مجتمع

بعد المحامين.. أطباء وصيادلة بالقطاع الخاص يرفضون “اتفاقا انفراديا” مع الحكومة

أثار إعلان النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر ونقابة طب العيون، عن الوصول إلى تفاهمات مع الحكومة عقب اجتماع جمعهما بالوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، وبحضور المدير العام للضرائب، (أثار) خلافات وانقساما في صفوف أصحاب البدلة البيضاء وهيئاتهم النقابية.

وأعلنت هيئات وتنسيقيات نقابية لأطباء وصيادلة ومروضين ومحاسبين ومبصاريين بالقطاع الخاص، رفضها لمضامين البلاغ الذي أصدره رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، مشيرة إلى أنها ستواصل مسلسل الاحتجاجات والتصعيد إلى حين تحقيق مطالبها بالتراجع عن بعض المقتضيات الضريبية في مشروع قانون المالية الجديد.

واستغرب أطباء تحدث إليهم جريدة “العمق”، من طريقة صياغة بلاغ النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، مشيرين إلى أنه كان من الضروري إخبار الأطباء بتاريخ عقد هذا الاجتماع، وتوقيع محضر يوثق النقط المتفق عليها، متسائلين عن سبب غياب وزير الصحة عن الاجتماع، باعتباره المعني الأول، محذرين من أن هذا البلاغ سيزرع التفرقة والخلافات في صفوف الأطباء.

وشدد الأطباء الذين تحدثت إليه الجريدة، على أنهم يعتبرون الوقفة الوطنية التي دعا لها أطباء القطاع الخاص، يوم الإثنين بالعاصمة الرباط، لا تزال قائمة، مشيرين إلى أن مختلف الهيئات النقابية للأطباء والصيادلة والمروضين والمحاسبين والمبصاريين ستشارك في الوقفة، رغم البلاغ الأخير للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر.

يأتي ذلك بعدما أعلن المكتب الوطني للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، في بلاغ له، عن التوصل إلى اتفاق مع الوزير لقجع والمدير العام للضرائب، ينص على قبول الاقتطاع من المنبع في نسبة %5 للشركات المدنية المهنية، و%10 للشركات الشخصية الذاتية، مع إعادة تقييم تعرفة الخدمات الصحية بشكل متوازن مع إدماج الخدمات والعمليات الجراحية الحديثة.

كما تم الاتفاق أيضا، وفق البلاغ الذي توصلت به جريدة “العمق”، على إمكانية تطبيق نظام “شركة مدنية مهنية ذو الشريك الوحيد” بالنسبة للعيادات الطبية، مع فصل أتعاب الأطباء مباشرة من صناديق التأمين وإرسالها إلى حساباتهم البنكية.

وأشار البلاغ إلى أن تنويه الوزير فوزي لقجع، والمدير العام للضرائب، بـ”الحكمة التي اتسمت بها النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر ونقابة طب العيون، واللتان سلكتا سبل وطرق الحوار عوض الوقفات الاحتجاجية والتصعيد”، بحسب تعبير البلاغ ذاته.

“اجتماع انفرادي”

وفي هذا الصدد، تبرأت هيئات نقابية من الاتفاق المعلن بين النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر ووزير الميزانية والمدير العام للضرائب، مشيرة إلى أن رئيس النقابة الوطنية “لا يمثل إلا نفسه في هذا الاجتماع الانفرادي المعلن عنه، وأنه قد جانب الحكمة والصواب”، معلنة رفضها القاطع لما تم التصريح به من اتفاق مع الوزير “جملة وتفصيلا”.

جاء ذلك في بلاغ مشترك، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، وقعته كل من التنسيقية النقابية لأطباء القطاع الخاص، والفيدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان بالقطاع الحر بالمغرب، وكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، والنقابة المهنية الوطنية للمبصاريين بالمغرب، والفيدرالية الوطنية للمروضين الفيزيائيين بالمغرب، والتنسيقية الوطنية للمحاسبين المعتمدين.

واستنكرت الهيئات المذكورة، لما أسمته “المقاربة التمييزية التي ينهجها الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، بعقد اتفاقات مع ممثل معين حول موضوع مصيري يهم العديد من المهن الحرة، وفي الوقت الذي لازال مشروع قانون المالية برسم سنة 2023 بالغرفة الثانية في طور المناقشة ولم يتم مناقشته أو التصويت عليه، مما يعتبر انتقاصا للصلاحيات الدستورية لهذه المؤسسة التشريعية”.

وأعلنت الهيئات، مجددا، عن رفضها المبدئي والنهائي لمبدإ الاقتطاع من المنبع من أصل رقم المعاملات المتداول، “لما فيه من خرق للمقتضى الجبائي المعمول به وطنيا، والقائم على مبدإ أداء ضريبة الشركات أو ضريبة الأرباح انطلاقا من التصريح الضريبي السنوي”.

واعتبرت أن كل التمثيليات المهنية تؤكد على “حقها الدستوري في الترافع عن حقها والتظاهر بكل الأشكال النضالية والوقفات الاحتجاجية، من أجل الدفع نحو التراجع على هذا الإجراء الشاذ المتعلق بالاقتطاع من المنبع أو الرفع من الضريبة على المقاولات الصغيرة”.

وفي هذا السياق، دعا البلاغ المشترك مكونات مجلس المستشارين، أغلبية ومعارضة، لاتخاذ “مواقف جادة وتاريخية، من خلال تقديم تعديلات تلغي مقاربة الاقتطاع من المنبع، ومراجعة ضريبة الشركات على المقاولات الصغيرة نحو التخفيض، حفاظا على استقرار الطبقة المتوسطة والهشة ومقومات السلم الاجتماعي”.

وقالت الهيئات ذاتها، إنها “لن تتوقف عن احتجاجها وممارسة حقوقها كاملة في التصدي، بكل مسؤولية ومواطنة، لهذا المشروع الذي يؤسس للهيمنة والتمييز الضريبي الطبقي للفئات الغنية على حساب الطبقة المتوسطة والهشة”، معلنة “برمجة سلسلة من الإجراءات التصعيدية والنضالية، والتي سيتم الإعلان عليها في حينها”.

يُشار إلى أن قرارا مماثلا لمكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بتعليق مقاطعة الجلسات بمحاكم المملكة، عقب اتفاق مع الحكومة حول المقتضيات الضريبية في مشروع قانون المالية، كان قد خلق بدوره خلافا وانقساما في صفوف هيئات المحامين، حيث امتثلت هيئات للقرار بينما واصلت أخرى المقاطعة.

احتجاجات

والثلاثاء الماضي، تظاهرت هيئات نقابية ممثلة لعدد من أصحاب المهنة الحرة بالمغرب، من قبيل الصيادلة والمروضون الطبيون والأطباء العامون بالقطاع الخاص وأطباء الأسنان والمحاسبون، في وقفة احتجاجية أمام البرلمان، رفضا لعدد المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2023.

وعبرت ثمانية تنظيمات مهنية عن رفضها للمقتضيات الضريبية الجديدة، ويتعلق الأمر بكل من الهيئة الوطنية للموثقين، والهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين والهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، والهيئة الوطنية للبياطرة، وهيئة الخبراء المحاسبين، والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين، والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، وهيئة أطباء الأسنان.

وقالت الهيئات، في بلاغ مشترك، إن ممثليها عقدوا اجتماعا بتاريخ 31 أكتوبر بالرباط، تدارسو من خلاله مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2023 وخاصة منه الشطر المتعلق باقتطاع الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات من المنبع، مشددة على أن هذه المقتضيات الضريبية “تضرب في العمق النظام الضريبي المعمول به في بلادنا.

وحذرت الهيئات ذاتها من أن يكون لهذه المقتضيات الضريبية “وقع خطير على الاستقرار المادي لمكاتب ومقاولات” أعضائها، وطالبت بعقد لقاء مستعجل مع وزير الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، والوزير المنتدب لديها المكلف بالميزانية فوزي لقجع، ورؤساء الفرق البرلماني، من أجل بسط تصورها ومقترحاتها.

وعبرت الهيئات عن تعبئتها الشاملة “من أجل التصدي لهذه المقتضيات المدرجة في مشروع قانون المالية لسنة 2023، عن طرق الحوار الديمقراطي مع الوزارة والهيئات السياسية المعنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *