سياسة

الخارجية الأمريكية: وتيرة محاربة المغرب للإتجار بالبشر ضعيفة لكنها في تقدم

سلط آخر تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية بخصوص جريمة الاتجار في البشر بمجموعة من الدول، الضوء على تعامل المغرب مع هذه الجريمة، حيث اعتبر أن حكومتها “الحكومة المغربية لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر ولكنها تبذل جهودا كبيرة لتحقيق ذلك”.

وأشار التقرير الذي اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منه، إلى أن الحكومة المغربية أظهرت جهودًا متزايدة بشكل عام في محاربة الاتجار بالبشر مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق، مبرزا أن جائحة COVID-19 أثرت على قدرة المملكة على مكافحة هذه الجريمة، مما جعل التقرير يُبقي المغرب في المستوى الثاني.

وأوضح التقرير أن جهود المغرب في محاربة الإتجار بالبشر شملت زيادة الملاحقات القضائية المتعلقة بالإتجار بالبشر، حيث حكمت المحاكم على المتجرين بأحكام سجن طويلة، كما واصلت الحكومة الشراكة مع المنظمات الدولية لتدريب المسؤولين المعنيين بمكافحة هذه الجريمة.

ومع ذلك، اعتبر التقرير، أن الحكومة لم تفِ بالمعايير الدنيا في العديد من المجالات الرئيسية؛ من بينها أن الحكومة ليست لديها تصور واضح بشأن مكافحة الظاهرة، رغم تعاونها مع منظمة دولية لوضع إجراءات معيارية ومسودة إلا أن هذه المسودة ظلت مجمدة في انتظار موافقة الحكومة للسنة الثالثة على التوالي.

وسجل التقرير أن الحكومة لم توفر المأوى أو الخدمات النفسية والاجتماعية الخاصة باحتياجات ضحايا جميع أشكال الاتجار بالبشر. ومع ذلك، واصلت تقديم الخدمات للنساء والأطفال ضحايا العنف بما في ذلك ضحايا الاتجار المحتملين، في 40 مركز استقبال يعمل به ممرضون وأخصائيون اجتماعيون في المستشفيات الكبرى، وكذلك في وحدات الحماية التابعة لوزارة العدل في المحاكم المغربية.

الملاحقات القضائية .. أرقام

سجل تقرير الخارجية الأمريكية أن السلطات المغربية حافظت على الجهود الشاملة لإنفاذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، حيث ينص القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر على عقوبات بالسجن من 5 إلى 10 سنوات وغرامة للجرائم التي تشمل ضحايا بالغين، والسجن من 20 إلى 30 عامًا وغرامة على من يتورط في جرائم ضد الأطفال، معتبرة أن هذه العقوبات تتناسب مع العقوبات على الجرائم الخطيرة الأخرى، مثل الاغتصاب.

وأبرز التقرير أنه للتكيف مع الوباء، انتقل نظام المحاكم بالمغرب إلى العمليات الافتراضية لمعظم عام 2021؛ ومع ذلك، أفادت الحكومة أن هذا أدى إلى تراكم كبير في النظام القضائي وأبلغت عن زيادة عدد القضايا المعلقة في نظام المحاكم بنسبة 34% في عام 2021 مقارنة بعام 2020، مشيرا أن الحكومة أقرت بأن الوباء والتحديات ذات الصلة أعاقت قدرتها على الجمع والإبلاغ بشكل شامل بيانات إنفاذ القانون بشأن الاتجار.

وشدد المصدر ذاته على أنه “على الرغم من التحسينات في جمع البيانات خلال الفترة المشمولة بالتقرير، لم تفصل السلطات دائمًا بين جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين؛ وبالتالي، فإن تقارير الحكومة عن التحقيق في الاتجار بالبشر، والملاحقة القضائية وبيانات الإدانة قد تشمل بدلاً من ذلك جرائم أخرى مثل تهريب المهاجرين”، معتبرا أن القبول الثقافي للاتجار بالبشر وقلة فهم الفرق بين الاتجار والتهريب بين مسؤولي إنفاذ القانون أدى إلى إعاقة جهود إنفاذ القانون.

وسجل التقرير أن الحكومة حققت في عام 2021، في 85 حالة اتجار جديدة تشمل 116 مشتبهًا في الاتجار بالجنس، و10 مشتبه بهم في الاتجار بالعمالة، و2 مشتبهًا متورطًا في أشكال غير محددة من الإتجار، على الرغم من أن هذه الحالات غير المحددة ربما تضمنت قضايا تهريب، مبرزا أن هذا الأمر كان مشابهًا مقارنة بـ 79 تحقيقًا في عام 2020.

وأفاد المصدر ذاته أنه “على الرغم من انخفاض المداولات الشخصية أمام المحاكم أثناء الوباء وتحديات التكيف مع العمليات الرقمية وتقليل عدد الموظفين، بدأت الحكومة مقاضاة 111 من المتاجرين المتهمين، وهي زيادة بـ 69 حالة مقارنة بعام 2020، مشيرا إلى أنه من بين 111 محاكمة في عام 2021، كانت 89 حالة بتهمة الاتجار بالجنس، و9 لأعمال السخرة، و13 لأشكال غير محددة من الإتجار.

وأوضح التقرير أن القضاء أدان 54 متّجرا خلال عام 2021، ضمنهم 48 من تجار الجنس وأربعة من المتاجرين بالعمالة، مسجلا انخفاضا مقارنة بـ 2020، حيث تمت محاكمة 69 شخصا، مضيفا أن الأحكام التي تم النطق بها خلال 2021 تراوحت بين 5 و20 عاما سجنا، فيما أيدت المحاكم 26 إدانة وألغت خمس إدانات عند الاستئناف في عام 2021، مبرزا أن البيانات المقارنة بخصوص سنة 2020 ليست متوفرة.

توصيات الخارجية الأمريكية

تبعا لذلك، أوصت الخارجية الأمريكية، الحكومة المغربية بالعمل على وضع اللمسات الأخيرة على الإجراءات القانونية واعتمادها وتنفيذها بشكل منهجي للتعرف بشكل استباقي على ضحايا الاتجار، لا سيما بين الفئات الضعيفة من السكان مثل المهاجرين غير المسجلين.

كما دعت إلى إنشاء وتنفيذ آلية وطنية لحمالة ضحايا الاتجار بالبشر وتدريب السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون على تطبيقها، وكذا التحقيق مع المتاجرين ومقاضاتهم وإدانتهم باستخدام قانون مكافحة الاتجار بالبشر، بما في ذلك قضايا العمل الجبري.

وأوصت بتدريب مسؤولي إنفاذ القانون والمسؤولين القضائيين ومفتشي الشغل وموظفي الرعاية الصحية على الوعي بقانون مكافحة الاتجار وتحديد الضحايا وعدم معاقبة الضحايا وأفضل ممارسات الإحالة باستخدام الآليات الحالية مع المنظمات غير الحكومية لزيادة قدرة المسؤولين على تحديد قضايا الاتجار الداخلي، وكذلك حالات الاتجار عبر الحدود، باعتبارها متميزة عن جرائم تهريب المهاجرين.

وطالبت بتوفير خدمات الحماية الكافية لضحايا جميع أشكال الاتجار بالبشر، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر المأوى، والخدمات النفسية والاجتماعية، والمساعدة القانونية، ومساعدة العودة إلى الوطن، وتصنيف بيانات إنفاذ القانون حول جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وزيادة توفير الخدمات المتخصصة للسكان المعرضين للاتجار وزيادة الدعم المالي أو العيني للمنظمات غير الحكومية التي تقدم هذه الخدمات.

وحثت الخارجية الأمريكية السلطات المغربية على ضمان عدم معاقبة الضحايا على الأفعال غير القانونية التي أجبرهم المتاجرين على ارتكابها، مثل انتهاكات الهجرة والبغاء، وتنفيذ حملات توعية على الصعيد الوطني لمكافحة الاتجار، وتنفيذ حملات توعية على الصعيد الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *