سياسة

لعبة الاعترافات بـ”البوليساريو” وسحبها.. موضة يسارية أم ابتزاز وضغوط جزائرية؟

أطفال البوليساريو

في الوقت الذي لازالت فيه الضبابية تسم مواقف بعض الدول من ملف الصحراء المغربية، فإن مواقف دول أخرى تظل “مرتبكة” ورهينة إيديولوجية الأحزاب التي تصل إلى السلطة، هل هي يمينية أم يسارية، كما هو الحال بالنسبة لكولومبيا والبيرو التي سحبت اعترافها بـ”البوليساريو”، وعادت مؤخرا للاعتراف بها من جديد.

نفس الشيء بالنسبة لكينيا التي شهدت تغيرا في موقفها في أقل من شهر واحد، حيث سحب الرئيس الجديد “وليام روتو”، اعتراف بلاده بالجبهة الانفصالية “بوليساريو”، قبل أن يعود ويسحب تغريدته على “تويتر” التي أعلن فيها الموقف الجديد لبلاده، في حين خرجت وزارة الخارجية الكينية، ببيان تؤكد استمرار كينيا في الاعتراف بما يسمى بـ”الجمهورية العربية الصحراوية”.

موجة اليسار

في هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية، خالد يايموت، إن بعض دول أمريكا الجنوبية معروف عليها تأثر اليسار فيها بشكل شديد تاريخيا بسياسة القذافي والجزائر فيما يخص قضية الوحدة الترابية للمغرب؛ على اعتبار أن الجزائر والقذافي كانا ضمن جناح المعسكر الاشتراكي إبان الحرب الباردة.

وأضاف يايموت ضمن تصريح لـ”العمق”، أن كولومبيا قد اعترفت البوليساريو كدولة سنة 1985 في سياق الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي ثم عملت على تجميد الاعتراف، بل والمساندة القوية للطرح المغربي، غير أنه بوصول “غوستافو بيترو أوريغيو” أول رئيس يساري للحكم في البلاد اعترف بالمليشيات الانفصالية.

بخصوص اليسار الحاكم في البيرو، يشير أستاذ العلوم السياسية، إلى أن نخبه لم تخرج بعد عن طبيعة ثقافة الحرب الباردة وظلت الدولة رهينة الاعتراف بالجبهة الانفصالية وسحب الاعتراف حسب إيديولوجية الأحزاب التي تصل إلى السلطة هل هي يمينية أم يسارية، أما كينيا فقد شهدت تبددا في موقفها في شهر واحد حيث سحب الرئيس الاعتراف من البوليساريو وأعادته وزارة الخارجية الكينية في بيان لها بعد أسابيع.

الزعيم الملهم

لتفسير السلوك الدبلوماسي لهذه الدول الثلاث، يرى يايموت، أنه لابد من الانطلاق من عاملين مهمين، الأول داخلي، ويتجلي في كون البيرو وكولومبيا وكينيا لا تزال تحكم بالحاكم الفرد والزعيم السياسي الملهم؛ غير أن ذلك لا يحول دون حدوث صراعات سياسية تؤثر على قرار الزعيم خاصة في الحالة الكينية التي تعرض فيه الرئيس لضغط داخلي من بعض الأحزاب للتراجع عن قرار سحب الاعتراف بالبوليساريو، وفق تعبيره.

أما العامل الخارجي، بحسب الخبير المغربي في العلاقات الدولية، فيتعلق بالنشاط الجزائري واستثماره تاريخيا في النخب السياسية بأمريكا الجنوبية والإفريقية، مضيفا أنه يمكن القول بأن ما حدث من الدول الثلاث هو تفاعل بين ما هو داخلي وخارجي وعلى الدبلوماسية المغربية، استخلاص الدروس تكثيف جهودها خدمة للقضية الوطنية.

رشاوي للرؤساء

من جانبه، يرى أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لجريدة “العمق”، أن تفسير تفسير إشكالية الاعتراف وسحبه، إلى عدة عوامل منها ما هو إيديولوجي، وما هو انتهازي نفعي قد لا يكون بالضرورة مرتبطا بمصالح الدولة بل بعمولات ورشاوى مقدمة للرؤساء والدبلوماسيين، ومنها ما هو اختراق أمني استخباراتي، الخ.

بالنسبة لكولومبيا مثلا ومعظم دول أمريكا اللاتنية، يشير نهور الدين إلى أن “الاعتراف بجمهورية تندوف الوهمية مرتبط بوصول الحركات اليسارية خاصة الراديكالية إلى سدة الحكم، وهذا ما وقع مع الرئيس الحالي الذي ينتمي لحركة M19 التي كانت مصنفة في كولومبيا نفسها حركة إرهابية.”.

ابتزاز جزائري

أما الدول الإفريقية، فيرى المتحدث، أنه “هناك ما يرتبط بالابتزاز ودبلوماسية البترودولار التي تنهجها الجزائر، وقد رأينا ما وقع في تونس بسبب قروض وودائع تصل إلى 300 مليون دولار، وفتح الحدود لتدفق حوالي مليوني سائح جزائري، وتزويد تونس بعشرين ألف طن من السكر رغم أن الجزائر نفسها تستورد السكر، بالإضافة إلى تصدير الغاز الطبيعي والكهرباء بأسعار تفضيلية لتونس”.

وشدد الخبير المغربي في العلاقات الدولية، بأن “لعبة الاعترافات وسحبها، تشكل خطرا على المغرب، وستبقى تهدد مصالحه الحيوية وتستنزف جهده الدبلوماسي والاقتصادي في مواجهة الابتزاز الجزائري، ما لم يتم طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي”.

تسرع الخارجية

إلى ذلك، قال نور الدين، إن السرعة في قلب هذه الدول لمواقفها من قضية الصحراء المغربية، “يسائل بالدرجة الأولى تسرع الخارجية المغربية في الإعلان عن تغيير موقف دولة معينة قبل التأكد من الحيثيات والملابسات، بل قبل استنفاذ المساطر الرسمية والمؤسساتية لاتخاذ مثل هذه المواقف”.

وأبرز نور الدين في حديث مع جريدة “العمق”، أنه “لا يمكن إيجاد مبرر لهذا التسرع في الإعلان بمجرد قصاصة في موقع الرئاسة، خاصة وأننا نعلم أنه في الدول التي تعتبر ديمقراطية ولو نسبيا، تكون القرارات خاضعة لتوازنات بين مؤسسات مختلفة وليس لجهة واحدة ولو كانت الرئاسة”.

بالإضافة إلى أن السلطة، في هذا البلد، يضيف الخبير المغربي، “توجد في مرحلة انتقالية، وقد يكون تيار الرئيس السابق الداعم للانفصال، لازال أعضاؤه يتحكمون في مفاصل الدولة، وكل هذه الاعتبارات تدعو الخارجية المغربية إلى عدم الاستعجال وإظهار رزانة أكبر حتى تتفادى الإحراج الحالي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مغربي صحراوي حر
    منذ سنتين

    المغرب في صحراءه و الصحراء في مغربها و كفى