منوعات

عاش قبل 67 مليون عام .. اكتشاف حفريات “عملاق البحر المتوحش” بمدينة خريبكة

تستمر حفريات المغرب من جلب اهتمام الباحثين والعلماء، وبالإضافة إلى حفريات الديناصورات، تم اكتشاف حفريات حيتان قديمة تلقب بـ”عملاق البحر المتوحش” في مدينة خريبكة الغنية بالفوسفاط.

وتساهم حفريات المغرب بشكل فعال في توسيع معرفة الإنسان بالحياة على الأرض قبل ملايين السنين، وتتميز حفرياته بحكم موقع الجغرافي بالتنوع، بإضافة معرفة نوعية لما سبق أن عرفه العلماء.

وجاء الاكتشاف الجديد في عالم الحيتان القديمة هذه المرة، ليكشف النقاب عن أحد أشرس حيوانات البحر العملاقة قبل ملايين السنة.

نوع جديد من الموزاصور Mosasaur الضخم

تمكن فريق دولي، حسب الجزيرة نت، من اكتشاف نوع جديد من الموزاصور Mosasaur الضخم بمدينة خريبكة الذي عاش في العصر الطباشيري العلوي قبل 67 مليون سنة، عندما غطى المحيط الأطلسي جزءا من البلد.

وحسب نفس المصدر، نُشرت نتائج الدراسة العلمية بدورية “كريتاشيس ريسيرش” (Cretaceous Research) بتاريخ 24 أغسطس/آب الماضي. وقد ضم الفريق الدولي باحثين من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بفرنسا، وجامعة “باث” (University of Bath) البريطانية، وجامعة “بلباو” (Bilbao) الإسبانية، والمكتب الشريف للفوسفات بالمغرب.

يقول نور الدين جليل الباحث المغربي المشارك بالاكتشاف -للجزيرة نت- عبر البريد الإلكتروني “تم العثور على هذه الحفريات الجديدة بالفوسفات المغربي، وأثبتت أنها تتوافق مع زواحف عملاقة تنتمي إلى نوع جديد من مجموعة من الموزاصور، ويسمى هذا النوع ثالاسوتيتان أتروكس (Thalassotitan atrox) والذي يعني عملاق البحر المتوحش”.

موزاصورات الفوسفاط المغربي متنوعة

حسب بيان صحفي أصدره فريق البحث بفرنسا وتوصل مراسل الجزيرة نت بنسخة منه، فإن الموزاصوريات في الفوسفات المغربي كانت متنوعة للغاية، وكان “ثالاسوتيتان أتروكس” حيوانا مفترسا بالجزء العلوي من السلسلة الغذائية، مثل الحيتان القاتلة الحديثة أو أسماك القرش البيضاء الكبيرة.

ويضيف “اكتشاف الثلاسوتيتان في الرواسب البحرية للفوسفات المغربي يؤكد مرة أخرى التنوع البيئي للموزاصوريات، وهو يقدم فهما أفضل للنظم الإيكولوجية البحرية قبل الانقراض الجماعي الكبير الذي وقع مع نهاية العصر الطباشيري”.

يقول جليل “يعرف فوسفات المغرب في جميع أنحاء العالم بثرائه في الحفريات، وتتنوع أنواع الموزاصوريات بشكل لا يصدق مع الأنواع التي تتكيف مع اصطياد فريسة صغيرة مثل الأسماك والحبار (أسنان رفيعة ومنحنية) والبعض الآخر يتغذى على اللافقاريات ذات الصدفتين أو الأمونيت (أسنان مستقيمة ومدببة) في حين كان لدى الأنواع الأخرى نظام غذائي عام”.

ويضيف “الأحافير ليست أحجارا بسيطة، لكنها شهود على الحياة الماضية، وكل أحفورة تحمل بداخلها ذاكرة تخبر عن تشريح الحيوان أو النبات وبيئته والمناخ القديم الذي عاش فيه، وتعطينا أحافير الفوسفات معلومات على الحيوانات التي عاشت بهذا البحر ذلك الوقت. وهذا أكثر إثارة للاهتمام لأن أحافير الفوسفات تحكي قصة طويلة عن حوالي 24 مليون سنة”.

معرفة الزواحف البحرية الكبيرة

يقول جليل: ساعدنا هذا الاكتشاف في إكمال الصورة التي عرفناها عن الزواحف البحرية الكبيرة التي عاشت قبل الانقراض الجماعي، فبفضل فكيه وأسنانه الهائلة، كان “ثالاسوتيتان أتروكس” بالتأكيد حيوانا ضخما يتغذى على الزواحف البحرية الأخرى مثل “البليزوصورات” (plesiosaurs) والسلاحف البحرية وحتى الموزاصوريات الأخرى.

ويتابع “كان لمعظم الموزاصوريات فك طويل مع أسنان نحيلة لإمساك الأسماك، وكان لدى ثالاسوتيتان خطم قصير وعريض بأسنان مخروطية ضخمة مثل أسنان الحوت القاتل، ويستخدم فكيه وأسنانه الضخمة للاستيلاء على الفريسة الكبيرة وتمزيقها”.

ويشير الباحث إلى أن الجمهور قد يكون مهتمًا بمعرفة كون المناطق التي يوجد فيها الفوسفات كانت مغطاة بالبحر خلال فترة تراوحت بين 46 و72 مليون سنة، ويخبرهم هذا أن وجه الأرض يتغير بمرور التاريخ الجيولوجي، وأن المناطق التي هي الآن أرضية ربما تكون مغطاة بالبحر. وسيكون عامة الناس مهتمين بالتعرف على زواحف عملاقة يبلغ طول جمجمتها 1.4 متر وطولها 12 مترا.

نتائج مهمة للدراسة

بخصوص نتائج الدراسة، قال الباحث المغربي “كشفت هذه الدراسة عن وجود نوع جديد من الموزاصور بالفوسفات المغربي، وهي زواحف عملاقة لعبت دور المفترس الضخم في نظامها البيئي، واللافت هو اكتشاف بقايا بعض الضحايا المحتملين للثلاسوتيتان، والغريب أن العديد من أحافير الفقاريات البحرية من نفس الطبقات الرسوبية تضررت بسبب الأحماض، مع ذوبان الأسنان والعظام”.

ويضيف “تشمل الحفريات التي تم الحفاظ عليها بشكل خاص الأسماك المفترسة الكبيرة، سلاحف البحر، رأس بليزيوصور بطول نصف متر، وعظام الفك التي تمثل 3 أنواع مختلفة على الأقل من الموزاصور، وبالنظر إلى أن الحفريات الأخرى والتي تم العثور عليها على بعد بضعة سنتيمترات تظهر أنها محفوظة جيدا، وهذا يشير إلى أن الظروف الحمضية التي أذابت هذه العظام لم تكن منتشرة على نطاق واسع”.

حسب الدراسة العلمية التي استغرق إنجازها عاما، يؤكد اكتشاف “ثلاسوتيتان” أيضا التنوع التصنيفي والإيكولوجي لموزاصور فوسفات المغرب، وأنها تعطي واحدة من أكثر الصور اكتمالا للنظم البيئية البحرية قبل الانقراض الجماعي الكبير الذي أدى لاختفاء العديد من الأنواع بما في ذلك الموزاصور والديناصورات غير الطيور.

وأكد الباحث أنه لم تكن هناك صعوبات أكثر من تلك التي واجهها العلماء عندما اكتشفوا نوعا جديدا، حيث إنه من الضروري مقارنة الحفريات مع جميع الأنواع المعروفة، والبحث عن الأنواع الأقرب إليها، وتأسيس العلاقات التطورية مع الأنواع الأخرى، وإبراز الخصائص الخاصة بهذا الاكتشاف التي تجعل من الممكن تمييزه من خلال علاقته بالآخرين.

وحول مستقبل البحث بهذا الكشف العلمي، قال جليل في حديثه للجزيرة نت “في رأيي فإن الفوسفات لم يكشف عن كل أسراره، هذه مجرد بداية لسلسلة طويلة من الاكتشافات العلمية، ويتطلب الأمر الكثير من التمويل لمواصلة الحصول عليها للدراسة”.

واختتم الباحث بأن هذه الحفريات ذاكرة فوسفات المغرب، وهي ذات قيمة علمية وتراثية، وتستحق الاحتفاظ بها في المتاحف الوطنية من ناحية لعرضها للجمهور ورواية قصتها، ومن ناحية أخرى لضمان بقائها وانتقالها إلى الأجيال القادمة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عزيز
    منذ سنتين

    خريبكة لا توجد فيها اي حفريات . فهي إما أن تكون منجم الضاوي بوادي زم أو بسيدي شنان بالفقيه بن صالح