منوعات

مهنة وظيفة صاحبها الصراخ .. تعرف عليها 

تستهوينا أدوار الأبطال والشخصيات المتعاملة معها مباشرة في الأفلام، فهي التي تهيمن على المشهد بأدوارها المباشرة في الأحداث، وهناك أدوار أخرى يقوم بها أشخاص نراهم لكنها لا تثير اهتمامنا كثيرا لأنها ثانوية، مثل أدوار الكومبارس، فأهميته الكبيرة ملحوظة كمساعد في إيجاد منظر عام تلقائي، وضرورته أنّه غالباً ما يضفي واقعية ويساعد على خلق مناخ طبيعي لتنفيذ التصورات أو السيناريو وتسلسل أحداث القصة.

لكن هناك أشخاص لا نراهم نهائيا، لكن قد يشكلون البعد الأكثر تأثيرا فينا، حيث أن وظيفتهم هي فن الصراخ، فيحدثون من الأصوات ما تحتاجه المواقف ولا يقبل النجوم والأبطال الاضرار بحناجرهم للقيام بها، او يعجزون عن ذلك، فهؤلاء لهم مهارة صوتية لا تقتصر على كونها عالية بل أيضا كونها تتم عبر طبقات صوتية تتكيف مع متطلبات المشاهد، فأصبحوا مع الوقت فنانين يتلقون أموالا عن وظيفتهم.

لكن وظيفة فنان الصراخ ليس مجرد إحداث أصوات بل هو تمثيل صوتي كامل يشارك به الفنان وفق مقاربات مدروسة وتدريبات شاقة حتى يكون أداؤه ناجحا.

من “فنان الصراخ”؟

“فنان الصراخ” أو “سكريم أرتست” وظيفة يعرفها كوادر إنتاج أفلام الرعب والحركة (الأكشن) في هوليود، ورغم أنها وظيفة غير شهيرة وأقرب إلى كونها سرا حتى لا يصدم الجمهور عندما يعرفون أن الصرخة في فيلمهم المفضل ليست لبطل العمل أو نجمه بل لشخص آخر في الكواليس.

نشأت هذه الوظيفة بسبب رغبة بعض النجوم والممثلين في الحفاظ على حناجرهم وأصواتهم سليمة، أو ربما لا يملكون حناجر قوية كفاية لأداء صرخات رنانة؛ هنا يأتي دور “فنان الصراخ” الذي يؤدي الصرخة المناسبة للمشهد نيابة عنه.

صعوبات

مهمة الصراخ هذه ليست شيئا هينا أو بسيطا يمكن لأي شخص فعله، خاصة أن الصراخ مهمة مرهقة جسديا، وتزداد صعوبة عندما يعاد تصويرها لتكون أكثر ملاءمة، أو تكون مهمة شخص الصراخ في كل أعماله، كما أن فناني الصراخ يحتاجون إلى تدريبات ومعرفة بأنواع طبقات الصوت التي تناسب الدور والمشاهد، وللمحافظة على أدائهم بمستوى جيد.

والشيء الآخر المهم في هذه الوظيفة أن يكون الشخص قادرا على تحديد درجة صرخته، لأن المشاهد قد يتأثر بصرخة عالية ومرعبة أو يمكن أن يشعر بعدم الاقتناع وضعف العمل بسببها أيضا.

كذلك، إن صراخ شخص يخشى على حياته وفي موقف مرعب والأدرينالين يسري في جسده ويتعرق ليس بالتأكيد كصراخ شخص أفاق من كابوس أو آخر شعر بالصدمة أو كان غاضبا أو حزينا أو خائفا.

وفي السياق، كشف “فنان الصراخ” الذي أدى صرخة الطيار الذي ألقي من طائرة مروحية في فيلم “إنكريديبل 2” (Incredibles 2) أن المهمة تصبح أصعب عندما يؤدي صرخة نجوم كبار، وأشار في وثائقي قصير مع موقع “إنسايدر” (Insider) الأميركي إلى أن صرخته مكان “توم هاردي” أثناء مطاردة الدراجة النارية في فيلم “فينوم” (Venom)، احتاجت منه إلى دراسة النجم هاردي وما يجعل صوته مميزا بالنسبة للجمهور حتى يحاول الوصول إلى نفس طبقة الصوت والأداء.

كما أن أداء مشهد واحد قصير يستغرق من فنان الصراخ دقائق قليلة قد يرهقه ويجعله يتصبب عرقا.

ويقول “فنان الصراخ” سكوت وايت إنه عندما يطير هاردي من دراجته النارية، اضطر هو للصراخ لمدة 10 ثوان مع الحفاظ على طبقة صوت هاردي لتكون مقنعة، إضافة إلى أن الصرخة كانت مكتومة.

ولا يقتصر تأثير الصرخة على الحنجرة وحسب، إذ أشار وايت إلى أنه في الصرخات الطويلة يحاول إطالة الصرخة عبر شد الحجاب الحاجز لمجرد إخراج ما يكفي من الهواء، وهذا لا يكون بسرعة كبيرة حتى لا ينفد الهواء سريعا؛ وبالتالي ينفد صوت الصرخة، وللقيام بهذه العملية فإن ذلك يشد المعدة أيضا.

ويؤدي “فنان الصراخ” صرخات الخوف والغضب والقتال وأصوات النجوم الحقيقيين، وأصواتا ممزوجة بالموسيقى والأغاني، وأصواتا مدبلجة، كما يؤدي الأصوات غير البشرية أيضا، مثل الأصوات الرقمية وصرخات الكائنات من العوالم الأخرى.

الصرخة المناسبة في الوقت المناسب

بالنسبة إلى آشلي بيلدون، وهي معلقة صوت أميركية، شاركت في أكثر من 40 فيلما ومسلسلا تلفزيونيا بوصفها “فنان صراخ”، فإن أداء صرخات مختلفة يتطلب جهدا ودراسة 3 أمور مهمة:

  • الشخصية التي تؤدي صرخاتها.
  • العاطفة التي تشعر بها هذه الشخصية.
  • الطاقة التي تؤدي بها.

وتضيف بيلدون أن “صراخي ليس مجرد ضوضاء؛ إنه انفجار تمثيلي”. وكتبت -في تدوينة نشرتها صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية- أنه “بصفتك فنان صراخ، عليك أن تعرف الفروق الدقيقة بين أنواع الصرخات، وتحديد إذا كان يجب أن تصل إلى الذروة في نقاط معينة، أو تظل ثابتا لفترة طويلة”.

ودخلت بيلدون هذا العالم بفضل اكتشافها في طفولتها لتصبح ممثلة هي وأختها، إذ حصلت على دور رئيسي في الثمانينيات في فيلم “تشايلد أوف رانج” (Child of Rage).

وأشارت مؤدية أصوات الصرخات في فيلم “جوراسيك وورلد” (Jurassic World) إلى أن الحفاظ على التسلسل المناسب وفقا للمشهد أمر آخر في غاية الأهمية.

وتابعت “رأيت أن الشخصيات كانت تتشبث بشعرها ثم تسقط وتستيقظ، لذلك حاولت مطابقة ذلك وخلق كل الطاقة والحركة في الصوت”.

وقالت بيلدون إنه “يجب أن أفكر، الشخصية خائفة هنا، لكن هل هي خائفة لأن حياتها في خطر أو مذهولة؟ ستبدو تلك الصرخة مختلفة عن الأخرى، وشعور الجمهور بها يصبح مختلفا”.

كما تعتقد أن أصعب أنواع الصراخ بالنسبة لها هو صراخ الحزن، لا سيما الشخص العاطفي، إذ قالت “إنه شخص يعبر بصراخه عن شعوره بالألم والصدمة والحزن”.

وقالت الشابة التي تحمل شهادة دكتوراه في علم النفس أيضا “رغم أنها تجد التواصل مع العاطفة أمرا سهلا، فإنه يترك أثرا كبيرا على المؤدي والمشاهد”.

الصراخ في حياة “فنان الصراخ”

ويبدو أن الصراخ يصبح جزءا من الحياة الخاصة “لفناني الصراخ”، إذ كتبت بيلدون في تدوينتها “في حياتي الخاصة، أصبح الصراخ أمرا طبيعيا، إذ أصرخ عندما أشعر بالدهشة”.

وأضافت “بفضل مهنتي المميزة ربما أصرخ في المتوسط ​​أكثر من الشخص العادي، لكنه شيء مريح حقا، لأنه بعد يوم طويل من الصراخ أشعر بأنني أخف وزنا وأكثر إشراقا”.

وختمت بيلدون بأنها تحتاج إلى “العناية بصوتها خارج أوقات العمل”، مشيرة إلى أنها تهتم بشرب المشروبات الدافئة وممارسة الأشياء النموذجية لأي شخص يهتم بالحفاظ على صوته وحنجرته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *