منوعات

الانتقام ونكران الجميل .. 4 خطوات تساعد طفلك على التخلص منهما

في حالات عديدة يصاب الآباء بالحيرة تجاه سلوكات معينة تصدر عن طفلهم ولا يدرون كيف يتصرفون، ومع مواصلة الطفل سلوكه وإصراره عليه قد يفقد الآباء قدرة التحمل، فيقومون بردود فعل سلبية ومضرة تصيبهم بالندم لكن دون أن يتغير شيء في طفلهم، بل قد يتفاقم سلوكه.

ومن بين تلك السلوكات المحيرة للآباء، ميول طفلهم نحو الانتقام السريع ممن قد يسيء إليهم، وفي نفس الوقت يقابلون الجميل الذي قد يُعامَلون به بتجاهل واضح ولا يعبرون عن أي قدر من الامتنان تجاهه، ويرون أن شكر من أحسن إلينا غير ضروري.

وهذا السلوك العدواني يحير الآباء، وقد يصيبهم بالإحباط لأنهم لا يفهمون أسبابه كما لا تفيد أساليبهم المعتادة في معالجته، وقد يخطؤون التصرف في محاولة علاجه بالعنف فتتطور الأمور نحول أشكال من المعاملة قد تكسب الطفل عقدا نفسية تلازمه طوال حياته.

فكيف يفسر الخبراء هذه السلوكات؟ وكيف يمكن للآباء التعامل معها بشكل سليم؟

التقرير التالي، يقارب الإجابة عن هذه الأسئلة بناء على آراء خبراء ونتائج دراسات، ويقدم مجموعة من النصائح، حسب الجزيرة نت، للتعامل مع تلك السلوكات بنجاح.

لماذا ينتقم الأطفال ولا يردون الجميل؟

حاول باحثو العلوم النفسية والدماغية بجامعتي بوسطن وكاليفورنيا اكتشاف دوافع الانتقام في مرحلة الطفولة. وانطلق الباحثون من مبدأ المعاملة بالمثل، بوجهيه الإيجابي والسلبي، وهما رد المعروف لمن عاملنا معاملة حسنة، أو الانتقام ممن عاملنا معاملة سيئة.

حاول الباحثون اكتشاف درجة تبني الأطفال لذلك المبدأ من خلال إجراء 5 تجارب على أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات.

ونشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة “العلوم الاجتماعية” في عام 2019، وأشاروا إلى اتباع الأطفال مبدأ المعاملة بالمثل بشكله السلبي فقط، في سن صغيرة، إذ انتقم الأطفال بشكل مباشر ممن أخذ ألعابهم، واعتمدوا أسلوب الانتقام لحماية أنفسهم، وتخفيف شعورهم بالظلم.

كذلك لاحظ الباحثون اعتماد الأطفال كليًا على المعاملة بالمثل باستخدام الأسلوب نفسه، أو المورد ذاته الذي سُلب منهم؛ فإذا ضربه طفل سيرد له الضربة، أما إذا أخذ ملصقًا منه فسيأخذ منه هو الآخر ملصقه عنوة.

لم يتبع الأطفال قاعدة المعاملة بالمثل بوجهها الإيجابي حتى سن 7 أعوام تقريبًا، رغم محاولات الباحثين بث مشاعر الانتماء والتعاطف لديهم.

فسر الباحثون النتائج بميل الأطفال إلى التركيز على المعلومات السلبية، واستخدامها أكثر من المعلومات الإيجابية، وهو ما أسموه بـ”التحيز السلبي”.

أما عدم امتنان الأطفال لمن أحسن إليهم، ففسره الباحثون بنتائج دراسات سابقة أكدت أن الأطفال يتوقعون دائما من الآخرين أن يكونوا لطفاء معهم، ويعتبرون أن ذلك هو الوضع الطبيعي، وأن هذا السلوك لا يستدعي الشكر والامتنان.

هل يمكن تقويم سلوك طفلك؟

يمكنك تخفيف حدة رغبة طفلك في الانتقام، بين سن الرابعة والسادسة، لذلك إليك بعض أساليب التعامل مع السلوكات الانتقامية لطفلك:

لا تَنبذيه

يفكر الطفل المدفوع برغبته الانتقامية في أن محيطه مكان قاس، ويعتقد أن ذلك يستدعي منه الدفاع عن نفسه بكل الوسائل. وتزداد حدة تلك الأفكار عندما يواجهها الوالدان بالاستنكار الشديد والعقاب وتبخيس الطفل ومقارنة سلوكه بسلوك غيره.

أحيانا قد تستنكرين من طفلك عدم اعترافه بجميل أسدي إليه، وقد تنتقدينه وتصفين سلوكه بـ”الجحود” و”نكران الجميل”، لذلك يجب الانتباه إلى أن عقاب الطفل وتلقيبه بـ”الجاحد” يزيد من سوء سلوكه، وربما يرسخ لديه صورة سلبية عنك، ويجعله يتيقّن من صحة تصوره عن محيطه.

خففي آلامه

يتألم طفلك نتيجة تعرضه لأذى، سواء كان مقصودا أو غير مقصود، لذلك يلجأ إلى الانتقام من أجل التعبير عن شعوره بالظلم، لهذا يستحسن الإسراع في علاج آلامه قبل أن يأخذ بثأره.

من أفضل ما يمكنك فعله لطفلك عند أي سلوك سلبي هو إظهار مشاعر الحب له، اتجهي نحوه أولا واحضنيه، ولا تطرحي عليه حلولا، أو تلقي عليه أحكاما، ودعيه يعبّر عن مشاعره، ويتأكد من احترامك لجرحه، حتى تختفي مشاعره الغاضبة.

لا تتراجعي إذا قاومك طفلك، لأن تخليك عنه سريعا لن يؤدي إلا إلى تأكيد ما يشعر به تجاه نفسه، ومن ثم يزداد شعوره بالانتقام.

اكسري حلقة الانتقام

يتعلم أطفالك منكِ، لذا إذا رآك طفلك تنتقمين فسينتقم، خاصة إذا كنتِ تنتقمين منه، ولا تستمعين لتفسيراته أو مشاعره، وتؤدبينه بقسوة، أو لا تحترمين مشاعره، أو لا تظهرين ندمك بعد إفسادك متعته.

لذلك من المهم كسر حلقة الانتقام، وتعليم طفلك قوة الكلمات في حل النزاعات، وكيف نستخدم الكلمات للتعبير عن مشاعرنا، والتواصل مع شخص جرحنا.

حاولي أيضًا تغيير أسلوب عقابك له، فإذا كسر طفلك لعبة أخته المفضلة مثلا، فلا تتسرعي في أخذ لعبته المفضلة منه كعقاب، وتجنبي أي عقاب قد يبدو له انتقاما، وركزي على تعليمه قيمة التعويض، فبدلًا من حرمانه من لعبته المفضلة، يمكنه القيام ببعض الأعمال المنزلية وكسب المال من أجل شراء لعبة جديدة لأخته.

احكي قصصا تراثية

اقترح باحث صيني في مختبر التنمية الاجتماعية والتعلم في جامعة بوسطن، تنمية دوافع الأطفال لإظهار الامتنان ونبذ الانتقام منذ صغرهم، من خلال شرح الأمثال والقصص التراثية التي تحث على جزاء المحسنين ورد الجميل والعطف على الصغير واحترام الكبير.

أظهر الاقتراح نتائج إيجابية، خاصة عند مقارنة الأطفال الصينيين بنظرائهم الأميركيين، فيمتلئ التراث الصيني بقصص شعبية فيها عبرة وحكم أخلاقية، لذلك نصح الباحث الأمهات بحكي القصص لاستهداف السلوكيات التي يرغبن في تغييرها في أولادهن.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *