منوعات

في اختراق علمي تاريخي .. فريق علمي يستولد مادة من طاقة صرفة

عمليات تحويل المادة إلى طاقة باشرها البشر مند فجر التاريخ، فاستخرج الطاقة الحرارية للتدفئة وطهي الطعام من الحطب مثلا، لكن استخراج المادة من الطاقة اعتبر دائما من المستحيلات العملية قبل الاختراق الجديد الذي قام بع العلماء مؤخرا.

فتحويل الطاقة إلى مادة، والذي يتم داخل النجوم ويتطلب طاقة خيالية هائلة، أمر ممكن مخبريا من الناحية النظرية، أكده العلماء مند عدة عقود، لكن اقتحام عتبة ذلك التحويل مخبريا ظل بعيد المنال.

فما هو الجديد الذي جاء به العلماء في هذا المجال؟ وما هي قصة إمكانية تحويل المادة إلى طاقة في الأوساط العلمية؟

اكتشاف طريقة تحويل الضوء إلى مادة

في سنة 2015، حسب موقع “ناسا عربي”، اكتشف فيزيائيون في الكلية الملكية في لندن طريقة لإنتاج المادة من الضوء -وهو عمل اعتقد أنه مستحيل عند طرح النظرية قبل 87 سنة.

لكن في أحد الأيام في مختبر بلاكت Blackett في الكلية الملكية، حسب نفس المصدر، توصل ثلاثة فيزيائيين إلى طريقة بسيطة نسبياً لإثبات فيزيائي لنظرية تم طرحها لأول مرة من قبل العالمين بريت Breit وويلر Wheeler في عام 1934.

اقترح بريت وويلر أنه من الممكن تحويل الضوء إلى مادة عن طريق سحق فوتونين مع بعضهما لإنتاج إلكترون وبوزترون – وهذه أبسط طريقة تم التنبؤ بها مطلقاً لتحويل الضوء إلى مادة. وتم إثبات العملية الحسابية نظرياً، لكن قال بريت و ويلر أنهما لم يتوقعا من أي شخص أن يثبت تنبؤهما فيزيائياً: فلم يتم رصده سابقاً في المختبر وتطلبت التجارب السابقة لاختباره أجساماً إضافية فائقة الكتلة وعالية الطاقة.

لكن البحث المنجز خلال 2015، حسب “ناسا عربي”، والذي نشر في مجلة ناتشر فوتونك Nature Photonics  أظهر ولأول مرة كيف أن نظرية بريت وويلر يمكن إثباتها تجريبياً.

وحسب نفس المصدر، فمُصادِم الفوتونات (photon-photon collider) سيقوم بتحويل الضوء بشكل مباشر إلى مادة باستخدام تكنولوجيا متاحة حالياً، وسيُعد نوعاً جديداً من التجارب الفيزيائية عالية الطاقة.

وهذه التجربة، حسب المصدر ذاته، ستقوم بإعادة إطلاق عمليات مهمة حصلت في أول 100 ثانية من عمر الكون، والتي يمكن مشاهدتها أيضاً في انفجارات أشعة جاما التي تعتبر أكبر الانفجارات في الكون وأحد أعظم ألغاز الفيزياء غير المحلولة.

النجاح في استولاد مادة من طاقة صرفة

حسب “اندبندنت عربية” تتحدث حاليا مجموعة من المواقع الإعلامية العامة والعلمية، على غرار “أم أس إن” و”نيوز إن سي آر” و”هيد توبكس” وغيرها، عن تجربة نهض بها فريق علمي في “جامعة مانشستر” استطاع أن يستولد مادة من طاقة صرفة، إذ استخدم الفريق حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة وأحدث تداخلاً بينهما أدى إلى ولادة مادة، بالأحرى، جسيمات مادية من النوع الذي تشكلت منه المكونات التي تصنع المكونات الأساسية للذرة ونواتها.

لقد ظهر مفهوم تحويل الطاقة إلى مادة منذ ما يزيد على ثمانية عقود، لكن كمقولة علمية نظرية. مع تبلور نظرية الـ”بيغ بانغ” (الانفجار العظيم) وأشياء كثيرة أخرى بالطبع، أخذ العلماء يتحدثون بثقة أكبر عن تبادل المادة والطاقة.

وبات شائعاً القول إن ذلك الأمر يحدث في الكون الشاسع، بل إنه حدث عند ولادة الكون في لحظة الـ”بيغ بانغ”، إذ بات الرأي العلمي يأخذ بأن لحظة “الانفجار العظيم” ترافقت مع تدفق طاقة هائلة، ما لبثت أن شرعت في “البرودة” شيئاً فشيئاً، بالترافق مع تحول الطاقة إلى مكونات أبرزها المادة والمادة المضادة.

في تجربة “جامعة مانشستر” التي جرت في يناير (كانون ثاني) 2022 واستكمل تدقيقها ونشرها خلال سبتمبر (أيلول) الحالي، اشتغل العلماء على مادة الغرافين. وتتألف تلك المادة من ارتصافات تشبه خلايا النحل من ذرات الكربون. ويتميز الكربون بأنه مادة شديدة الاستقرار، مما يعني أن التأثير في ذراته أو نواته، يستلزم استعمال حقول طاقة شديدة القوة.

وفي سياق عمل علمي متعدد الأبعاد على مادة الغرافين، جرب فريق “جامعة مانشستر” إحداث تداخل بين حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة. وفي وصف تقني مبسط، أدى ذلك إلى ظهور حقل كهرومغناطيسي كمومي، تضمن جسيمات من المادة والمادة المضادة اللتين تعتبران أساس تَكَوُّنْ كل أنواع المادة في كل الكون الذي نعرفه.

شيء من الفلسفة

قد يروق للبعض، حسب اندبندنت عربية، استحضار مقولات من الفلسفة القديمة كـ”لا يأتي شيء من العدم، ولا ينعدم شيء موجود”، لدى التأمل في هذه التجربة العلمية الفريدة. لطالما أمكن التثبت من أن الأشياء الموجودة لا تنعدم، بل تتبدل، وقد يحدث تبادل بين المادة والطاقة، وكلتاهما من أشكال الوجود.

وحسب نفس المصدر، ربما يضحك بعض المهتمين بالفلسفة قليلاً من الكلمات السابقة، إذا استحضروا في خيالهم تلك السخرية الهائلة التي رافقت مقولات الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر عن مسألة الوجود. في مطلع كتابه الذائع الصيت “الكينونة والزمن”، هناك سخرية عميقة ومريرة من أن الفلاسفة دأبوا، منذ بداية مشروع الحداثة الكبير، على أخذ الوجود كمسلمة بديهية. وقد تحداهم هايدغر بأن يعودوا مرة أخرى إلى التفكير بالفلسفة الأساسية، وتقصي السؤال عما يعنيه عقل الإنسان حينما يتحدث عن شيء ما، فيصفه بأنه موجود!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ سنتين

    الملائكة مخلوقة من نور . و الجان من نار السموم 🌹 .

  • بلال
    منذ سنتين

    موضوع علمي دقيق ويبشر بإمكانية استغلال كائنات غير مرئية لخلق حلول للازمات القادمة بما في ذلك الماء وهذا الاختراق يمكن استغلاله مستقبلا لاستخراج الماء من ذرات الهيدروجين والااوكسجينh2O

  • عبدو
    منذ سنتين

    موضوع جميل والأجمل فيه بساطة الأسلوب. أتمنى الاهتمام بمثل هذه المواضيع والسير قدما على تنوير الرأي العام بما يحدث حولنا في هذا الفلك العظيم ومعرفة خالقه والاهتداء إليه وشكرا جزيلا