منوعات

اكتشاف نوع من بكتيريا الكهوف يمكنها العيش داخل الإنسان والتخفيف من بعض اضطراباته

تستمر الكهوف في الكشف عن كنوزها التي خبأتها مند أزمنة بعيدة، ولا يتعلق الأمر بما قد تحتفظ به تلك الكهوف من آثار قديمة تشهد على حضارات الأجداد من البشر، ولا ما قد تخفيه من موارد مائية أو معدنية، بل أيضا بما قد تحتوي عليه من كائنات حية دقيقة.

وتتجاوز فائدة ما يكتشفه العلماء من أنواع جديدة من الميكروبات في الكهوف مجرد المعرفة العلمية بوجود تلك الأنواع التي  لم تكن معروفة من قبل، بل بما قد تفيد به تلك الميكروبات البشر.

ولعل أغرب ما كشفت عنه الأبحاث في هذا الصدد هو أن بعض بكتيريا الكهوف يمكنها العيش في الجهاز الهضمي للبشر وتساهم في معالجة بعض الاضطرابات التي تنتج عن أكل بعض الأطعمة.

فما هو الجديد في هذا الصدد؟

العثور على بكتيريا تحمل خصائص مميزة

عثر فريق دولي من الباحثين من جامعتي أوميو في السويد وقسنطينة في الجزائر مؤخرا على بكتيريا تحمل خصائص مميزة في كهوف جزائرية لم تُستكشف سابقا، حسب الجزيرة نت، وتقع على أعماق غائرة في الجزائر، ونشروا نتائج البحث في دورية “ميكروبيولوجي سبيكترم” (Microbiology Spectrum) في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وحسب نفس المصدر، تقول ناتوشكا لي -الباحثة في قسم علم البيئة في جامعة أوميو في البيان الصحفي المنشور على موقع “فيز دوت أورج” (Phys.org) -في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري- إن “هذه الدراسة تظهر قدرات الكائنات الدقيقة في كوكبنا، وعلى الرغم من جهود الباحثون المضنية في البحث فإننا تمكننا من رصد جزء صغير من جميع الميكروبات الموجودة على كوكب الأرض”.

بكتيريا تنتج مواد مضادة للميكروبات وتكسر الجلوتين

في العقد الماضي، حظيت أبحاث الكهوف باهتمام كبير، وتمتلك شمال أفريقيا -والجزائر تحديدا- كهوفا فريدة وغير مستكشفة، مثل أعمق كهفين: آنو إيفليس وآنو بوسويل، كما تمتلك أكبر شبكة كهوف تحت الأرض في أفريقيا، وهي كهوف غار بوماظة، وبها أحد أعمق الكهوف الجبسية في العالم، وهو غار “كيف”.

وحتى الآن، لم تستكشف الأحياء الدقيقة في تلك الكهوف الجزائرية، باستثناء تلك الموجودة في كهف الشعب، لذا قام الباحثون بعزل وتصنيف 250 سلالة بكتيرية من الصخور الرسوبية في 10 كهوف جزائرية تقع على أعماق مختلفة، تصل إلى 450 مترا تحت سطح الأرض.

وصنف الباحثون تلك السلالات وفقا لإمكانياتها الحيوية المفيدة، مثل حساسية المضادات الحيوية، والقدرة على تحليل اللاكتوز والجلوتين، وهما مصدرا اضطرابات الجهاز الهضمي الشائعة.

وأظهرت التحليلات الفيزيائية والكيميائية أن 9 كهوف تحتوي على أقل من 2 مليغرام من إجمالي الكربون العضوي لكل لتر، مما يعني صعوبة وصول الغذاء للكائنات الدقيقة، وتفاوتت درجة الحرارة في الكهوف من 3.2 درجات مئوية إلى 25 درجة مئوية، وتراوحت الرطوبة بين 40 و99.99%.

ورغم هذه الظروف البيئية الصعبة وصعوبة وصول الغذاء إلى الكائنات الدقيقة، فإن العلماء وجدوا أن هذه الكائنات متنوعة بشكل ملحوظ، وتظهر أنواعا مختلفة من التكيف مع طبيعة الكهوف.

تقول ناتوشكا لي “عثرنا على سلالات من البكتيريا تنتج مواد مضادة للميكروبات، ويمكنها تكسير الجلوتين. والجلوتين مادة يمكن أن تسبب التهابات في الأمعاء، وهذه البكتيريا يمكن أن تتأقلم في الظروف القاسية الموجودة داخل الجهاز الهضمي للإنسان”.

وتنتمي هذه البكتيريا إلى البكتيريا العصوية، التي تلعب دورا رئيسيا في النظام البيئي، فمن ناحية قد تتسبب في العديد من الأمراض ومن ناحية أخرى قد تكون مفيدة.

أهمية البحث داخل الكهوف

يمكن أن يمنحنا البحث في أشكال الحياة تحت الأرض معلومات حول ماهية تطور الحياة فوق الأرض، وقد تكون دليلا على وجود حيوات أخرى تحت سطح أجرام سماوية مختلفة، مثل كوكب المريخ.

ولاحقا، سيتحقق الباحثون من إمكانية استخدام البكتيريا المستخرجة من الكهوف في مجال صناعة التكنولوجيا الحيوية، مثل مضادات حساسية الجلوتين.

ما الغلوتين (Gluten)؟

وبالرجوع إلى قدرة الميكروبات الجديدة المكتشفة العيش في الجهاز الهضمي للإنسان وكسر الغلوتين نتوقف عند تعريف هذا الأخير.

فالغلوتين (Gluten)، حسب ويب طب، هو بروتينات طبيعية يمكن العثور عليها في العديد من الأطعمة، وهو مركب بروتيني موجود بشكل طبيعي في بعض الحبوب، بما في ذلك القمح والشعير والشوفان.

وللغلوتين فوائد صحية كثيرة، غير أنه يسبب أضرارا جانبية قد تكون خطيرة لدى بعض الأفراد، والتي تشمل الآتي، حسب نفس المصدر:

  • المعاناة من حساسية الغلوتين نتيجة مهاجمة جهاز المناعة الذاتية بطانة الأمعاء الدقيقةكردة فعل طبيعية عند تناول هذا البروتين، مما يؤدي إلى عدم امتصاص المواد المغذية في مجرى الدم.
  • يمكن أن يسبب تناول الغلوتين الانتفاخ، والإسهال، والتعب، والصداع.
  • قد يسبب الغلوتين العقم، واضطرابات الأعصاب، وفي حالات نادرة السرطان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *