خارج الحدود

البرازيل .. لولا دا سيلفا يعود للرئاسة مجددا بعد سنوات من السجن

فاز الرئيس البرازيلي الأسبق، اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (حزب العمال) بالانتخابات الرئاسية، بعدما أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي أجريت، الأحد، تقدمه على منافسه بـ 50,88%% بالمائة من الأصوات، بفارق ضئيل عن الرئيس المنتهية ولايته اليميني جاير بولسونارو (الحزب ليبرالي) الذي حصل على 49.12% بالمائة من الأصوات بعد فرز 99,56 بالمائة من الأصوات.

وبحسب النتائج الأولية التي نشرتها السلطة الانتخابية، فقد حصل لولا حتى الآن على 59.8 مليون صوت مقابل 57.8 مليون صوت لبولسونارو.

وبلغ عدد بطاقات الاقتراع الصحيحة التي تم فرزها في حدود الساعة 20:24 مساء بالتوقيت المحلي (ناقص 3 ساعات عن التوقيت العالمي) نحو 117.739 مليون صوت، بينما تراوحت نسبة الامتناع عن التصويت حوالي 20.5 بالمائة.

على الرغم من التوتر الذي صاحب أكثر الانتخابات انقساما في تاريخ أول قوة في أمريكا اللاتينية، طمأن رئيس المحكمة العليا للانتخابات، ألكسندر دي مورايس في وقت سابق من اليوم، أن الانتخابات العامة ليوم الأحد جرت بشكل طبيعي، رغم تسجيل بعض الحوادث.

وبعد تأكد لفوز لولا دا سيلفا في هذه الانتخابات (الجولة الثانية)، فإنه بذلك أول رئيس ديمقراطي للبرازيل يفوز بفترة ولاية ثالثة، بعد أن ترأس البلاد فترتين بين 2003 و2010.

ويربط العديد من أنصار لولا (76 عاما) رئاسته بالعصر الذهبي للبرازيل، عندما ازدهر اقتصاد البلاد بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية واستخدمت الحكومة البرامج الاجتماعية لانتشال الملايين من الفقر المدقع، لكن خصومه يرون أنه مسؤول عن الفساد والمحسوبية.

وفي الوقت ذاته، يرى أنصار بولسونارو (67 عاما) أن الرئيس الحالي مدافع عن القيم العائلية التقليدية والحرية الاقتصادية.

ووجه لولا اتهاما لبولسونارو بارتكاب “إبادة جماعية” بسبب سياسته المترددة في التعامل مع فيروس كورونا، في حين وصف بولسونارو لولا بأنه لصّ لكونه مدانا سابقا بتهمة الفساد وقضى فترة في السجن.

رئيس الفقراء

هذه النتائج التي حققها دا سيلفا أكدّت فشل الحرب التي شُنت على “لولا دا سيلفا” وحزبه خلال السنوات الماضية، والتي كانت الإدارة الأمريكية من أبرز المشجعين عليها.

فدا سيلفا من أبرز خصوم الدولة الأمريكية وسياساتها في أمريكا اللاتينية، والذي استطاع الى حدً ما تحرير بلاده من التبعية والارتهان لواشنطن اقتصادياً.

فما هي أهم المحطات في مسيرة وحياة دا سيلفا؟

– من مواليد الـ27 أكتوبر من العام 1945 في كايتيس، وهي ولاية في شمال شرق البرازيل. وكان هو الابن الـ 7 لوالده من بين 8 أبناء.

– لم يتلق سوى القليل من التعليم الرسمي، بحيث تعلم القراءة عندما بلغ الـ 10 من عمره، وترك المدرسة بعد الصف الثاني لمزاولة العمل ومساعدة أسرته.

كانت وظيفته الأولى منظف للأحذية ومتجول. وبحلول سن الـ 14 من عمره وجد وظيفة في أحد المستودعات.

– عندما كان يبلغ الـ 19 من عمره، فقد إصبعه الصغير من يده اليسرى أثناء عمله في مصنع لقطع غيار السيارات. بعد الحادث، اضطر إلى الذهاب إلى عدة مستشفيات قبل أن يتلقى الرعاية الطبية. وقد زادت هذه التجربة من اهتمامه بالمشاركة في اتحاد العمال. وفي ذلك الوقت تقريباً، انخرط في الأنشطة النقابية وشغل العديد من المناصب النقابية الهامة.

– في العام 1975 انتخب كرئيس لاتحاد عمال الصلب في ساو برناردو دو كامبو ودياديما، التي تعد من أهم المناطق الصناعية في البلاد لأهم شركات السيارات العالمية، ثم أعيد انتخابه في العام 1978.

وفي أواخر السبعينيات، عندما كانت البرازيل تحت الحكم العسكري، ساعد لولا في تنظيم الأنشطة النقابية، بما في ذلك الإضرابات الكبرى، ولأن السلطات حينها كانت تعتبر بأن الإضرابات غير قانونية، سُجن لولا لمدة شهر. ونتيجة لذلك، ومثل غيره من الأشخاص الذين تم سجنهم بسبب أنشطة سياسية في ظل الحكومة العسكرية، تم منحه معاشاً مدى الحياة بعد سقوط النظام العسكري.

– في فبراير من العام 1980، كان من المشاركين في تأسيس حزب العمال، ذو الأفكار التقدمية. وفي العام 1983، ساعد في تأسيس اتحاد نقابات (CUT). وفي العام 1984، انضم لحملات المطالبة بتصويت شعبي مباشر في الانتخابات الرئاسية البرازيلية. وهذا ما نجحوا في تحقيقه عام 1989.

– خاض الانتخابات الرئاسية 3 مرات دون جدوى، قبل أن يستطيع تحقيق النصر في انتخابات العام 2002، وقد أعيد انتخابه عام 2006.

– خلال فترة رئاسته، قدم لولا برامج اجتماعية شاملة، بهدف مكافحة الفقر ورفع مكانة الطبقة العاملة في البلاد. واستطاع لعب أدوار بارزة في الشؤون الدولية، حيث كان من أبرز المشجعين على إنهاء النظام العالمي ذو القطبية الواحدة بقيادة أمريكا.

كما كان لديه العديد من المواقف المؤيدة لدول وحركات محور المقاومة، ففي الشهر الأخير من ولايته، اعترفت حكومته رسمياً بفلسطين كدولة، وحذا حذوها العديد من دول أمريكا اللاتينية. وقد وصفته بعض الوسائل الإعلامية بصديق الطغاة في العالم، لكن يمكننا اعتباره “صديق المقاومين في العالم”.

– ساهم في إيصال خليفة له وهي ديلما روسيف، لكن اداءها خلّف خيبة أمل لدى بعض البرازيليين لا سيما بما يتعلق بالشق الاقتصادي، وهذا ما مكن جهود الانقلاب عليها وعزلها من الحكم، وتعيين نائبها “ميشال تامر” مكانها.

– في يوليو 2017، أدين بتهمة غسل الأموال والفساد في محاكمة مثيرة للجدل، وحُكم عليه بالسجن تسع سنوات ونصف. وبعد فشله في قضية استئناف الحكم، تم سجنه في أبريل 2018 وقضى 580 يومًا في السجن.

– في نوفمبر من العام 2019، قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن سجنه مع تعليق الاستئنافات هي قضايا غير قانونية وتم إطلاق سراحه نتيجة لذلك. وفي مارس 2021، حكم قاضي المحكمة العليا بإلغاء جميع الإدانات، لأنه حوكم من قبل محكمة ليس لها اختصاص مناسب في قضيته، وتم إعادة حقوقه السياسية.

– في ماي 2021، صرح لولا أنه سيرشح نفسه لولاية ثالثة في انتخابات العام 2022، ضد الرئيس الحالي جايير بولسونارو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *