منوعات

دراسة تنهي الاعتقاد بكون وجود الأكسجين دليل على وجود الحياة

شهدت معرفة البشر بالعلاقة بين الأكسجين والحياة تطورات مفارقة، وتطلب اكتشاف حاجة الأحياء عموما إلى الأكسجين وقتا طويلا، حيث كانت تلك الحاجة ترتبط بالهواء بشكل عام، وانتهى ربط الحياة بالهواء بعد اكتشاف علاقتها بالأكسجين.

وبعد اكتشاف الأكسجين وأهميته للحياة، ساد الاعتقاد الذي يرى أن لا حياة بدون أكسجين، وانتهى هذا الاعتقاد بدوره باكتشاف كائنات حية لا تحتاج الأكسجين كي تستمر في الحياة.

لكن استمر الاعتقاد الذي يرى أن وجود الأكسجين دليل على وجود الحياة، بما أنه أحد منتجات الكائنات الحية، وخاصة النباتية منها عن طريق عملية التمثيل الضوئي.

وبناء على ذلك الربط بين وجود الأكسجين ووجود الحياة، جعل خبراء الحياة الفضائية الأكسجين ضمن قائمة المؤشرات الحيوية وهي قائمة بالعناصر التي إن رصدت في كوكب ما دل ذلك على وجود الحياة.

لكن هذا الاعتقاد بدوره، حسب الجزيرة نت، جاءت دراسة حديثة بما يدحضه. فكيف تم ذلك؟

يرجع الربط بين وجود الأكسجين ووجود الحياة إلى حقيقة أن معظمه على الأرض يتكون نتيجة نشاط الكائنات الحية. غير أن باحثين في جامعة غوتنبرغ (University of Gothenburg)   في السويد وجدوا مؤخرا مسارا جديدا غير حيوي محتمل، وهو طريقة بديلة لتكوين الأكسجين من ثاني أكسيد الكبريت.

ويشير البيان الصحفي لجامعة غوتنبرغ المنشور بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى أنه قد تم العثور على جزيء ثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي للعديد من الأجرام السماوية ويمكن إطلاق كميات كبيرة منه في الغلاف الجوي أثناء الانفجارات البركانية.

الأكسجين ليس دليلا على وجود الحياة

كان من المعروف أن العثور على الأكسجين في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية يعد دليلا على وجود الحياة. فعلى الأرض، تمتص الكائنات الحية كالنباتات ثاني أكسيد الكربون وضوء الشمس والماء وتنتج السكريات والنشويات من أجل الطاقة والأكسجين هو نتيجة ثانوية لهذه العملية.

وكان اكتشاف الأكسجين في مكان آخر خارج الكرة الأرضية، يعطي الانطباع بوجود حياة، وقد أدرك الباحثون منذ فترة طويلة أن العمليات غير البيولوجية أو غير الأحيائية تسهم أيضا في تكوين الأكسجين – خاصة في الفضاء.

لكن مؤخرا، اكتشف علماء جامعة غوتنبرغ طريقة جديدة تستطيع أن تنتج الأكسجين على الكواكب الخارجية؛ ولسوء الحظ، لا يتطلب الأمر وجود أي نوع من أنواع الحياة.

وبحسب البيان الصحفي لجامعة غوتنبرغ فإن هناك دليلا على أن ثنائي أكسيد الكبريت المتأين يسهم في تكوين جزيئات الأكسجين. وقد يفسر هذا وجود الأكسجين في أجواء غنية بثاني أكسيد الكبريت للعديد من أقمار المشتري.

وبما أن عنصر الكبريت ليس نادرا في الأجرام السماوية، حيث أن البراكين تنتج الكبريت وتضخه في الغلاف الجوي، فقد تحتوي الكواكب البركانية الخارجية على الأكسجين في غلافها الجوي.

كيف يتشكل الأكسجين في الغلاف الجوي؟

يمكن للإشعاع عالي الطاقة من النجوم أن يؤين جزيء ثاني أكسيد الكبريت، وعندما يتأين ثاني أكسيد الكبريت، يعيد الجزيء ترتيب نفسه ليصبح “نظاما مزدوج الشحنة الموجبة”،

يمكن بعد ذلك أن يتخذ شكلا خطيا مع وجود ذرتين من الأكسجين متجاورتين وذرة الكبريت في إحدى النهايات الطرفية، وتكون ذرات الأكسجين حرة في الانجراف في مدارات فوضوية حتى تستقر في مركبات جديدة، (” SO2” + طاقة عالية = O+2 + S+).

يقول مانس فالنر، طالب دكتوراه الفيزياء بجامعة غوتنبرغ، والمؤلف الأول للدراسة المنشورة بدورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) “عند التأين المزدوج، يتم طرد اثنين من الإلكترونات المرتبطة في الجزيء وتؤدي العملية إلى تغيرات في الزاوية بين الذرات في الجزيء. بالتناوب، كما هو حاسم في الحالة الحالية، ويمكن أن يحدث التجوال، أي أن الذرات تتبادل أماكنها، ويتخذ الجزيء شكلا جديدا بالكامل”.

وبمجرد حدوث التجوال، قد تتفكك ذرة الكبريت، تاركة وراءها جزيء أكسجين بسيطا موجب الشحنة، يمكن تحييده بعد ذلك عن طريق تلقي إلكترون من جزيء آخر. ويمكن أن يفسر تسلسل الأحداث هذا كيفية تشكل الأكسجين في الغلاف الجوي للعديد من أقمار المشتري، على الرغم من عدم وجود حياة بيولوجية هناك.

يقول رايموند فايفل الأستاذ بجامعة غوتنبرغ والمؤلف المشارك للدراسة “نقترح أيضا في مقالتنا أن هذا يحدث بشكل طبيعي على الأرض”.

وستكون الخطوة التالية هي معرفة ما إذا كان الأكسجين ينتج عندما تتعرض جزيئات أخرى، مثل ثنائي سيلينيد الكربون، لتأين مزدوج. ويقول فايفل في البيان الصحفي “نريد أن نرى ما إذا كان سيحدث أيضا بعد ذلك، أم أنه مجرد مصادفة سعيدة مع ثاني أكسيد الكبريت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *