منوعات

قيس سعيد يعيد قوانين بنعلي في تكميم الأفواه من باب مكافحة الأخبار الزائفة

يواصل الرئيس التونسي، قيس سعيد، مشروعه السياسي الذي حطم فيه كل الأرقام السياسية في تاريخ التمكين اللين للدكتاتورية في تونس.

فبعد نجاحه في مختلف معاركه السياسية، والتي كان آخرها تمرير دستور وضعه بعيدا عن الأحزاب السياسية وقوى المجتمع الفاعلة، يعمل سعيد على إعداد “الأجواء” لتنظيم أول انتخابات في ظل دستوره الجديد، التي تواصل الأحزاب المعارضة رفضه، كما أعلنت مقاطعتها الانتخابات.

وفي سياق سياسي مشحون ومريب، أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن مرسوم خاص يتعلق بـ”شبكة الاتصال وأنظمة المعلومات”. وهو قانون لم يتشاور حوله الرئيس أيضا مع أي من الأطراف المعنية، سواء في مجال الاعلام والاتصال أو في الحقل السياسي، واستبق قيس بذلك عمل البرلمان القادم.

وأثار المرسوم، حسب قناة الحرة، حالة من الجدل في تونس، بين مؤيد للقرار بهدف “ضبط انتشار الشائعات”، ومعارض يصفه بـ”المقيد لحرية الرأي والتعبير”، ورأي ثالث يتحدث عن “إيجابيات وسلبيات” للقرار.

ما هو المرسوم؟

المرسوم الذي أصدره الرئيس التونسي، الجمعة، يفرض عقوبة بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة على كل شخص ينشر “أخبارا كاذبة” أو “إشاعات” عبر الإنترنت.

وينص المرسوم على عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار تونسي، بحق أي شخص “يستخدم عمدا شبكات الاتصال وأنظمة المعلومات لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال معلومات كاذبة أو شائعات كاذبة”، وفقا لـ”الجريدة الرسمية” في تونس.

وينص الفصل 24 من قانون جرائم المعلومات والاتصال الذي صدر الجمعة، على عقوبة بالسجن خمس سنوات لنشر أخبار كاذبة أو معلومات كاذبة أو إشاعات بهدف الاعتداء على الآخرين أو الإضرار بالأمن العام أو بث الذعر.

وبحسب المرسوم، تصبح العقوبة “مضاعفة” وتصل إلى عشر سنوات، إذا كان المستهدف “موظفا عاما”.

حالة من الجدل

أثار المرسوم حالة من الجدل بين النشطاء على موقع “فيسبوك”، بين ناقدين اعتبروا أن السلطات قد تستخدمه لـ”تكميم الإعلام أو إسكات المعارضين”، ومؤيدين للمرسوم بهدف ضبط “الأداء الإعلامي”.

وقال رئيس نقابة الصحفيين في تونس، مهدي الجلاصي، إن “المرسوم انتكاسة جديدة للحقوق والحريات”، معتبرا أن “عقوبات النشر في أي شبكة هي ضربة قوية لقيم الثورة التي منحت الحرية للصحفيين ولعموم التونسيين”، وفقا لـ”رويترز”.

وتواصل موقع “الحرة” مع نقيب الصحفيين في تونس، لكنه “لم يرد” على طلب التعليق.

من جانبه يري الكاتب والمحلل السياسي التونسي، باسل الترجمان، أن القرار يهدف لـ”مواجهة الشائعات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عشر سنوات”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى أن “صفحات التواصل الاجتماعي في تونس تحولت إلى وسيلة لنشر الكذب وهتك الأعراض وتشويه سمعة الناس في كافة المجالات”، معتبرا المرسوم “متناغم من طلبات سابقة لوقف تلك الممارسات”.

إيجابيات وسلبيات

رئيس تحرير صحيفة الأنوار التونسية، نور الدين العكاري، يتحدث عن “إيجابيات وسلبيات” لقرار قيس سعيد، وقال إن “المرسوم يغطى فراغا تشريعا في ظل وجود جرائم يتم ارتكابها تحت مسمى حرية التعبير”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى “كتائب وجيوش إلكترونية لكافة الأحزاب والقوى السياسية” تسعى لـ”مهاجمة وسحل معارضيها وفرض آرائها على الآخرين”، مطالبا بـ”تطبيق القانون على كل المتجاوزين والمخالفين”.

لكن في الوقت ذاته، أبدى العكاري “تخوفات فيما يتعلق بتطبيق القانون”، قائلا “القانون جاء دون تشاور بين مكونات المشهد الاتصالي والإعلامي والسياسي في تونس والعقوبات مبالغ فيها”.

عودة قوانين بن علي المهددة لحرية الإعلام

منذ ثورة 2011، حسب قناة الحرة، أصبح الإعلام في تونس من أكثر وسائل الإعلام انفتاحا في أي دولة عربية، حتى أن وكالة الأنباء المملوكة للدولة تنقل أخبارا “منتقدة للسلطات وتعطي مساحة للمعارضة”، وفقا لـ”رويترز”.

ومنذ تولي قيس سعيد كامل السلطات في 25 يوليو 2021، أعربت منظمات غير حكومية محلية ودولية عدة عن أسفها لـ”تراجع” الحريات في تونس، وفقا لـ”فرانس برس”.

وقالت بعض المنظمات إن قرارات سعيد أدت إلى زعزعة الديموقراطية في البلاد التي انطلقت منها ثورات ما عرف بـ”الربيع العربي” في العام 2011.

وفي تقرير تم نشره مطلع مايو، حذر الاتحاد الوطني للصحفيين من “تهديدات خطيرة” لحرية الصحافة في البلاد.

ويتحدث العكاري عن “المبالغة في العقوبات”، مؤكدا أنه “كان يجب إصدار القانون مع بداية عمل البرلمان الجديد العام القادم، حتى يتم التشاور حوله وأخد جميع الآراء الحقوقية والإعلامية والسياسية”.

ويخشي العكاري أن يتم استخدام القانون لـ”تكميم الأفواه وإسكات المعارضين و ضرب حرية التعبير بصفة عامة”.

في حديثه لـ”رويترز”، قال الجلاصي، إن القانون الجديد يشبه تلك القوانين التي استخدمها الرئيس التونسي الراحل، زين العابدين بن علي، لـ”تكميم أفواه المعارضين”.

ويتهم البعض سعيد بالقيام بانقلاب في الصيف الماضي عندما تولى السلطة التنفيذية، والانتقال إلى حكم الرجل الواحد بسلسلة من المراسيم التي كرسها في دستور أقره استفتاء في يوليو، حسب “رويترز”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *