منوعات

علماء يكتشفون أن البحر “يغسل” النفس من الاكتئاب والقلق والهموم

يحضر البحر في الثقافة الشعبية، ليس فقط من باب الاستجمام والترفيه، بل أيضا من باب العلاج الخرافي. فنجد العديد من الخرافات التي تنصح بالاغتسال مثلا بماء عدد من أمواج البحر، وبالضبط 7 أمواج، والهدف التخلص من النحس.

وتوجد في بعض سواحل المغرب أماكن تقصدها النساء للتخلص من “التابعة” ومن السحر، عبارة فجوة صخرية تتناوب عليها أمواج البحر توفر مكانا “آمنا” لمن ترغب في أن “يغسل” ماء البحر ما بها. وتنتشر في أوساط النساء أخبار المفعول السحري للاستحمام بماء سبع موجات بشرط “نية العلاج” كما يحرص المشعوذون على تأكيده.

 

ومن المفارقات المثيرة أن تؤكد دراسة علمية جديدة هذا الدور العلاجي للبحر، ليس في مجال إبطال السحر ورفع النحس، بل في مجال العلاج النفسي، وهو ما قد يفسر ما يجده الناس من راحة نفسية بعد الاستحمام بماء البحر ويفسرون ذلك بتفسيرات خرافية لا أسا لها من الصحة.

 

وحسب موقع (WD) الألماني، تعتبر رحلة قصيرة إلى البحر، حسب دراسة علمية،  بمثابة رحلة شفاء للإنسان.

 

فكيف فسر العلماء ذلك؟

 

البحر يخفف اضطرابات القلق والاكتئاب

 

المشي بين الأشجار والنباتات الخضراء مفيد للراحة النفسية، كما أظهرت دراسات علمية سابقة. لكن إذا كنت ترغب في التخلص من الإجهاد اليومي، وإعادة شحن بطارياتك، حسب نفس المصدر، فإن أفضل مكان لذلك ليس الغابة، وإنما البحر، وفق دراسة حديثة نشرها موقع “stern” الألماني.

 

ووفق المصدر السابق، يميل الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البحار والأنهار إلى أن يكونوا أسعد وأكثر صحة مقارنة بسكان المناطق الأخرى. هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة أجراها عالم النفس البيئي، ماثيو وايت، من جامعة إكستر في بريطانيا. مع فريقه البحثي. حيث أجرى عالم النفس مقابلات مع أكثر من 16 ألف شخص من 18 دولة حول ظروفهم المعيشية وصحتهم الجسدية والنفسية.

 

المناطق الزرقاء وليس الخضراء وحدها

 

غير أن الدراسة الحالية التي أجراها، وايت وزملاؤه ليست المسح الوحيد الذي يشير إلى تأثير علاجي للمساحات الطبيعية الزرقاء على الإنسان. فقد بدأ الباحثون حول سوزانا موراتو من كلية لندن للاقتصاد وجورج ماكيرون من جامعة ساسكس استطلاعاً قبل عشر سنوات، انتهى به الأمر بأكثر من مليون إجابة. والنتيجة كانت: أن الناس بين الطبيعة دائماً أسعد بكثير من سكان المدن. وينطبق هذا مبدئياً على المناطق ذات المناطق الخضراء في الغالب مثل الغابات والمروج والجبال ولكن بالأخص على المناطق الساحلية.

 

وعلى مقياس السعادة المكون من 100 نقطة، سجلت المناطق الساحلية حوالي ست نقاط أفضل من المدن، كما كانت المناطق الطبيعية الخضراء في المتوسط أفضل بنقطتين فقط من المناطق الحضرية.

 

من ناحية المناطق الطبيعية الخضراء، هذا ليس بالأمر الجديد. إذ ليس من قبيل الصدفة أن الممارسة اليابانية “للاستحمام في الغابة” أصبحت شائعة بشكل متزايد في الدول الغربية. ووفقاً للعديد من الدراسات، فإن التجربة المكثفة للغابة، التي تمارس في الدولة الآسيوية منذ ثمانينيات القرن الماضي، لها تأثير مريح ويمكن أن تقلل من هرمونات التوتر وضغط الدم.

 

والعيش بين الطبيعة يجلب معه العديد من الفوائد الأخرى على صحة الإنسان. لقد تمكن العلماء من إثبات أننا أصبحنا أكثر انتباهاً وإبداعاً واسترخاءاً عندما نقضي الكثير من الوقت بين المساحات الطبيعية الخضراء أو الزرقاء على حد السواء.

 

ما الذي يجعل البقاء بجانب البحر أفضل من التنزه وسط الغابة؟

 

وفق نتائج العديد من الدراسات التي أجراها عالم النفس البيئي، ماثيو وايت، فإن البحر يشجعنا على أن نكون أكثر نشاطاً. لذلك لا يكفي أن تكون بجانب الماء فقط، لكي نشعر بالتأثيرات الإيجابية، علينا أيضاً أن نشعر بالارتباط بالطبيعة هناك.

 

إذا كان الحضور وسط الطبيعة خياراً حراً وتستمتع بنسيم البحر، فقد تصل التأثيرات إلى حد التخفيف من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطرابات القلق والاكتئاب. في حالة عدم الحضور جسدياً، يكفي السفر عقلياً إلى البحر. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2017 أن الأشخاص الذين تم خلع أسنانهم شعروا بألم أقل عندما قاموا بنزهة افتراضية على الشاطئ.

 

هناك العديد من الفرضيات الأخرى حول هذا الأمر، كما نُشر في مقال في موقع “Spektrum”. ربما الأكثر شيوعاً، هو أن البحر يتميز بالحركة المستمرة ويتغير مظهره باستمرار بسبب حركة الأمواج والرياح. ويمكننا أن نحرر أنفسنا بسرعة من الأفكار السلبية من خلال الرؤية والضوضاء عبر الإنسجام في مشهد طبيعي مثير للإعجاب.

 

وهذا ينطبق بشكل أساسي على كل إنسان بغض النظر عن تكوينه الاجتماعي وأصله. فقد أظهرت دراسة من عام 2019 أنه حتى الأشخاص ذوي الدخل المنخفض يكونون أفضل حالًا من المتوسط، إذا كانوا يعيشون بالقرب من البحر. ووفقًا للباحثين، فإن التأثير المريح للبحر يمكن أن يخفف من الظروف المعيشية المجهدة والمرهقة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *