منوعات

ما حقيقة خطورة الدواء منتهي الصلاحية على صحة الإنسان؟

الثقافة العلاجية عند عموم المواطنين لا يحضر فيها الدواء بشكل صحي، حيث يتحول كثيرون إلى “أطباء” و”صيدلانيين” في توصيف الدواء لبعضهم البعض، كما لا يحترمون، أو لا يولون أي اهتمام، لمدة صلاحية الدواء.

وتاريخ انتهاء مدة صلاحية الدواء ليست مجرد إخبار بانتهاء صلاحية الدواء، بل معلومة حيوية تنبهك إلى أن الدواء الذي بين يديك سيصبح شيئا آخر غير الدواء الذي تبحث عنه، فقد يكون مجرد مادة لا تأثير لها علاجيا على مرضك بحلول ذلك التاريخ، ولكن قد يكون أيضا مادة سامة، وذلك حسب الدواء وطبيعته وطبيعة المواد التي صنع منها.

وفي إطار هشاشة ثقافة الدواء المنتشرة يتم تداول معلومة تتعلق بكون بعض الأدوية لا ضرر لها بعد انتهاء صلاحيتها، لتصبح قاعدة للتعامل مع جميع الأدوية.

فما هي قصة مدة صلاحية الدواء؟ وهل يمكن استخدام الدواء بعد انتهاء صلاحيته دونما ضرر؟ وأي الأشكال الدوائية ينطبق عليها الحكم؟ وما الدليل العلمي لذلك؟

كيف بدأت القصة؟

حسب الجزيرة نت، تعود فكرة انتهاء صلاحية الأدوية في تواريخ محددة إلى ما يقرب من نصف قرن على الأقل (1979) عندما بدأت إدارة الغذاء والدواء FDA في مطالبة الشركات المصنعة بإضافة هذه المعلومات إلى الملصق؛ لضمان عمل الأدوية بأمان وفعالية للمرضى. ولتحديد العمر الافتراضي للدواء الجديد، تقوم الشركة المُصنعة، باختباره تحت كافة الظروف والعوامل، مثل الحرارة، والرطوبة، والضغط، ثم تقترح شركة الأدوية تاريخ انتهاء الصلاحية على إدارة الغذاء والدواء FDA حيث تقوم بمراجعة البيانات للتأكد من أنها تدعم التاريخ وتوافق عليه. ولكن العجيب أنه على الرغم من الاختلاف الكبير في تركيب الأدوية، إلا أن معظمها “تنتهي صلاحيته” بعد سنتين أو ثلاث سنوات فقط.

وينبغي، حسب بي بي سي عربية، الأخذ بالاعتبار الشروط المتعلقة بعلبة الدواء المفتوحة منذ زمن وغيرها مثل أدوية السعال أو قطرة العين ما قد يلحق ضرراً، أو بضرورة حفظ الدواء في الثلاجة مثل الأنسولين لمرضى السكري على سبيل المثال كي لا يفقد خاصيته العلاجية ويؤدي بالتالي إلى نتائج خطيرة.

وحسب نفس المصدر، تفرق منظمة الصحة العالمية على موقعها بين عبارة “تاريخ الصلاحية” و”الاستخدام قبل” تاريخ معين، فحسب الموقع إن كان تاريخ صلاحية الدواء أكتوبر/تشرين الأول، فلا يجب استهلاك الدواء بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول. وإن كانت العبارة المستخدمة “الاستخدام قبل أكتوبر/تشرين الأول”، فلا يجب استهلاكه بعد 30 سبتمبر/أيلول.

حقيقة مثيرة!

في عام 1985 بدأ سلاح الجو الأمريكي دراسة ثم مددها لاحقًا لتشمل خدمات عسكرية أخرى في أوائل التسعينيات؛ إذ جمع الجيش مخزونًا كبيرًا من الأدوية بقيمة تزيد عن مليار دولار كانت قريبة من تواريخ انتهاء صلاحيتها أو تجاوزتها، ولا أحد يريد التخلص من هذه الأدوية باهظة الثمن، التي قد لا تزال آمنة وفعالة؛ لذلك نُفذت الدراسة، واختُبرت الأدوية على نطاق واسع مع الإشراف من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، وجاءت النتائج، مذهلة، وصادمة؛ فمعظم الأدوية بنسبة قاربت 90 في المائة كانت لا تزال جيدة، وصالحة للاستخدام، رغم انتهاء صلاحيته، كما هو مدون عليها، لكن هذا، لا يعني أن الدواء جميعه، صالح للاستخدام بعد انتهاء صلاحيته.

لكن انتبه!

قبل تجاهل تواريخ انتهاء الصلاحية على الأدوية، بناء على نتائج الدراسة السابقة، هناك بعض الاحتياطات الهامة التي يجب وضعها في الاعتبار:
1- كانت هذه الاختبارات لكفاءة الدواء في منتصف الثمانينات وأوائل التسعينيات، ومن المحتمل أن الأدوية الحديثة لم تخضع لمثل هذه الاختبارات.
2- اُختُبِر حوالي 100 دواء فقط، وكان الكثير منها عبارة عن عقاقير نادراً ما تستخدم من قبل أشخاص ليسوا في الجيش مثل الترياق للتسمم الكيميائي والمضادات الحيوية للملاريا.

التفسير العلمي

في الحقيقة، تنخفض فعالية الدواء تدريجيًا بشكل طفيف، بدءًا من لحظة تصنيعه، غير أن الأدوية منتهية الصلاحية لم تفقد بالضرورة فعاليتها؛ فتاريخ انتهاء الصلاحية هو فقط تأكيد على أن الفاعلية المحددة سوف تستمر على الأقل حتى ذلك التاريخ، وتُظهر الأبحاث الجارية أنَّ الأدوية التي يتم تخزينها في الظروف المثالية، تحتفظ بنسبة 90 في المائة من فعاليتها، لمدة خمس سنوات على الأقل بعد تاريخ انتهاء الصلاحية المحدد، وقام الباحثون مؤخرًا بفحص عينات من 8 أدوية انتهت صلاحيتها قبل 28 إلى 40 عامًا وتضمنت 15 مكونًا نشطًا مختلفًا، كانت المكونات النشطة التي اختبرت هي: الأسبرين، الأمفيتامين، الفيناسيتين، الميثاكوالون، الكودايين، البوتالبيتال، الكافيين، الفينوباربيتال، الميبوبرومات، البنتوباربيتال، السيكوباربيتال، الهيدروكودون، الكلورفينيرامين، والأسيتامينوفين. وأظهرت النتائج أن 11 (79 في المائة) من المركبات الدوائية (14) كانت موجودة دائما في تركيزات لا تقل عن 90 في المائة من فعاليتها.

ولكن!

1- الأدوية السائلة مثل المحاليل، المعلقات، الشراب، ليست مستقرة كالصلبة مثل الأقراص، والحبيبات، والكبسولات وبالتالي فإن الأدوية التي يتم تحضيرها عن طريق إضافة مذيب مثل المضادات الحيوية للاستخدام عن طريق الفم، لا تستخدم بعد انتهاء تاريخها.
2- أدوية العيون، لا يكون العامل المؤثر استقرار الدواء، ولكن استمرار قدرة المادة الحافظة على تثبيط نمو الميكروبات، ولذلك لا تستخدم بعد انتهاء الصلاحية.
3- الحقن التي أصبحت غائمة أو غير ملونة أو تظهر عليها علامات الترسيب، لا تعطى، ولا تستخدم، على أي حال.
4- أدوية لا ينبغي أبدًا استخدامها بعد انتهاء صلاحيتها، الفينوباربيتال، النتروجليسرين، الوارفارين، الثيوفيلين، الديجوكسين، التيتراسيكلين، وسائل منع الحمل عن طريق الفم الإيبينيفرين، الإنسولين، نقط العين؛ فالعيون حساسة بشكل خاص لأي بكتيريا قد تنمو في المحلول بمجرد أن تتحلل المواد الحافظة. المضادات الحيوية مثل الأموكسيسيلين والأزيثروميسين والسيفالكسين والدوكسيسيكلين، فقد تساهم في زيادة مقاومة المضادات الحيوية وفشل العلاج.

هل يمكن تناول الدواء بعد انتهاء صلاحيته؟

تقول الحكمة إنَّه إذا كانت حياتك تتوقف على دواء محدد، ويجب أن تحصل على 100 في المائة من القوة الفعالة، فمن الأفضل أن تتبع الحكمة التي تقول “الصحة قبل المال”؛ فالأدوية التي تعالج أمراض مزمنة خطرة، قد تؤثر على حياتك، لا يمكن التهاون معها، والأفضل ألا تفكر في تناولها طالما جاوزت تاريخ صلاحيتها؛ لأنها إن لم تعالج فستضر، وربما تقتل، ولكن إذا كانت حياتك لا تتوقف على دواء منتهي الصلاحية -مثل أدوية الصداع أو نزلات البرد أو الإمساك- فيمكنك تناول الدواء، ما دمت تلتزم بالقواعد التي ذكرناها سابقًا، وتبتعد عن الخطر، ولا تقلق، فلن يتحول الدواء في هذه الحالة إلى سم، وربما تكتشف أن هناك خدعة ما.

التخلص من الأدوية القديمة

تتبع الكثير من دول العالم، حسب بي بي سي عربية، إجراءات لإعادة الأدوية منتهية الصلاحية أو غير المستخدمة إلى الصيدليات للتخلص منها بالشكل المناسب والآمن للبيئة والحيوانات.

وتفوق تكاليف الأدوية غير المستخدمة في بريطانيا مثلاً ما يعادل 350 مليون دولار أمريكي سنوياً حسب نظام الرعاية الصحية البريطاني.

وحسب دراسة لمدينة الملك عبد العزيز الطبية في السعودية، وصلت تكلفة إعادة حوالي ألفي دواء غير مستخدم إلى الصيدليات إلى أكثر من 26 ألف دولار أمريكي فقط خلال الشهر الذي جرت فيه الدراسة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *