خارج الحدود

15 نونبر 1988.. 28 عاما على ذكرى إعلان استقلال فلسطين

يصادف اليوم الثلاثاء، 15 نونبر، الذكرى الـ28 لإعلان استقلال دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف

ففي عام 1988، صدح صوت الرئيس الراحل ياسر عرفات مدوياً في قاعة قصر الصنوبر في الجزائر أمام الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، قائلا: “فإن المجلس الوطني يعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف”.

وتستذكر الشعوب في هذه المناسبة، شاعر فلسطين الراحل محمود درويش، الذي صاغ وثيقة إعلان الاستقلال بكل دقة وحرص وبلاغة، ولخّص فيها آلام وأحلام وطموحات الشعب الفلسطيني الذي كان يخوض ببسالة انتفاضة 1987 في مواجهة آلة القمع “الإسرائيلية”.

واستند هذا الإعلان التاريخي الشجاع، إلى الحق الطبيعي والتاريخي، والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين، وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعاً عن حرية وطنهم واستقلاله، وانطلاقاً من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ 1947، ممارسة الشعب العربي الفلسطيني حقه في تقرير المصير، والاستقلال السياسي، والسيادة فوق أرضه.

وأكدت وثيقة إعلان الاستقلال أن دولة فلسطين للفلسطينيين أينما كانوا؛ فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني، يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن بسيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون.

وأبرزت الوثيقة أن دولة فلسطين دولة عربية، وهي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية؛ من تراثها وحضارتها، ومن طموحها الحاضر إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والديمقراطية والوحدة. وأكدت التزامها بميثاق جامعة الدول العربية، وإصرارها على تعزيز العمل العربي المشترك، وبمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته.

وجاء في الوثيقة: “وإذ تعلن دولة فلسطين أنها دولة محبة للسلام؛ ملتزمة بمبادئ التعايش السلمي؛ فإنها ستعمل مع جميع الدول والشعوب من أجل تحقيق سلام دائم قائم على العدل واحترام الحقوق، تتفتح في ظله طاقات البشر على البناء، ويجري فيه التنافس على إبداع الحياة وعدم الخوف من الغد، فالغد لا يحمل غير الأمان لمن عدلوا أو ثابوا إلى العدل”.

وجاء فيها أيضا: “كما تُعلم في هذا المجال، أنها تؤمن بتسوية المشاكل الدولية والإقليمية بالطرق السلمية؛ وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، وأنها ترفض التهديد بالقوة أو العنف أو الإرهاب، أو باستعمالها ضد سلامة أراضيها واستقلالها السياسي، أو سلامة أراضي أي دولة أخرى، وذلك دون المساس بحقها الطبيعي في الدفاع عن أراضيها واستقلالها”.

وسارعت دول العالم المحبة للسلام إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المعلن عنها في وثيقة الاستقلال، وفتحت أبوابها لإقامة سفارات وممثليات فلسطينية على أراضيها ليتجاوز عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية عدد الدول المعترفة بـ”إسرائيل”.

“إسرائيل” رفضت القرار الفلسطيني، واستمرت بسياساتها المعادية والقمعية الفلسطينيين، وباحتلالها للأراضي الفلسطينية، وعملت جاهدة على فرض هيمنتها عليها بتهويدها، وبناء المزيد من المستوطنات عليها لتغيير الوقائع على الأرض.

منذ ذلك اليوم، بدأ الشعب الفلسطيني ومعه منظمة التحرير الفلسطينية، والفصائل الفلسطينية المختلفة المشارب، معركتهم المصيرية لتحقيق تجسيد حلم الدولة الفلسطينية على أرض الواقع مستخدمين كل الوسائل النضالية المشروعة، وكانت عودة القيادة إلى أرض الوطن، وتأسيس السلطة الوطنية الخطوة الكبرى نحو تحقيق هذا الحلم، من خلال بناء المؤسسات الوطنية كامتداد لمؤسسات ودوائر المنظمة، لتشكل بذلك اللبنات الأساسية لبناء الدولة المستقلة المنشودة.

وتأتي الذكرى هذه الأيام، على أعتاب عقد المؤتمر الدولي للسلام قبل نهاية العام الجاري، ليضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة في دولته وعلى كامل أراضيه، في أمن وسلام.