سياسة

في عز أزمة مالية البيضاء.. مقاطعات تصرف “مبالغ خيالية” على “الترفيه”

مجلس جماعة الدار البيضاء الرميلي

في الوقت الذي رفضت فيه وزارة الداخلية عبر والي جهة الدار البيضاء-سطات التأشير على ميزانية العاصمة الاقتصادية بسبب النفقات الكبيرة لبعض المجالات، علمت جريدة “العمق”، أن بعض رؤساء مجالس المقاطعات يتصرفون في مخصصات مالية “خيالية” بدعوى “الترفيه”، لمدة تقل عن نصف سنة.

ويتعلق الأمر، حسب معطيات جريدة “العمق”، بمقاطعة عين السبع التي خصصت لها جماعة الدار البيضاء، مبلغ 240 مليون سنتيم، لأنشطة الترفيه، لفترة تقل عن ستة أشهر، وهي الأنشطة التي يعلن عنها رئيس المقاطعة يوسف الحسينية، عبر تنظيم “صبيحات فكاهية بالاستعانة ببعض البهلوانات”، وفق الإعلانات التي تتوفر عليها الجريدة.

هذا المبلغ “المبالغ فيه” حسب مراقبين محليين، يأتي في وقت اضطر فيه مجلس جماعة الدار البيضاء إلى تقليص نفقات مجالات حساسة، كنفقات صيانة المساحات الخضراء واكتراء آليات نقل مياه سقيها، إلى جانب مراجعة الضريبة على القيمة المضافة، وكذا تقليص نفقات الاحتفالات التي ينظمها مجلس المدينة.

وحسب معطيات جريدة “العمق”، فمبلغ 240 مليون سنتيم للترفيه بمقاطعة عين السبع لمدة تقل عن نصف سنة، خلق نقاشا محتدما بين مكونات مجلس مقاطعة عين السبع، أغلبية ومعارضة، بينما رجحت مصادر أخرى، أن يكون المستفيد الأكبر، هو الشركة، أو الشركات التي عقدت معها المقاطعة صفقة في هذا الصدد.

وسبق أن شدد البرلماني عن مدينة الدار البيضاء، عبد الإله شيكر، في هذا الموضوع، على أن “المستفيد الوحيد من هذا التمويل، هو بعض الشركات المحفوظة التي تستنزف المال العام في أمور لا تأثير لها على حياة المواطنات والمواطنين”. محذرا من “مظاهر تبذير المال العام من قبل جماعة الدار البيضاء، في مجالات محدودة الأهمية في الظرفية الوطنية الراهنة”.

وفي هذا السياق، صرح المهدي ليمينة، الفاعل الجمعوي والمهتم بالشؤون المحلية بالبيضاء، بأن “المشكل ليس في رقم المبلغ، وإنما في المنتوج الترفيهي الذي تقدمه المقاطعة، لأن جل المقاطعات البيضاوية لم تستطع ليومنا هذا، تقديم منتوج ترفيهي وثقافي يستجيب لمتطلبات الساكنة، كما أن الترفيه والتنشيط لا يتعلق فقط بصبيحات تربوية، وإنما يشمل الاحتفال ببعض المناسبات الوطنية والدينية وغيرها”.

وأضاف المتحدث في تصريح لجريدة “العمق”، أنه على “سبيل المثال، اليوم نعيش أطوار كأس العالم، وهناك فضاءات بالبيضاء يتغيب فيها التنشيط بالموازاة مع هذا الحدث العالمي، في حين كان يمكن لمجالس مقاطعات الدار البيضاء، أن تكتري شاشات كبيرة وتستغل بعض الفضاءات العمومية لصالح ساكنة هذه المقاطعات لخلق جو من الترفيه”.

وشدد ليمينة، على “أن الأنشطة التي تقوم بها بعض مجالس مقاطعات الدار البيضاء بمبالغ كبيرة، هي أنشطة بسيطة ومحتشمة، تستطيع أن تقوم بها جمعيات المجتمع المدني، بشكل تطوعي ومجاني”، مردفا أن “المفروض في أنشطة الترفيه والثقافة المحلية، أن تعرف شراكة حقيقية مع الجمعيات المحلية”.

وتابع قوله بأن “الحكومة، قدمت برامج، يمكن لمجالس المقاطعات الاستفادة منها، مثل برنامج أوراش الذي تطرق للتنشيط المحلي، متسائلا، كيف لمجالس المقاطعات أن تستفيد من برامج الحكومة ومن مخصصات مالية الجماعة الترابية في الوقت ذاته، ولكنها لا تقدم عروضا وبرامجا ترفيهية وثقافية تستجيب لحاجيات الساكنة”.

من جانبه، أشار برلماني الدار البيضاء عبد الإله شيكر، في سؤال كتابي وجهه لوزير الداخلية، إلى “أن مدينة كبيرة من حجم الدار البيضاء تتطلب اليوم مواكبة دقيقة لترتيب أولويات برنامج مجلسها المنتخب، حتى لا يسقط مرة أخرى في الوضعية التي دعا الملك إلى إصلاحها سنة 2013، وتفادي الاحتقان الشعبي المتصاعد في مقاطعات الهامش”.

وقام مجلس جماعة الدار البيضاء، بطلب من وزارة الداخلية، بتعديل مشروع ميزانية 2023، حتى تتماشى نفقات ميزانية السنة المقبلة، مع دورية وزير الداخلية الداعية لترشيد النفقات وعقلنة التدبير المالي للجماعات الترابية، أخذا بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *