أخبار الساعة

الملك يؤدي صلاة الجمعة بمسجد “أنتاناناريفو” بمدغشقر

أدى الملك محمد السادس، مرفوقا بالأمير مولاي إسماعيل، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد أنتاناناريفو بمدغشقر.

واستهل الخطيب خطبتي الجمعة، بالتأكيد على أهمية التعامل بالحكمة والتعاون والنصيحة الحسنة، في عالم تسوده اضطرابات عديدة، من أجل تهدئة العقول والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للإنسانية، مصداقا لقوله تعالى “وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين”.

وذكر الخطيب أن الرسل كانت تحرص دائما على فعل الخير وإسداء النصيحة الحسنة لاتباعهم، مبرزا أن الحديث النبوي الشريف “الدين النصيحة ” يجسد روح الدين، ويعني أن النصيحة تشكل الأساس الأهم في الدين، مشيرا إلى أن “لفظ النصيحة في اللغة العربية يفيد الصدق، وعكسه الغش. فالإنسان يكون صادقا أو غشاشا. أما المراد من عبارة النصيحة فهو حب الخير للشخص الذي تسدي إليه النصيحة”.

وأشار الخطيب إلى أن “تطبيق معاني النصيحة بطريقة واضحة هي إظهار وتبيان إجماع وتوافق الأديان على القيم الكبرى التي أتوا بها وهي المحبة والعدل والتفاني والإيثار والسلام”.

وأضاف أن الإسلام على غرار الأديان الأخرى، “لا يمكن سلبه أو أن يكون رهينة عند المتطرفين، وسيبقى المسلم دائما وفيا لقيمه وثوابته وذلك من أجل التعايش والتصالح مع الآخرين”، معتبرا أنه يتعين على الجميع العمل على “تقوية التراث المشترك بين الأديان كلها وحمايته في مواجهة الأخطار التي تهدد الإنسانية في جوهرها والحياة وما لديها من حسن سليم”.

وفي هذا الصدد، قال الخطيب إنه “على خطى هؤلاء الأئمة يقوم  الملك أمير المؤمنين سيدي محمد السادس حفظه الله بزيارة مباركة لدولة مدغشقر، تحمله دوافع المحبة والمساعدة الإنسانية”، مشيرا إلى أن هذه “الزيارة الملكية عودة على آثار جده، جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله ونعمه، على الأرض التي عاشت عليها عائلته الملكية في فترة المنفى، حيث استقبلتهم ساكنة مدغشقر باحترام واكبار”.

وأبرز الخطيب أن “العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية مدغشقر تتميز بنفس المعانات في تلك الفترة الصعبة إبان النضال من أجل الاستقلال”، مذكرا بأن جلالة المغفور له محمد الخامس أدى لدى عودته إلى مدغشقر سنة 1959، صلاة الجمعة بمسجد أنتسيرابي وألقى الخطبة بنفسه من أجل تكريس سنة جده الأكبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتقديم النصيحة وهداية الناس إلى الخير والتأكيد على القيم الكبرى التي يجب أن تطبع العلاقات الإنسانية، وأهمها المحبة والمساعدة والحفاظ على العدل والكرامة الإنسانية.

وشدد على أن الزيارة التاريخية التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى مدغشقر تبشر بتعاون في شتى المجالات وبالحفاظ على الذاكرة والاعتراف، كما تعتبر فرصة لإتمام العمل الذي بدأه الأب والجد، واللذان زرعا بذور المحبة والنصيحة، واليوم يأتي الحفيد والخليفة الكفء والمؤهل للملك محمد السادس لتعزيز هذا العمل وسقي تلك البذور حتى نجني جميعا ثمارها”.

وسجل أنه لمن دواعي السرور أن نلمس بمدغشقر مظاهر الوئام والتفاهم بين الطوائف الدينية المختلفة، حيث يسود بينها السلم والتلاحم، والوئام والتعايش، مذكرا بأن المولى سبحانه “يبين لنا أن الهدف الأسمى هو التعارف، ولكي نتعارف وجب علينا أن نتحاور والحوار يفضي للتفاهم، والتفاهم يؤدي إلى التعايش السلمي والإيجابي”.

وأضاف الخطيب أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، وفي إطار استمرارية نظامه منذ 13 قرنا، يسعى من خلال التمسك بقيم الدين إلى التعاون مع جميع الناس على البر والتقوى، ونشر قيم السلم والتقارب والمحبة التي تلتقي فيها جميع الاديان، علاوة على التعاون مع البلدان الإفريقية على الخصوص وعلى ما يحافظ لها على حكمتها وتقاليدها وثوابتها الدينية مؤطرة بعلمائها الأوفياء لتلك التقاليد”.

وأكد أن المغرب لا يرى أن الإحسان أو التنمية الاجتماعية يجوز أن تقترن بأي مساواة على ثوابت البلدان سيما إن كانت تؤدي إلى خلل في الانسجام بين مكوناتها البشرية والعقدية.

وسجل أن المغرب يعيش نظاما راسخا مبنيا على البيعة وهي عقد يضمن فيه أمير المؤمنين حفظ قيم الدين السمحة في إطار الحرية والقانون وحفظ الأمن والاستقرار الضروريين لحياة الدنيا والدين، وحفظ نظام يحتكم فيه الناس إلى القواعد ويطمئنون في ظله وهو نظام نابع من الشرع ومتوافق مع قواعد الديمقراطية الحديثة وحفظ الثمرات المستحقة لعمل كل عامل وذلك من خلال حفظ الملكية وضمان الأجر المنصف للخدمات.

واعتبر الخطيب أن هذا كله نابع من القناعة الراسخة للملك بأن هذه الأعمال سيؤجر عليها كما يخبر بذلك المولى عزوجل في قوله تعالى “وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم اجرا”.

وفي أعقاب صلاة الجمعة، تفضل الملك بإهداء الجهات المكلفة بتدبير الشأن الديني بمدغشقر هبة ملكية من المصحف المحمدي الشريف.

وتسلم نسختين من المصحف المحمدي الشريف، من يدي الملك، ممثل أعضاء مجلس الشيوخ الملغاشيين ونائب رئيس الجمعية الإسلامية الملغاشية.

وستوزع هذه الهبة من المصاحف في طبعتها الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف على مختلف مساجد مدغشقر.