وجهة نظر

ثورة الملك والشعب.. مطلب الإستمرار فيها

زعزعت مظاهر التلاحم بين العرش و الشعب في 1953 كل مؤسسات الإستعمار ببلادنا. وهب المغاربة أرواحهم فداء للأرض و الوطن وشرعية الملك الراحل محمد الخامس لقيادة الشعب. كانت ثورة زعزعت كذلك أذناب الإستعمار من قياد و شخصيات تنكرت للشعب و للمصالح العليا للوطن. هؤلاء الطغاة امتثلوا لأسيادهم و وقعوا على عريضة مسختها إرادة شعبية و جعلت منها نقطة إشعال شرارة نوع جديد للتصدي لمناورات المستعمر. و تتالت تضحيات المواطنين الشرفاء حتى أصبح الخوف و الرعب يسكن المستعمر و أذنابه إلى أن ركع الخائن التهامي الكلاوي و ازلامه أمام إرادة شعب و ملك.

إنها روح سكنت الشعب و ملكه في ظرف تاريخي عصيب . و رغم القمع و الاعتقالات و الاعدامات استمر الزخم النضالي حتى تغير الواقع و رجع الملك الشرعي إلى قيادة الوطن. الثورة مسار طويل تحميه الإرادة و قوة الإيمان بعدالة النضال و الإصرار على بلوغ الهدف الأسمى المتمثل في الانعتاق من تسلط الإستعمار. لكل هذا يجب أن تظل القوة الرمزية و النضالية لثورة الملك و الشعب نبراسا لكل معاركنا و مسيراتنا الحاضرة و المستقبلية.

كلمتا السر في نجاح هذه الثورة هما التضحية و الوفاء. هاتان الكلمتان نكاد نصرخ بأعلى صوتنا لنجعلهما حاضرتين في معاركنا ضد الفقر و الهشاشة الإجتماعية و ضعف معدلات النمو و صيانة مكاسبنا في مجالات البنيات التحتية و إعادة النظر في سياساتنا القطاعية. إننا نحتاج إلى استمرار ثورة الملك الشعب لمواجهة كل أعداء التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و اقتصاد الريع و الرشوة و ضعف الإنتاجية. ثورة الملك و الشعب لا تقبل أن تتفاقم الفوارق الإجتماعية و المجالية.

ثورة الملك و الشعب تصرخ بأعلى الأصوات لإصلاح ما افسدته بعض فئات المجتمع التي لا تفكر إلا في الاغتناء السريع عبر عرقلة التدبير الديمقراطي لإقتصاد البلاد و عبر شل المنافسة و استمرار الرشوة و عبر تغييب المحاسبة و تعطيل بناء قانوني يمكن من تفعيل مبدأ “من أين لك هذا؟” . هناك جهود بذلت منذ عقدين للحفاظ على تلك الروح التي سادت ثورة الملك الشعب و التي كانت شعلة تضيء مستقبل البلاد من أجل ديمقراطية حقيقية متشبعة بثقافة حقوق الإنسان و حافزا لتنمية البلاد اجتماعيا و اقتصاديا.

ثورة الملك و الشعب يجب أن تظل لحظة مستمرة الحضور لدمج كل فئات المجتمع في تدبير الشأن العام. إن أكبر الأخطار هي تفشي الشعور بالظلم لدى أطر البلاد و هم يرون أن نخبة تكونت و تسلطت على المواقع العليا بحكم انتماء لشبكة أو أسرة أو قبيلة. و لمن شك في هذا، فليسال تلك الأطر التي قبلت عروضا و تفوقت في بلدان لا تعترف إلا بالكفاءات.

يا من لا يعرفون إلا الطريق التي تؤدي لزيادة قوة مواقعهم و مصالحهم و ثرواتهم ، اقرؤا تاريخ بلادكم و تعرفوا على واقع بلادكم و اسمعوا جيدا ما يخاطبكم به ملك البلاد. إنها روح ثورة الملك و الشعب التي يجب أن تسكننا جميعا في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها العالم و التي تؤثر على بلادنا. إننا نبحر في مركب واحد نتمنى أن يظل صامدا أمام كل الأمواج العاتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *