مجتمع

الرميد: مقاطعة المحامين للجلسات مآلها الفشل ولن تحرك شعرة في رأس أي مسؤول

اعتبر المصطفى الرميد، وزير العدل السابق، أن مقاطعة جلسات المحاكمات التي يخوضها المحامون منذ أيام بعدد من المدن، “لن تحرك شعرة في رأس أي مسؤول، ولن تضُر إلا المحامين والمواطنين”، محذرا من أن المقاطعة “مآلها الفشل” وفق تعبيره.

وقال الرميد لجريدة “العمق”، إنه لا يتصور مآل هذه المقاطعة إلا الفشل، مضيفا: “ما تم الاتفاق عليه أظن أن الحكومة لن تتنازل عنه إلى أقل منه، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها، ماعدا إذا حدتث أمور غير عادية تماما”.

وأشار إلى أنه يؤيد التظاهر والاحتجاج في إطار مايسمح به القانون، مضيفا: “نعم للتواصل مع من يجب لممارسة طعن دستوري، نعم لكل شيء إلا المقاطعة”.

وأضاف الوزير السابق: “على نساء ورجال المهنة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أن يتحملوا مسؤولياتهم ويؤدوا أماناتهم ويواجهوا المحامين بأمانة الحقيقة، ولا يتركوا الأمور تسير إلى أن يقع المحظور”.

وأوضح أن المحظور لن يكون سوى إدراج الملفات في المداولة، مشيرى إلى أن ذلك يعني وقوع أضرار وخسائر، مما سيدفع جانبا كبيرا من المحامين إلى التمرد على القرار، ثم النزاع، فالفشل، فذهاب هيبة المهنة وسقوط سمعة رجالها ونسائها، حسب قوله.

وتابع قوله: “لقد غادرت المؤسسات منذ مدة قريبة، وأعتقد أني أعرف منطق اشتغال السلطة وكيفية تصريف الأمور في مثل هذه الأحوال أكثر من غيري، تأكدوا أن المقاطعة لم تحرك، ولن تحرك شعرة في رأس مسؤول واحد، وكونوا على يقين أنها لن تضر إلا المحامين والمواطنين الذين وضعوا ثقتهم فيهم، لذلك لا جدوى منها مطلقا”.

وناشد الرميد المحامين بأن “يتحملوا مسؤولياتهم وينقذوا مهنتهم”، مضيفا: “تأكدوا أن التاريخ القريب سينصف كل من واجه المحامين الشباب بالحقيقة التي يكرهون سماعها، وسيلعن كل من جاملهم بغير حق، وسكت عن قوله في الوقت الصعب، فكان كالشيطان الأخرس، حاشاكم وحفظكم الله وسدد خطاكم”.

وختم بالقول: “أعرف أن مثل هذا الكلام لن يروق الكثيرين، وأنهم لن يبخلوا علي بقبيح الاتهامات وشنيع الإشاعات، لكني لم أخلق للسكوت عن الحق حينما يكون هناك ما يستوجب الجهر به، وتلك كانت مشكلتي الكبرى، وستستمر إلى أن ألقى الله”، وفق تعبيره.

وتواصل هيئات المحامين في مجموعة من المدن، مقاطعة الجلسات والتوقف الكلي والشامل عن العمل إلى إشعار آخر، رغم قرار مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بتعليق مقاطعة الجلسات بمحاكم المملكة، عقب اتفاق مع الحكومة حول المقتضيات الضريبية في مشروع قانون المالية 2023.

وهددت الهيئات المقاطعة، بتصعيد احتجاجاتها في حالة لم تستجيب الحكومة لمطالبهم بالتراجع عن المقتضيات الضريبية الجديدة في مشروع قانون المالية 2023، والتي يعتبرونها تمس كرامتهم، بينما أعلنت هيئات أخرى تعليق قرار التوقف عن العمل، تفاعلا مع قرار مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب.

وفي هذا السياق، دعت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، كل مجالس الهيئات إلى الاستمرار في “معركة الصمود والكرامة، انسجاما مع مطالب الجمعيات العمومية للمحامين، إلى حين تحقيق المطالب المشروعة”، وفق بلاغ لها، اليوم الأربعاء، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.

وقالت الجمعية الوطنية، إن نتائج الحوار المعلن عنه من طرف مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب مع رئيس الحكومة، “تعتبر محاولة بئيسة للالتفاف على المطالب المشروعة لعموم المحاميات والمحامين، من أجل عدالة ضريبية تصون كرامة المحامين وتنتصر لطبيعة مهنتهم كرسالة إنسانية، وتسمح بالولوج المستنير لكافة المواطنين لمرفق العدالة”.

يأتي ذلك بعدما دعا مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، المحاميات والمحامين إلى تعليق التوقف عن العمل ابتداء من يوم الأربعاء 16 نونبر 2022، عقب اجتماع جمعه برئيس الحكومة، بحضور جميع النقباء الممارسين السبعة عشر.

وكشفت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في بلاغ لها، أن اللقاء مع أخنوش بحضور وزير العدل ووزير الميزانية، خلص إلى حصول التوافق بين جمعية هيئات المحامين بالمغرب والحكومة بخصوص الملف الضريبي.

ووفقا لبلاغ صدر عقب هذا الاجتماع، فقد تم الاتفاق على تخفيض المبلغ المنصوص عليه في مشروع قانون المالية 2023 کما صادق عليه مجلس النواب من 300 إلى 100 درهم يؤدى وفق الطريقة الاختيارية المعلن عنها.

كما خلص لقاء أخنوش بمكتب هيئات المحامين بالمغرب إلى إعفاء المحامين الجدد المقيدين في جداول هيئات المحامين بالمغرب من أداء الضريبة لمدة خمس سنوات ابتداء من تاريخ التسجيل.

علاوة على ذلك، تم استثناء وتوسيع دائرة الملفات ذات الطابع الاجتماعي والحقوقي المعفاة من الدفع المسبق على الحساب، وتخفيض الاقتطاع من المنبع إلى نسبة 10 في المائة عوض 15 في المائة بالنسبة للمحامين الذاتيين و5 في المائة بدل 10 في المائة بالنسبة للشركات المدنية المهنية للمحامين.

كما تقرر وفقا للبلاغ ذاته، تشكيل لجنة تقنية مشتركة بين الحكومة ومكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب للتدقيق في باقي عناصر الملف الضريبي.

وبعد تثمينه لمخرجات الحوار مع رئيس الحكومة، دعت جمعية هيئات المحامين، كل المحامين إلى تعليق التوقف عن العمل ابتداء من يوم الأربعاء 16 نونبر 2022، في انتظار ما سيسفر عنه عمل اللجنة التقنية المشتركة من خلاصات ونتائج.

يشار إلى أن لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، صادقت بالأغلبية على تعديل تقدمت به فرق المعارضة على المادة 173 من مدونة الضرائب يقضي بأداء المحامين تلقائيا وبطريقة اختيارية دفعات مقدمة على الحساب برسم الضريبة على الدخل عن السنة المحاسبية الجارية.

وينص تعديل الأغلبية والذي وافقت عليه الحكومة على إعفاء المحامين الجدد من أداء “التسبيق الضريبي” طوال الثلاث سنوات الأولى، مع التنصيص على إمكانية اختيار أداء دفعات مقدمة على الحساب برسم الضريبة على الدخل تلقائيا من طرف المحامين لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة لحساب قابض إدارة الضرائب.

ويعارض المحامون المقتضيات الضريية الواردة بمشروع قانون المالية لسنة 2023، والتي قالوا إنها “ماسة بمبدأ العدالة الضريبية وتضرب في العمق رسالة الدفاع وخصوصية مهنة المحاماة، كما تمس بشكل سافر حق التقاضي المجاني المضمون دستوريا للمواطنين المغاربة”.

وكان مشروع “مالية 2023” ينص على استخلاص الضريبة على الدخل لدى المحامين، من خلال استخلاص تسبيق بقيمة تتراوح بين 300 و500 درهم عن كل ملف (ابتدائي، استئنافي، النقض)، وهو ما أثار احتجاجات عارمة للمحامين ومقاطعة شاملة بمحاكم المملكة طيلة الأيام الماضية.

وتعتبر الحكومة أن هذا هو الحل الأمثل لتحصيل الضريبة على الدخل بسبب استحالة حساب القيمة الإجمالية لدخل المحامي في نهاية السنة نظرا لتشعب الملفات، وفق ما جاء على لسان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *