وجهة نظر

حمى الاستهلاك أقوى من “الهاشتاك”

الدخول المدرسي على الأبواب، وما يتطلب من مصاريف التسجيل، وشراء اللوازم المدرسية التي تتحدث الأخبار عن زيادات مرتقبة في أسعارها.

مع ذلك، فالمدن الساحلية ممتلئة عن آخرها، بسكانها وزوارها، والشوارع والطرقات تفيض بالسيارات على الرغم من ارتفاع أسعار المحروقات، وكل المتاجر والأسواق تعرف ازدحاما إلى أن تقفل أبوابها. فهل تملك الأسر ما يكفي من مدخرات لتغطية مصاريف العطلة والدخول المدرسي؟ أم أن الانزلاق وراء الاستهلاك يجعل البعض يتناسى ما هو مقبل عليه.

ولعل الجواب حول مدى تغطية القدرة الشرائية للمغاربة لكل متطلباتهم، يكمن في أرقام بنك المغرب، التي نبهت إلى الارتفاع في قروض الاستهلاك خلال الفصل الأول من سنة 2022 بنسبة 6,5 في المائة. تقرير آخر قدمته مديرة الإشراف البنكي، يشير إلى أنه لحدود ماي الماضي تم تأجيل سداد 122,4 مليار درهم من القروض بفعل صعوبات تواجهها المقاولات أو الأشخاص عند التسديد.

والإقبال على قروض الاستهلاك مقابل صعوبات في أداء الأقساط يدل على خلل في التدبير المالي والإنفاق دون تخطيط، يتجاوز ما تتحمله القدرة الشرائية. وهو ما يجعل الأسر أو الأفراد في مواجهة معضلات مالية تتراكم باستمرار، تسفر عن تبعات اجتماعية ونفسية، وتؤثر سلبيا على الجميع.

صحيح أن الاستهلاك يدير عجلة الاقتصاد، ويساهم بقسط مهم في الضرائب، وينعش الوظائف الموسمية.كما تستفيد منه المؤسسات المصرفية والقطاع الخاص.

لكن، في هذه السلسلة توجد حلقة ضعيفة، وهو المواطن الذي أصبح هدفا لأحدث نظريات التسويق الرقمي، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في تجميع المعلومات، ثم توقع الرغبات وإطلاق الإعلانات التجارية بشكل أكثر دقة ونجاعة.

فالمستهلك يترصده الجميع، بما في ذلك القطاع الغير المهيكل، وهو ببساطة كومة نقود في أعين الآخرين. هذا المواطن لا يستفيد من ضمانات أو حماية كافية من الغش أو الاحتيال في الحصول على ما يقدم نظيره من مال. فتجده في كثير من الحالات يدفع ثمنا مبالغا فيه مقابل خدمة لا تستجيب للمعايير المدرجة في دفتر التحملات ومخالفة لما في الإعلانات التجارية. بل وقد تكون خطرا على حياته، كالأكل الفاسد أو الاستحمام في مسبح غير نظيف.

ومن المفارقات العجيبة أن تجد من الأفراد من يعيش وضعا ماليا صعبا، مع ذلك يضع حول رقبته حبال قروض استهلاكية جديدة بنسب مرتفعة، لا تتردد بعض الوكالات المالية في تقديمها على الرغم من درايتها بما يواجه طالب القرض من صعوبات. والأكثر غرابة أن تجد فئة كبيرة من طالبي قروض الاستهلاك يقبلون عليها بغرض قضاء العطلة الصيفية !

من جهة أخرى، فالإقبال الكبير على المبيعات بكل أنواعها بما في ذلك المحروقات لا يعكس التضرر من ارتفاع الأسعار، بل يشجع التجار على التمسك بها وحتى زيادتها، فالسوق لا يعترف بحملات “الفيسبوك” وإنما يخضع لمنطق العرض والطلب !

لذلك فإن مقاومة ارتفاع الأسعار تمر وجوبا من مكافحة عدوى الاستهلاك.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *