أخبار الساعة، مجتمع

فاطمة الزهراء.. شابة عصامية تنافس الرجال في النحت على الخشب

فاطمة الزهراء بنقضا، شابة عشرينية اختارت القضاء على البطالة، بولوج مهنة، كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجال، تتحدى بيديها الناعمتين خشونة الخشب، فتُبدع من قطعه، تحفا فنية بأشكال متنوعة، منها ما يصلح للديكور، ومنها ما يستعمل كأدوات في الطبخ.

تروي فاطمة الزهراء في بورتريه “العمق”، أن حبها لهذه الحرفة التقليدية التي توارثتها الأجيال أبا عن جد، سببه شغفها بفن الرسم، وهو ما دفعها للتفكير مليا في استثمار هذه الموهبة في صنعة تكون لها مورد رزق، ومدخول تلبي به حاجياتها وأسرتها الصغيرة.

وتعتبر فاطمة الزهراء اليوم، الوحيدة على مستوى جهة فاس مكناس، التي تحترف هذه الصناعة، التي مكنتها من الظفر بجائزة “تميز” للمرأة المغربية، في دورتها السابعة التي أقيمت بالرباط، بتاريخ 24 أكتوبر 2022.

من تكون فاطمة الزهراء بنقضا؟

تنفست فاطمة الزهراء، الحياة، شهر ماي سنة 1994، بمدينة صفرو، منحدرة من أسرة بسيطة، لها شقيقين وهي أكبرهما، لم تُسعفها ظروفها الاجتماعية على إتمام دراستها، فتوقفت عند مستوى الثالثة إعدادي.

احترفت النحث على الخشب، بعد سنتين من التكوين المهني، فاستطاعت بفضل موهبتها في الرسم، التميز في هذا التكوين، والحصول على دبلوم في فن النحت على الخشب.

قاومت صعوبة الظروف المادية، إلى أن تمكنت من فتح مقاولة صغيرة، بمدينة صفرو، تبدع في الرسم على الخشب ونحته، وتبيعه إلى عشاق هذا الفن.

وتعتبر هذه الشابة الصفريويةُ الأصل، الوحيدة بالمغرب التي تزاول هذه الحرفة التقليدية بعدما كانت حكرا على الرجال، لصعوبتها وصلابة موادها، وغلاء أدوات إنتاجها النهائي.

من عاطلة إلى مالكة مقاولة

موهبتها إلى جانب الرسم والنحت، قراءة الكتب وركوب الدراجة الهوائية في وقت فراغها، ورغم قساوة الظروف، تقاوم هذه الشابة لتطوير حلمها، بافتتاح ورش في النحت على الخشب، رغم ضعف زبناء هذا المنتوج.

وهي عاطلة، كانت تقضي كل يوم أقسى من الذي قبله، وذلك الحلم بأن تكون مالكة لمشروع خاص، كان يكبر يوما بعد يوم، آملة في صناعة كل شيء من لاشيء.
جاء ذلك اليوم، فنفضت فاطمة الزهراء، غبار العطالة، وقررت الخروج من دائرتها المغلقة، والبحث عن مجال تحترفه كمورد رزق، وتستثمر فيه موهبتها في الرسم في آن واحد.
في بداية مشوارها، لم يكن لديها حتى المواد الأولية لتبدأ مسيرة حلمها، فاضطرت إلى طلب القليل من الخشب من صاحب حمام عمومي في حيها، واشترت أدوات قديمة وبادرت بأخذ الأسباب، وبعد مرور الوقت، قررت فتح ورش لتسويق منتوجها، وتمكنت بفضل صبرها وعزيمتها من المشاركة في 14 معرضا وطنيا.

إبداع وطموح

في حديثها مع جريدة “العمق”، قالت فاطمة: “بحكم ضعف الإمكانيات بدأت مسيرتي في هذه الصناعة بشراء الخشب من بائعي خشب الحمامات التقليدية وتقطيعه ونحته في المنزل بأجهزة بسيطة، اقتنيتها من السوق “البالي”، وأنتجت أثاث المطبخ المغربي، كالمعالق الخشبية، والكؤوس من أحجام مختلفة، ونحتها برسومات من مخيلتها، وصناعة تماثيل لبعض الحيوانات الأليفة، وديكورات منزلية.

تقول فاطمة الزهراء: “أدخلت تحسينات وابتكارات خاصة على هذه الحرفة، بالدمج، بين الطريقة التقليدية للخشب، والطريقة العصرية، والحمد لله، كان هناك إقبالا رائعا على منتوجاتي، وأحاول تعليم هذه الحرفة لبنات أخريات”.

وأكدت فاطمة الزهراء أنها طورت هذه الحرفة، بتصاميم وإبداعات شخصية، شاركت بها في عدة معارض وطنية، حيث نالت استحسان الزوار، وأقبلوا على منتوجاتها، حيث تمكنت من الحصول على شهادة حق استعمال الشارة الوطنية للصناعة التقليدية.

وتطمح الشابة الصفريوية، في الانفتاح على صنع ألعاب صديقة للبيئة وصحية للأطفال الصغار مصنوعة من الخشب، عوض الألعاب البلاستيكية التي تحتوي على مواد كيميائية ضارة، مثل مادة ‫”نفثالين” التي يشتبه في أنها مادة مسرطنة وقد تؤثر سلبا على أطفالنا، حيث قالت إن الطفل إذا لمس اللعبة الخشبية بفمه، لن تؤثر على سلامة صحته لأن موادها مستوحاة من الطبيعة.‬

جائزة ” تميز”

وهي تتصفح موقع “فيسبوك”، قالت فاطمة الزهراء، إنها وجدت إعلانا عن المشاركة في مسابقة جائزة تميز للمرأة المغربية، وقررت المشاركة، بعد الاطلاع على شروطها.
أرسلت معلوماتها، وتم قبولها من طرف لجنة المسابقة رفقة 11 شابة من جميع جهات المملكة، يحترفن مجالات مختلفة في الصناعة التقليدية، وكانت فاطمة الزهراء، ومثلت جهة فاس مكناس، بعدما أبانت عن حنكتها ومساهمتها في إبراز دور المرأة المغربية في شتى المجالات.

احتلت فاطمة المرتبة الرابعة في الدورة السابعة لجائزة “تميز المرأة في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة”، انسجاما مع خطة التنمية المستدامة الشاملة لعام 2030، التي تهدف إلى تطوير الصناعات الصديقة للبيئة، والنهوض بوضع المرأة.
وأكدت فاطمة الزهراء، أن اختيارها من بين 12 امرأة مغربية، على المستوى الوطني، بتتويجها بجائزة “تميز”، زادها قوة وعزيمة لإعطاء الكثير في هذه الحرفة التقليدية التي تقاوم الانقراض.

واختتمت بنقضا رسالتها في هذا البوتريه، بحث الشباب والشابات بعدم الاستسلام في مواجهة الواقع، والتشبث بالأحلام التي يحبونها ويبدعون فيها، وشددت على أن الصبر على العقبات التي ستعترض طريقهم، هو الأهم من أجل تحقيق أهدافهم المنشودة.

التفاصيل تجدونها في الفيديو أسفله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Fatima Zohra Benkada
    منذ سنة واحدة

    شكرا لكم جريدة العمق المغربي على هذا المقال الرائع و على دعمكم و تشجيعكم 🙏🙏🤍