منوعات

“العواقب المنطقية والطبيعية” .. طريقة إيجابية لتأديب طفلك دون عقاب

أحيانا يواجه الآباء حالة من التمرد وعدم الاكتراث من طرف طفلهم، حيث لا تغني التنبيهات ولا التهديدات في ثنيه عن القيام بأمر ما، فتكون النتيجة أن يعاقبوه بالضرب أو ما شابهه من الأشكال العنيفة.

وفي كثير من الأحيان يجد الآباء مبررات رد فعلهم في الضغوط التي يكونون تحت تأثيرها، لكن تلك المبررات لا تمنع النتائج السلبية الخطيرة لرد فلعلهم على صحة الطفل النفسية، والتي يمكن أن تورثه عقدا ترهن مستقبله.

ويحار الآباء في الطريقة الفعالة المثلى التي يمكن من خلالها تأديب الطفل دون عنف، ومع الحفاظ على احترامه والحفاظ على علاقته الإيجابية بأبويه.

والواقع أن التربية ليست مجرد إجراءات تهم نازلة محددة، بل هي منظومة يسهر الآباء على إرسائها في بيئتهم، ولعل أبرز ما يميز هذه المنظومة حرصها على جعل الطفل مدركا لعواقب أفعاله وتصرفاته، وجعله مسؤولا عن افعاله وتصرفاته، وتنجح هذه المهمة حين يستطيع الطفل الربط بشكل منطقي وطبيعي بين ما سيقوم به من أفعال وأقوال وبين عواقبها، وهو ما يسميه خبراء التربية بـ”العواقب المنطقية والطبيعية”.

أهمية اعتماد مقاربة العواقب المنطقية والطبيعية

تختلف العواقب الطبيعية عن المنطقية، فالأولى هي نتيجة سلوك معين تحدث من دون تدخل أحد. على سبيل المثال؛ إذا قام الطفل بكسر قلمه فلن يكون لديه قلم وإذا عنّف القطة ستخدشه.

أما العواقب المنطقية، فهي نتيجة لسلوك معين ولكنه يفرض من شخص آخر؛ على سبيل المثال، إذا رفض الطفل التقاط ألعابه من الأرض بعد أن انتهى من اللعب بها ستحرمه الأم منها لبعض الوقت.

وتساعد العواقب الطبيعية والمنطقية في تأديب الطفل، ولكنها -على عكس العقاب- فإنها لا تهين الطفل أو تحرجه بل تحافظ على احترامه وتساعده ليصبح أكثر مسؤولية.

وتقول المختصة النفسية للأطفال “أليزا بريسمان” لموقع “فيري ويل فاميلي” (Very Well Family)، حسب الجزيرة نت، إن “العواقب المنطقية والطبيعية تساعد الأطفال على تنمية وعيهم بسلوكياتهم ونتائج أفعالهم، وتدفعهم للتصرف بشكل أفضل في المرة القادمة”.

منطقية ومرتبطة بالسلوك

هناك 3 قواعد يجب مراعاتها عند تطبيق القواعد المنطقية:

يجب أن تكون العاقبة مرتبطة بالسلوك؛ فإذا رفض الطفل إخفاض صوت التلفاز، ستكون العاقبة من جنس العمل وهي إغلاقه وليس الحرمان من تناول الحلوى.

يجب الالتزام بالاحترام خلال مناقشة الطفل والتحدث معه بدون لوم أو إهانة أو إحراج ويكون الحديث بلطف ولكن بحزم.

أن تكون العاقبة منطقية ولا تكون مبالغ فيها، فإذا قام الطفل بإلقاء لعبته على الأرض فستكون العقوبة حرمانه منها وليس من كل ألعابه.

ولا يشترط أن يعاني الطفل من عاقبة تصرفه، فقد يستمتع بإزالة آثار الماء الذي سكبه، فالغرض من العاقبة المنطقية هو تغيير السلوك السيئ وإيجاد حل، وليس معاقبة الطفل.

وحاولي أن تكون محادثتك مع الطفل على انفراد بينكما فقط، لأنه حتى الأطفال الصغار يشعرون بالإهانة عند معاقبتهم علانية.

وبالطبع يجب التأكد من سلامة وأمان الطفل عند تطبيق العواقب الطبيعية، فلا يمكن السماح للطفل باستخدام السكين لتلقينه درسا، فيمكن أن يصاب بجروح خطيرة، ولكن تستخدم في النطاق الذي لا يضر الطفل.

كيف تستخدم العواقب المنطقية؟

على سبيل المثال، إذا قامت ابنتك بإحداث فوضى في غرفتها وألقت ألعابها في كل مكان، لا تصرخي في وجهها، ولا تلوميها لأنك قلتِ مرارا وتكرارا إن هذه الطريقة في اللعب مرفوضة، ولا تعاقبيها مباشرة ولا تحرميها مما تحب.

وبدلا من ذلك، اسأليها بهدوء “ماذا علينا الآن أن نفعل؟”، فقد تستجيب بشكل إيجابي وتبدأ في ترتيب ألعابها، أو تتذمر وترفض الرد.

اعرضي عليها الاختيار ما بين التنظيف بنفسها أو أنها تريد مساعدتك، وإذا لم ترغب في بدء التنظيف ابدئي بنفسك وأخبريها بما تقومين به واطلبي مساعدتها، وقولي لها “سنحضر صندوق الألعاب لإعادتها إليه”.

فإذا لم تستجب وذهبت خارجا، أخبريها أنك تنتظرينها لتساعديها في تنظيف الفوضى، ويمكنك منحها بضع دقائق لتفكر فيما تود فعله.

لكن إذا استمرت في رفض ترتيب ألعابها، فأخبريها أنك ستقومين بوضع الألعاب الملقاة على الأرض في الصندوق وأنها لن تتمكن من اللعب به لفترة زمنية، وفق تقديرك.

فعّالة وتُنمي المهارات

لدى العواقب المنطقية فعالية أكبر في تقويم سلوك الطفل لعدة أسباب؛ من بينها أنها لها صلة واضحة بالسلوك السلبي، فيتضح للطفل لماذا عليه التصرف بشكل أفضل في المرة القادمة، بعكس العقاب الذي لا علاقة له بالتصرف السيئ، أن الطفل لا يدرك تلك العلاقة.

كما أنها تركز على الفعل السلبي وليس الفاعل، فلا تهين الطفل أو تقلل منه أو تخجله أو تولد لديه مشاعر بالاستياء والانتقام مثل العقاب.

وتساعد العواقب المنطقية الأطفال على أن يصبحوا أكثر استقلالية وتحملا للمسؤولية وثقة بالنفس.

وأن يتعلموا كيفية التحكم في النتائج من خلال أفعالهم، فيتمكن الطفل من استخدام ما تعلمه في المرة القادمة التي يتكرر بها الحدث نفسه أو مشابه له، وينتبه لتغيير سلوكه عند فهم واختبار النتيجة غير المرغوب بها.

ولا تضر العواقب المنطقية بعلاقة الطفل بوالديه، فهي مبنية على الاتصال والهدوء بدون أي تصرف يُفقد الطفل الشعور بالأمان.

وأوضحت الطبيبة النفسية أنه خلال تعلم الأطفال العواقب الطبيعية قد ينزعجون من التبعات السلبية لتصرفاتهم، والجانب الإيجابي من ذلك هو أن هذه التجارب هي فرصتهم للنمو والتعلم من الموقف واكتساب مهارات التأقلم ومهارات حل المشكلات والمرونة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *