكدا أيضا على جودة لحمه وطعمه المتفرد.

ويضيف: “على الرغم من غلاء الأغنام وبلوغ ثمن الصردي أسعارا غير مسبوقة هذه السنة جراء ارتفاع أسعار الأعلاف والجفاف الذي طال العديد من المناطق بالبلاد، فإن كل ذلك لم يمنعني من اقتناء خروف “صردي” أو من التنقل إلى المناطق التي تشتهر بتربية هذا النوع من الأغنام”.

تثمين سلالة الصردي

وينظم في المغرب معرض وطني خاص بسلالة “الصردي” يهدف إلى تبادل المعلومات والوقوف على التقدم التكنولوجي في الإنتاج الحيواني، وتشجيع تربية الأغنام وتعزيز الموروث الجيني لسلالة “الصردي” باعتبارها ثروة وطنية.

وتحرص المملكة على تثمين وتطوير هذا الصنف ومساعدة الفاعلين في القطاع من أجل تجويد تقنيات الإنتاج والتسويق، كما يعمل الأطباء البيطريين على مواكبة المهنيين وتزويدهم بالطرق العلمية الأنسب لتربية ورعاية هذا النوع من الأغنام.

وأكد بدر طناشري الوزاني، رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، أن سلالة “الصردي” تحتل مكانة هامة ضمن تربية الأغنام في المملكة، لافتا إلى أنه يتم سنويا اختيار فحول أصيلة ذات جودة عالية وصفات جينية، بهدف تحسين النسل والمحافظة على هذه السلالة.

ويشير الوزاني، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، إلى أنه رغم الشهرة التي يحظى بها “الصردي” في المغرب، إلا أن جودة لحومه لا تختلف كثيرا عن باقي السلالات الأخرى التي تنتشر في مناطق متفرقة من المملكة.

ويوضح المتحدث أن ما يصنع الفارق في جودة الأغنام باختلاف أصنافها يكمن في نوعية الأعلاف المعتمدة في تغذيتها، وفي التباين بين مكوناتها، حيث يبرز تميز الأعلاف الطبيعية وأهميتها في النمو السليم للقطيع، عن الأعلاف المصنعة والمركبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد
    منذ سنتين

    صحيح أن خروف الصردي يتميز بجماله و قامته لكن من حيث جودة اللحوم تبقى سلالة "الدغمة"بمدينة بوعرفة (الجهة الشرقية) افضل انواع اللحوم (جرب ورد عليا الخبار).

  • سعيد
    منذ سنتين

    من بين الاسباب الرئيسية لشهرة الصردي هو كون أضحية الملك تكون من هءه السلالة. تصوروا ان اعواما مضت مند عهد الراحل الحسن التاني نرى في التلفزيون مباشرة اضحؤة العيد من هذا الصنف من الاغنام مما ترسح في ذاكرتنا الجماعؤة ان الصردي هو اجمل واغلى خروف واعطيت له صورة في بعض الاحيان قريبة من الواقع واحيانا اخرى مبالغ فيها مما اعطى الفرصة لبعض السماسرة التلاعب في الاسعار والمساس بقدر ة الناس الشرائية

  • مغربي حر
    منذ سنتين

    للتصحيح أيها الكاتب،كلنا مغاربة ونحب مملكتنا الحبيبة الغالية ويبقى التنافس بين المناطق المغربية عادي جدا،إلا أنه هناك حقيقة واحدة معروفة لدى جميع المغاربة وهي أن الصردي موطنه الأصلي بني مسكين،نعم بني مسكين هي الموطن الأصلي لسلالة الصردي،لا الرحامنة ولا سطات،الصردي الحين يوجد في جميع مناطق المغرب ولكن للحق خروف الصردي من بني مسكين ألذ بكثير من غيره في باقي أنحاء المملكة،انتهى الكلام وهذا للتوضيح فقط.