مجتمع

الهيئة العليا للصحة.. أي دور للنهوض بمنظومة الصحة بعد أزمة كورونا؟

كورونا بريطانيا

صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس المنعقد الأربعاء 13 يوليوز 2022، على إحداث الهيئة العليا للصحة وإحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية وإحداث وكالة للدم ومشتقاته.

تأتي المصادقة على مشروع إحداث الهيئة العليا للصحة، بعد عرض قدمه وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمام الملك يتعلق بمشروع إصلاحي للنهوض بوضع المنظومة الصحية ببلادنا، لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي أمر به ملك البلاد.

وأوضحت الحكومة في وقت سابق، أن إحداث الهيئة العليا للصحة، من شأنه ضمان استمرارية السياسة الصحية بالمملكة وجودتها، خاصة بعدما أبانت عليه جائحة كورونا من حاجة ملحة إلى توحيد السياسات الصحية ببلادنا، إذ أكد رئيس الحكومة، على أن هذه الهيئة سيكون لها بعد استراتيجي هام، حيث “ستعمل على تقنين التغطية الصحية الإجبارية عن المرض وتقييم نجاعة أداء وجودة الخدمات المقدمة من طرف مختلف الفاعلين بالقطاعين العام والخاص”.

في هذا السياق، كشف المحلل السياسي حسن بلوان، أنه “بعد المصادقة على مشروع الحماية الاجتماعية، أخذت المنظومة الصحية اهتماما خاصا باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق مشروع الدولة الاجتماعية، وهو ما تجسده الحكومة الجديدة سواء على مستوى تركيبتها أو بروفايلات الوزراء وصولا إلى البرنامج الحكومي الذي يركز على الحماية الاجتماعية والنهوض بقطاع الصحة بصفة عامة انطلاقا مما جاء به النموذج التنموي الجديد”.

وأضاف بلوان في تصريحه لجريدة “العمق”، أن “السياق الذي انطلقت خلاله الحكومة الحالية، عرف تحديات ثلاثية، تتجسد في تداعيات أزمة كورونا، وموجة الجفاف التي عرفتها بلادنا، ثم الصراع الروسي الأوكراني، وكلها تحديات انعكست ربما على الطموحات التي أتت بها الحكومة في إطار ما جاءت به في إطار تحقيق الدولة الاجتماعية”، مضيفا “أن مشروع إحداث هيئة عليا للصحة، جاء لإعادة بلورة هذا الطموح”.

وأكد بلوان أن “جائحة كورونا ما زالت ترخي بظلالها على المنظومة الصحية ببلادنا، والمغرب اليوم في حاجة ماسة إلى هيئات كالهيئة العليا للصحة للإقلاع بالقطاع الصحي، خاصة وأن هذه الحكومة تركز على تجاوز مجموعة من المشاريع التي قدمتها الحكومات السابقة”، مؤكدا “أن مشروع الهيئة العليا للصحة الذي يعتبر مشروعا ملكيا طموحا، سيسهم في ترسيخ السيادة الصحية للمغرب وبالتالي تحقيق الأمن الصحي لبلادنا”.

من جهته، كشف مصطفى كرين رئيس المركز الوطني للعدالة الاجتماعية، في تصريح لجريدة “العمق”، أنه كان من أول من طالب بإحداث الهيئة العليا للصحة من أجل تدبير الشأن الصحي بالمغرب وتوحيد السياسات وتفادي تداخل الاختصاصات وقلة الموارد البشرية، وهو المشروع الذي عملوا عليه منذ سنة 2013، وتم وضعه بالديوان الملكي وعرضه على الفاعلين الحزبيين في سنة 2019″، مشيرا إلى أن ما فاجأهم في الموضوع “عدم إشراكهم من طرف الحكومة في بلورة هذا المشروع”.

وأضاف كرين قوله “نشكر الملك لأنه استجاب لضرورة إحداث هيئة عليا للصحة، ولكن نستغرب إقصاء الحكومة لأصحاب المشروع وعدم إشراكهم في بلورته”، مردفا أنه “في 2013 التقى وزير حقوق الإنسان حينها مصطفى الرميد الذي أشاد بالمشروع ليتفاجؤوا فيما بعد أنهم وضعوه كمقترح بالبرلمان باسم العدالة والتنمية”.

وعبر كرين عن خشيته من “أن يتم إفراغ هذه الهيئة من محتواها والتعامل معها كمؤسسة استشارية، معربا عن تخوفه من التعامل مع المؤسسة بنوع من الريع من خلال تعيينات المقربين من ذوي القرار، مضيفا أن إحداث هذه الهيئة يجب أن يصاحبها توظيف كفاءات قادرة على القيام بالمهام المناطة بها”.

وأشار المتحدث إلى “أن عدد من المؤسسات بالمغرب تعاني مشكل تداخل الاختصاصات وتقع بالتالي في تضارب للمصالح، وعندها لا نعرف من يفعل ماذا”، لافتا إلى أن “المفروض في هذه الهيئة يقول رئيس المركز الوطني للعدالة الاجتماعية، هو القيام بتنظيم وتوحيد السياسة الصحية ببلادنا وأن تكون لها القدرة على بلورة معايير ذات الصلة بصحة المواطن المغربي ابتداء من ولادته إلى نهاية حياته، وأن تكون للهذه الهيئة كذلك، القدرة على الإشراف على الأزمات الصحية التي يمكن أن يشهدها المغرب مستقبلا، وألا  يكرر السيناريو الذي وقع في أزمة كورونا حيث وجد المغرب نفسه في حالة تخبط لأنه لم تكن لنا هيئة توحد سياسات التدخل ولا توقُع ما سيحدث”.

وأبرز كرين أن “الأزمات المقبلة ستكون أسوأ من التي مرّت، وبالتالي إن لم تكن لنا هيئة عليا للصحة ذات كفاءات عالية قادرة على التدبير الأمثل لسياسات قطاع الصحة، فمعناه سنقع في مشاكل صحية أخرى”، قائلا “في مشروعنا أشرنا إلى أن الأمن الصحي أصبح جزء لا يتجزأ من الأمن القومي، لأن أي بلد يمكن أن يشهد حالة فوضى إذا غاب عنها الأمن الصحي”.

وشدد مصطفى كرين على ضرورة جعل الهيئة العليا للصحة ذات مهمة تقريرية قادرة على تتبع الشأن الصحي وأن ترصد لها ميزانية كافية، حيث ستكون لها مهام الإشراف على التكوين المستمر بالمؤسسات والجامعات كما في دول أخرى”، وقال إذا “انحصرت الهيئة في دور استشاري فلا أحد سيتبع ما تقوله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *