خارج الحدود

كريشان: تونس قدر أحكم غطاؤه وهو يغلي فوق نار تزداد اشتعالا

قال الصحافي التونسي بشكبة الجزيرة القطرية، محمد كريشان، إن تونس اليوم “عبارة عن قِدْرٍ أحكم غطاؤه وهو يغلي فوق نار تزداد اشتعالا”.

وقال في مقال نشرته صحيفة القدس العربي إن أسوأ ما تعيشه أي دولة هو أن تكون هذا القِدر الذي لا أحد تقدّم لإطفاء النار الملتهبة تحته، ولا حتى لتحريك غطائه قليلا لعلّ خروج بعض البخار يؤجّل الانفجار المحتوم.

وأوضح كريشان ضمن مقاله أن محموعة من العناصر والتي تفور حاليا بلا هوادة هي التي دفعته إلى رسم صورة بهذه القتامة، ومن ضمنها أن تونس لديها رئيس لا يبالي بأي شيء ولا يستمع لأي أحد، لا همّ له إلا تغيير القوانين على مقاسه من أجل «تونس جديدة» لا توجد إلا في خياله. لا يتحدث إلا بلغة تقسيم البلاد والعباد بين طالحين وصالحين لا نعرف أحدا من بين هؤلاء أو أولئك.

وأضاف أن هذا الرئيس لا يعرف متى وكيف يتحدّث إلى أبناء شعبه، ولا يبدو معنيا حقا بما يعانونه في حياتهم اليومية، وإن تحدث فهو لا يفعل إلا بلهجة متوتّرة مبهمة لا تقدم ولا تأخر، ناهيك أن تبعث بأي رسالة طمأنة أو تهدئة، مع حماسة لمشاريع ملتبسة من نوع «الشركات الأهلية» غريبة الأطوار.

أما العنصر الثاني فيتمثل في حكومة لا حول لها ولا قوة، برئيسة باهتة لم نرها يوما تتحدث إلى الشعب بعد أن قبلت على نفسها أن تكتفي في كل مرة بالجلوس أمام مكتب الرئيس تهز برأسها ليس إلا!! أما بقية الوزراء فشخصيات نكرة في الغالب بلا رؤية ولا قدرة على التسيير أو الابتكار، يعودون في كل كبيرة وصغيرة إلى الرئيس دون أي شعور بالإحراج أو بالإهانة الشخصية التي رضوا بها لأنفسهم، وزراء إذا تحدثوا يثيرون من السخط أكثر مما لو ظلوا ساكتين. ربما لم تعرف تونس في كامل تاريخها الحديث حكومة بمثل هذا الهزال الفاقع.

وأضاف الصحافي التونسي عنصرا ثالثا الذي تمثله المعارضة التي وإن استطاعت أن توسّع قدرتها على التعبئة، كما بدا ذلك في مظاهرة الأحد الماضي، إلا أنها ما زالت غير قادرة على كسب ثقة أوسع قطاع ممكن من الناس، ليس فقط لأنها ارتبطت في أذهان هؤلاء برواسب سلبية مختلفة في السنوات الماضية، حقيقية أو مفتعلة، بل أيضا لأنها بدت عاجزة على الالتقاء العريض بين مكوّناتها المختلفة على حد أدنى مرحلي لعودة الديمقراطية ودستور 2014، يقدّم إلى الناس بشكل واضح ومقنع، فضلا عن الفشل في تجديد قيادييها وخطابها، ثم إن القوتين الأبرز الآن في هذه المعارضة يعاني كل منهما عيبا قاتلا: حركة «النهضة» منسوب الغضب الشعبي منها كبير، وحزب «الدستوري الحر» مخيف في خطابه الإقصائي الشعبوي، وكلاهما لا يملك جرأة نقد إرثه وتاريخه، وفق تعبيره.

وقال كريشان في حديثه عن العنصر الرابع إن الشعب التونسي غاضب ويئن تحت وطأة غلاء فاحش لا يُطاق أفقر الطبقة الوسطى تقريبا وسحق من كان فقيرا معدما. كما فُقدت من الأسواق مواد ما كان يظن التونسي أن تفقد يوما مثل الوقود والخبز والسكر والقهوة والزيت وحتى الماء المعدني وغير ذلك.

وتابع بالقول: “تونس اليوم تعيش على مساعدات عاجلة عبر قروض خارجية محدودة حتى لا يموت الناس جوعا ليس أكثر، آخرها ما أعلنه صندوق النقد الدولي، في وقت يتضح فيه تماما أنه لم يعد للدولة من سيولة مالية تغطي توريد ضروريات ملحّة من غذاء ودواء ووقود”.

أما العنصر الخامس، فيظهر من خلال السجط الذي يعم الرأي العام، حيث صارت مواقع التواصل الاجتماعي متنفسه الأساسي والوحيد غير عابئ بمرسوم رئاسي صدر مؤخرا لتضييق الخناق عليه، وبعد أن عاد الإعلام العمومي، وأغلب الخاص، إلى عاداته القديمة عقود الاستبداد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *