سياسة

هل تؤثر نتائج الانتخابات الإسرائيلية على تطبيع العلاقات مع المغرب؟

ليست المرة الأولى التي تسفر فيها نتائج الانتخابات الإسرائيلية عن فوز بنيامين نتنياهو، إلا أن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أظهرت حصول معسكر أقصى اليمين بزعامته على أغلبية واضحة تتيح له امكانية تشكيل حكومة من المحتمل أن تضم عناصر معروفة بمواقفها المتشددة تجاه العرب جعلها تستأثر باهتمام واسع من المراقبين.

وبحسب النتائج النهائية لانتخابات إسرائيل، فقد حصل حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو بأغلبية مقاعد الكنيست بعد حصوله على 32 مقعدا، في حين حصل الحزبان المتدينان المتشددان “يهودوت هتوراه” لليهود الاشكناز الغربيين وحزب “شاس” لليهود الشرقيين السفرديم على 18، و14 مقعدًا لتحالف اليمين المتطرف “الصهيونية الدينية”.

تقارير إعلامية أشارت إلى أن مهمة نتنياهو لن تكون سهلة خصوصا أن حكومته من المحتمل أن تضم إيتمارا بن غفير، وهو الشخص الذي يخافه العالم كله، على حد وصف الرئيس الاسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، في لقاء جمعه مساء الأربعاء الماضي، مع قادة حزب “شاس” الذي ينتمي إليه هذا الشخص “الذي تسكنه روح الانتقام من العرب ومن كل من هو غير يهودي”، وفق ما جاء في تقرير لشبكة يورو نيوز.

وأضاف تقرير الشبكة ذاتها أنه “إذا كان نتنياهو يَدين بالكثير في عودته للحكم لهذا السياسي المثير للجدل حيث أهداه الأغلبية التي كان ينشدها منذ عام 2019، فإنه أيضا يسبب له صداعا خصوصا على المستوى الدولي يجعله بين أمرين أحلاهما مرّ. فعيْن الرجل على وزارة الأمن الداخلي السياديّة. وهو ما لن يمرّ قطعا مرور الكرام خصوصا مع أمريكا حيث نُقل عن الرئيس جو بايدن رفضه التعامل مع بن غفير إذا استلم حقيبة في الحكومة المقبلة”.

وجاء في تقرير الشبكة أن بن غفير “لا يحرج فقط نتنياهو وحلفاء إسرائيل الغربيبين بل أيضا الدول العربية التي وقعت اتفاقات أبراهام برعاية أمريكية وهي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان بل وقد يقطع الطريق أمام الدول الأخرى التي كانت مرشحة لحذو الدول السالفة الذكر وركوب قاطرة التطبيع مع الدولة العبرية”.

وأبرز معالم هذه الإحراج، يضيف المصدر ذاته، هو الصمت العربي شبه المطبق الذي رافق عملية الإعلان عن النتائج وعدم تطرق القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الجزائر في نفس يوم انتخبات الكنيست. إذ أن البيان الختامي خلا من أية إشارة لهذه المسألة.

فالتعامل مع حكومة تضم شخصية مثل بن غفير سيجعل تلك الدول في وضع دقيق ولن تجد ما تسوّق به هذا التعامل خصوصا أمام الرأي العام الداخلي الذي لا يزال إجمالا مساندا لحق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي تقرير مصيره ومعاناته مع الاحتلال والاستيطان والحصار رغم بعض الأصوات النشاز من هنا أو هناك.

كما أن دبلوماسيين عربا في الدولة العبرية كانوا أعربوا في وقت سابق عن قلقهم من احتمال تولي بن غفير وزارة الأمن الداخلي وقالوا إنهم بدؤوا يفكرون كيف يتصرفون أمام هذا الاحتمال بحسب ما ذكره موقع زمان إسرائيل التابع لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وكالة الاناضول بدورها توقعت في تقرير لها أن تجد حكومة يمينية إسرائيلية تضم سموتريتش وبن غفير، صعوبة بالغة في إقناع دول عربية أو إسلامية في تطبيع علاقاتها، في ظل غياب برامج السلام عن سياسات الحكومة.

صحيفة “جون أفريك” الفرنسية تساءلت ضمن مقال لها حول تأثير صعود من وصفتهم بـ”المتطرفين” في الانتخابات الاسرائيلية على سياسة التطبيع التي أطلقتها إسرائيل مع جزء من العالم العربي، بما في ذلك المغرب.

ونقلت الصحيفة عن المؤرخ الإسرائيلي، يغال بن نون، قوله إن القادة الاسرائيليين المتشددين لا يهتمون بعلاقات إسرائيل مع الدول التي طبعت مع الدولة العبرية، مضيفا أن كل هذه الأحزاب تركز على الاستيلاء على السلطة في إسرائيل، وهي غير مهتمة على الإطلاق بالسياسة الخارجية بما في ذلك المغرب.

واستدرك المؤرح في تصريحه لجون أفريك” قائلا: “لكن ليس لديهم أي شيء ضد اتفاقات أبراهام وسياسة التطبيع، مشيرا إلى أن “مشكلتهم هي مع العرب الإسرائيليين والفلسطينيين”.

‏من وجهة نظر المحلل السياسي، امانويل نافون، فإن عودة بنيامين نتنياهو، أيا كان ائتلافه، لن يكون لها أي تأثير مسبق على تطوير العلاقات بين إسرائيل والمغرب ودول عربية أخرى. “السياسة الخارجية هي موضوع مهم بالتسبة لنتنياهو، والدول العربية والإسلامية هي أولوية بالنسبة إليه.

وأضاف العضو السابق في حزب الليكود الإسرائيلي إن نتنياهو زعيم سياسي يسعى إلى التطبيع، ‏‏ويريد تعزيزه ‏‏مع السودان والمملكة العربية السعودية، وتوقيعه مع إندونيسيا، وتوسيع تعاونه الأمني مع المغرب، خاصة فيما يتعلق بالتحديات في منطقة الساحل”.‏

‏ويذهب المحلل السياسي ذاته إلى أبعد من ذلك، إذ يعتقد أن نتنياهو سيكون مستعدا لدعم موقف المغرب من الصحراء بقوة أكبر ومن دون تحفظ.

‏وفي المقابل، فإن المطالبات الإسرائيلية بشأن القدس، ومطالبات اليمين المتطرف في الحرم القدسي، وتخفيف القواعد المتعلقة بفتح النار من قبل القوات الاسرائيلية، يمكن أن تسبب توترات مع الدول العربية‏‏، بما في ذلك المغرب، الذي يرأس ملكها لجنة القدس، وفق ما أوردته الصحيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *