اقتصاد

الجواهري: رفع سعر الفائدة ليس حلا لارتفاع الأسعار وطبع العملة يهدد السيادة الوطنية

قال إن الظرفية غير مواتية لمواصلة تعويم الدرهم

يربط الكثير من المتتبعين رفع سعر الفائدة الرئيسي من قبل البنك المركزي بالتحكم في التضخم والحد من تسارع ارتفاع الأسعار، بالنظر إلى ما سيؤدي إليه ذلك من كبح مستوى الاستهلاك والاقتراض على المستوى النظري. غير أن هذا الربط  في السياق المغربي  لا يستقيم بهذا الشكل على اعتبار وجود عوامل أخرى تسهم في ارتفاع مستوى التضخم.

سعر الفائدة والتضخم

في هذا السياق، قال والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، إن السياسة النقدية لوحدها لا يمكن أن تحل مشكل التضخم وارتفاع الأسعار.

وأوضح والي بنك المغرب، في جواب له على سؤال العمق خلال ندوة صحفية زوال اليوم الثلاثاء، حول العلاقة بين سعر الفائدة الرئيسي والتحكم في مستويات التضخم، أن رفع سعر الفائدة الرئيسي لن يحل مشكل التضخم في غياب تضافر الجهود المرتبطة بالمراقبة وضبط الأسعار منة قبل مختلف المؤسسات المعنية.

وأضاف الجواهري في الندوة التي عقدها عقب انعقاد اجتماع المجلس الإداري لبنك المغرب، أن رفع سعر الفائدة الرئيسي بـ 0.5 في المائة إلى 2 في المائة ليس حلا سحريا لارتفاع الأسعار إذا لم تتظافر الجهود من طرف جميع المؤسسات.

ويتم ربط رفع سعر الفائدة الرئيسي في علاقته بالتضخم، بكبح مستويات الاستهلاك والاقتراض بشكل أساسي، غير أن هناك عوامل أخرى بالإضافة إلى سعر الفائدة، ومنها بالأساس ارتفاع الكتلة النقدية الرائجة في السوق، فضلا عن عامل اقتصادي أخر يرتبط بمستويات البطالة.

مراقبة رواج القطاع غير المهيكل

في جواب له على سؤال للعمق بخصوص مراقبة العملة الرائجة خارج الدائرة الرسمية للاقتصاد وخاصة في القطاع غير  المهيكل، أكد الجواهري على ضرورة مراقبة هذه الجوانب في الاقتصاد بالحزم اللازم، كما يجب مراقبة الأسعار والزيادات غير المشروعة، وأضاف أن مراقبة الأسعار وضبطها ليس من اختصاصاته بل هو من اختصاصات الحكومة التي يجب أن تقوم بما يلزم.

ويرتبط هذا الشق بحسب محللين بمستويات العملة الرائجة في السوق النقدية الوطنية التي تدخل ضمن الدائرة الرسمية ولا تخضع للمراقبة المؤسساتية، وخاصة منها تلك الكتلة النقدية التي تروج في القطاع غير المهيكل وبعض القطاعات المهيكلة التي تلجأ إلى أساليب احتيالية، زيادة على اتجاهات الادخار الفردي الشخصي عبر الخزانات الحديدية بعيدا عن أعين الرقابة.

طبع العملة والسيادة الوطنية

وفيما يتعلق بالطبع الزائد للعملة الوطنية أو ما يسمى ب la planche à billets ، أوضح والي بنك المغرب، أن هذا الأمر يشكل تهديدا للسيادة الوطنية، مشيرا إلى أنه سبق أن نبه إلى هذا الأمر، والمغرب عاش تجربة سيئة في سنوات سابقة بسبب هذه الظاهرة.

وأشار الجواهري إلى تجارب بعض الدول المجاورة في الوقت الراهن والتي تعاني من الطبع الزائد لعملتها، مبرزا أن أي دولة ما أن تصل إلى هذه المرحلة إلا وتكون تحت رحمة المؤسسات المالية الدولية التي تفرض عليها شروط قاسية.

تعويم الدرهم والظرفية

شدد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن الشروع في مراحل جديدة من مراحل تعويم الدرهم في هذه الظرفية أمر غير موات بتاتا.

وأكد الجواهري في معرض حديثه عن هذه النقطة، أن الظرفية غير مواتية للمرور إلى مرحلة أخرى لتعويم الدرهم وذلك تفاديا للمساس بقيمة العملة الوطنية (الدرهم).

سعر الفائدة عند 2 في المائة

هذا وقرر بنك المغرب رفع سعر الفائدة الرئيسي بـ 50 نقطة أساس إلى 2 في المائة مع مواصلة التتبع عن كثب للظرفية الاقتصادية، على الصعيدين الوطني والدولي، وخاصة تطور الضغوط التضخمية.

وأوضح بلاغ للبنك المركزي، صدر عقب إجتماع مجلس إدارته اليوم الثلاثاء، أن قرار رفع سعر الفائدة الرئيس جاء لتفادي عدن تثبيت توقعات التضخم وضمان شروط العودة السريعة إلى مستويات تنسجم مع هدف استقرار الأسعار.

وأضاف بلاغ بنك المغرب، أن المعطيات الخاصة بالأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، تشير إلى أن التضخم قد واصل تسارعه ليصل إلى 8 في المائة  بدلا من 7.7 في المائة في يوليوز و 6.3 في المائة في المتوسط خلال الفصل الثاني و 4 في المائة في الفصل الأول.

ويعزى ذلك بالأساس، إلى تزايد أثمنة المواد الغذائية والمحروقات والزيوت التشحيم.

وتشير المعطيات المتوفرة وفق المصدر ذاته، إلى انتشار ارتفاع الأسعار على نحو أوسع، فمن أصل 116 فرعا للسلع والخدمات التي تشكل السلة المرجعية لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك، سجلت 60.3 في المائة منها ارتفاعات تجاوزت 2 في المائة في غشت مقابل 42.2 في المائة في يناير.

ونتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، يرتقب أن يتسارع مؤشر التضخم الأساسي بنسبة 6.3 في المائة في 2022 عوض 1.7 في المائة في 2021 قبل أن تتباطأ وتيرته إلى 2.5 في المائة في 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *