اقتصاد

مجلس المنافسة: الدعم المباشر للمحروقات يضر بالاقتصاد وضرائب الدولة تصل 45%

اعتبر مجلس المنافسة أن تقديم الدعم للغازوال والبنزين عبر صندوق المقاصة أمر يضر بالإقتصاد الوطني، داعيا في مقابل ذلك إلى “إرساء، مساعدات مباشرة موجهة للسكان الأكثر هشاشة ومنح إعفاءات ضريبية ملاءمة لفائدة الطبقة الوسطى”.

جاء ذلك في تقرير أصدره مجلس المنافسة، الإثنين، ضمن رأي له حول “الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية .. حالة المحروقات (الغازوال والبنزين)”.

واعتبر المجلس أن الدعم المباشر أبان عن محدوديته في الماضي باحتكاره لموارد مالية تجاوزت سنة 2012، على سبيل المثال، 50 مليار درهم، أي ما يعادل ميزانية وزارة التربية الوطنية أو حوالي خمسة أضعاف من الميزانية المخصصة لوزارة الصحة في ذلك الحين 26.

كما دعا المجلس الحكومة إلى عدم تخفيض الضرائب المفروضة على الغازوال والبنزين، والتي تساهم بشكل كبير في المداخيل الإجمالية للدولة، مبرزا أن الهدف من ذلك هو “تمكين الدولة من تمويل التكاليف المتزايدة لصندوق المقاصة، التي تجاوزت 19 مليار درهم خال النصف الأول من سنة 2022”.

وأشار المجلس إلى أن الدعم المباشر للمواد النفطية يترتب عنه أسعار اصطناعية لا تعكس الواقع الاقتصادي للفاعلين، وتحول دون ضمان السير العادي للمنافسة في الأسواق المعنية، ويستفيد منه، بالدرجة الأولى، كبار المستهلكين (الفئات السكانية الميسورة) التي تتوفر على الوسائل لشراء المواد المذكورة بصرف النظر عن أسعارها.

وبالتالي، يؤكد المجلس، أن هذا الدعم يفضي بشكل مباشر إلى تحويل المساعدات المفترض توجيهها للسكان الذين يعانون من الهشاشة ويستهلكون هذه المواد بدرجة أقل (الدراجات النارية وغيرها من العربات المعتبرة في حكمها) لصالح فئات سكانية ميسورة.

وشدد على أن التجربة أبرزت أن الدعم يفضي إلى الاستهلاك المفرط للطاقة الأحفورية التي لا ينتجها المغرب، ويؤخر، بالتالي، الانتقال إلى الطاقات المتجددة التي تجسد مستقبل الطاقة على الصعيد العالمي، ويمكن لبلدنا أن تحتل مكانة هامة فيه.

وفي سياق متصل، أوصي المجلس، الحكومة بالتسريع من وتيرة إرساء وتفعيل برامج اجتماعية ملاءمة، تروم دعم السكان الذي يعانون من الهشاشة بشكل فعال، ملحا على التسريع من وتيرة تنزيل السجل الاجتماعي الموحد الذي سيساهم في تحديد واستهداف بشكل فعال الفئات السكانية المعوزة والمؤهلة لاستفادة من المساعدات المباشرة.

وتبعا ذلك، دعا مجل المنافسة إلى الحذف الكلي لصندوق المقاصة طالما أنه سيستنفذ سبب وجوده، وسيمكن الدولة من إعادة توجيه الوفورات المحققة لتمويل البرامج الاجتماعية، كما أوصى الحكومة بالتفكير في تعديل الضريبة على الدخل، وكذا نظام التعويضات العائلية بهدف مضاعفة المدخول الذي تتوفر عليه هذه الطبقة المتوسطة، مشيرا إلى أنه يمكن إدراج هذه التدابير في قوانين المالية المقبلة.

وشدد المجلس على “ضرورة الإبقاء على واقع أسعار البيع الذي يعد، دون غيره، الوسيلة الوحيدة الكفيلة بخلق ظروف منافسة حرة ونزيهة في هذه الأسواق”.

ضرائب مرتفعة

أشار تقرير مجلس المنافسة إلى أن إن كنات بنية سعر الغازوال والبنزين تتكون أساسا من أسعار الشراء على الصعيد العالمي والضرائب المستخلصة من طرف الدولة، فإن نسبة الضرائب (الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهاك)، تبلغ في المتوسط، 35 في المائة من سعر بيع لتر واحد من الغازوال و45 في المائة بالنسبة للبنزين.

وأوضح أنه تبين من توزيع سعر بيع الغازوال والبنزين خال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2021 أنه مكون في حدود 51 في المائة كمتوسط من تكاليف شراء المنتجات المكررة المستوردة بالنسبة للغازوال، و43 في المائة كمتوسط بالنسبة للبنزين، وتبلغ نسبة الضرائب في المتوسط، 35 في المائة من سعر بيع لتر واحد من الغازوال و45 في المائة بالنسبة للبنزين.

وأكد التقرير أن تكلفة شراء الغازوال والبنزين تتقسم بين سعر الشراء المحتسب انطلاقا من الأسعار المرجعية (سعر “بات” للنفط عند شحنه على ظهر السفينة)، والتي تمثل أزيد من 95 في المائة من تركيبتها، فيما تتوزع نسبة 5 في المائة المتبقية بين تكاليف التسلم النهائي للمخزون (2,3 في المائة)، وتكاليف الشحن (2 في المائة)، وواجبات ورسوم الميناء (0,7 في المائة).

وشدد التقرير على أنه كلما ارتفعت عروض الأسعار على الصعيد الدولي، ازداد حجم تكلفة شراء الغازوال والبنزين، كما هو الحال في سنة 2022 حين اقترب من نسبة 65 في المائة من سعر البيع في المضخة. ومن تم، ينعكس أي تغير تصاعدي أو تنازلي في عروض الأسعار على الصعيد الدولي المعنية بالمنتجات المكررة بطريقة آلية على سعر التكلفة لدى الفاعل، وبالتالي على سعر البيع النهائي.

وأشار إلى أنه ثمة فئتين من الضرائب تفرضها الدولة على هاذين المنتوجين؛ الأولى هي الضريبة الداخلية على الاستهلاك التي تعتبر ثابتة وتحدد في 242,2 درهم للهيكتولتر بالنسبة للغازوال و376,4 درهم للهيكتولتر بالنسبة للبنزين. ولا تقترن هذه الضريبة بتغيرات عروض الأسعار على الصعيد العالمي. وعليه، لا تتغير المداخيل التي تجنيها الدولة من هذه الضريبة عند استقرار الاستهاك، بصرف النظر عن مستوى عروض أسعار المنتجات المكررة عالميا.

أما الثانية فتتعلف بالضريبة على القيمة المضافة التي تحدد حسب القيمة وتبلغ نسبتها 10 في المائة. وتحتسب على أساس سعر الشراء عند استيراد الغازوال، زيادة على مبلغ الضريبة الداخلية على الاستهاك، مبرزا أن نسبة الضريبة الداخلية على الاستهلاك، التي تحتسب وفقا لحجم الكميات التي جرى اقتناؤها، بلغت حوالي 26 في المائة بالنسبة لسعر بيع الغازوال و36 في المائة بالنسبة لسعر البنزين خال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2021، بينما وصلت إلى 22 في المائة فقط إزاء سعر الغازوال و30 في المائة إزاء سعر البنزين خلال الأشهر الأولى من سنة 2022. وازدادت الضريبة على القيمة المضافة، منتقلة من 0,82 إلى 1,01 درهم للتر بالنسبة للغازوال، ومن 0,94 إلى 1,16 درهم للتر بالنسبة للبنزين ما بين الفترتين 2021-2018 والأشهر الأربعة الأولى من سنة 2022.

ونظرا، يضيف التقرير، لكون جزء هام من الضريبة على القيمة المضافة يقتطع من تكلفة شراء المنتوج المكرر، فإن أي زيادة في التكلفة، كما هو الحال في الوقت الراهن، تتسبب تلقائيا في الزيادة في مبلغ الضريبة المذكورة، وتدر، بحكم الأمر الواقع، مزيدا من المداخيل في خزينة الدولة.

وأبرز التقرير أن نتائج التحليل كشفت أنه، ومقارنة بالمعطيات ذات الصلة بالفترة المعنية (2018 – 2021)، تقلص وزن الضرائب المفروضة (الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهاك) سنة 2022 بنسبة 31 في المائة إزاء الغازوال (مقابل 35 في المائة) و38 في المائة إزاء البنزين (مقابل 45 في المائة). وتم ذلك تزامنا مع الزيادة الهامة في سعر الشراء.

ومن تم، يتضح أنه خلال الفترات التي شهدت زيادات حادة في أسعار الغازوال والبنزين المستوردين، كما نشهدها حاليا، يميل المكون الضريبي في بنية سعر البيع في مضخات الوقود إلى الانخفاض. ويعزى هذا الأمر إلى أن الضريبة الداخلية على الاستهاك، التي تبقى طاغية، تظل ثابتة وتزن أقل نسبيا حين تسجل عروض الأسعار عالميا ارتفاعا.

بيد أن هذه الضرائب، يؤكد مجلس المنافسة، عرفت ارتفاعا من حيث القيمة، بلغت 3,5 درهم للتر بالنسبة للغازوال سنة 2022، مقابل متوسط قدره 3,25 درهم للفترة خال الفترة المعنية (2018 – 2021)، و4,92 درهم للتر بالنسبة للبنزين خال نفس السنة مقابل حوالي 4,72 درهم للتر في الفترة المذكورة.

وعليه، يخلص المجلس، إلى أن ارتفاع عروض أسعار المنتجات المكررة عالميا يفضي إلى الزيادة في أسعار البيع على الصعيد الوطني، ويترتب عنه انعكاسات إيجابية على مداخيل الدولة، إذ بلغت المداخيل الإجمالية المتعلقة بالضرائب المفروضة على الغازوال والبنزين، خال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2022، 10,3 مليار درهم، موزعة على 7,3 مليار درهم ناتجة عن الضريبة الداخلية على الاستهاك و3 مليار درهم ناجمة عن الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • الدكتور عبدالرزاق
    منذ سنتين

    هذا المجلس لا فائدة فيه ولا يملك من أمره شيئا... تفكروا ما وقع لرئيسه السابق لما لم يتتبع ويطع الأوامر... أتمنى تحويل ميزانية هذا المجلس لدعم ثمن زيت المائدة...