مجتمع

فعاليات تحتفي بذكرى التطبيع وأخرى رافضة تدعو لاحتجاجات حاشدة بالمدن

تباينت ردود الفعل في الذكرى الثانية لتوقيع اتفاقية تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، والتي أشرفت عليها الإدارة الأمريكية السابقة، حيث لا يزال ملف التطبيع يثير نقاشا حادا بالمملكة رغم مرور سنتين على توقيع “إعلان 22 دجنبر”.

ففي 22 دجنبر 2020، وقع المغرب، رسميا، اتفاقا للاستئناف الكامل للعلاقات الدبلوماسية والرسمية مع إسرائيل، برعاية أمريكية، لتتم بعد ذلك إعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، وهو الاتفاق الذي أثار جدلا واسعا في المغرب.

وفي الوقت الذي تجدد فيه الدولة المغربية التأكيد على أن استئناف علاقتها مع إسرائيل لم ولن يكون على حساب موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، إلا أن مناهضي التطبيع يعتبرون أن الاختراق الصهيوني يشكل خطرا على تمساك الدولة والمجتمع.

وفي الذكرى الثانية للتطبيع، قررت فعاليات مؤيدة لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، تنظيم احتفال بحضور مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، في حين دعت هيئات مناهضة للتطبيع إلى تنظيم وقفات احتجاجية حاشدة بمختلف مدن المملكة، اليوم السبت.

احتفالات

وفي هذا الصدد، أعلنت جمعيات مؤيدة للتطبيع، تنظيم حفل للاحتفال بذكرى استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، يوم الإثنين المقبل (26 دجنبر 2022) بقصر القباج بالرباط، بإشراف من جمعية “مغرب التعايش”، وبحضور شخصيات ديبلوماسية.

وأفاد بلاغ للمنظمين، بأن الحفل سيعرف مشاركة “ألونا فيشر”، القائمة بأعمال مكتب الانصال الإسرائيلي بالمغرب، و”بينيت تالوار” سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط، بجانب رئيسي جمعيتي “مغرب التعايش” و”شراكة”.

ويتضمن الحفل، وفق البلاغ الذي اطلعت عليه جريدة “العمق”، ندوة بعنوان “المغرب وإسرائيل، شراكة متينة وتحالف استثنائي”، بالإضافة إلى حفل موسيقى بمشاركة فرق وفنانين من المغرب وإسرائيل، وتُختتم الفعالية بحفل عشاء.

احتجاجات

بالمقابل، عبرت كل من “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، و”الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، و”الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، عن رفضها لاستمرار التطبيع مع إسرائيل.

وقررت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، إحياء هذه الذكرى بوقفات احتجاجية في كل مناطق المملكة، ابتداء من الساعة الخامسة والنصف من مساء اليوم السبت، للمطالبة بإسقاط هذه الاتفاقية.

وأفاد بلاغ للجبهة، تتوفر “العمق” على نسخة منه، أن احتجاجات اليوم ستنظم تحت شعار “جميعا مع فلسطين ولحماية بلادنا من التطبيع مع الكيان الصهيوني”، وذلك ضمن اليوم الوطني التضامني الثامن مع الشعب الفلسطيني.

وسجلت الجبهة “تصاعد وتسارع مذهل ومخجل لخطوات التعاون الرسمي مع الكيان الصهيوني في كل المجالات: التجارية والفلاحية والصناعية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية والتربوية والأكاديمية والفنية والثقافية والرياضية والدينية والسياحية والتشغيل والعدل والمحاماة والنقل والرحلات الجوية وفي مجال توأمة المدن وغيرها”.

واعتبرت أنه “ما من مجال إلا وشهد اتفاقية تعاون وتنسيق، حتى أصبحت بلادنا أمام عدو تهيأت له الآن كل الشروط لفرض حماية كاملة على بلادنا، نظرا لما توفره له الإمبريالية من دعم عسكري وسياسي ودبلوماسي”، وفق تعبيرها.

وأشارت إلى أن ذلك يأتي “في وقت تعززت في الكيان الصهيوني النزعات الفاشية والتطرف الديني والعرقي، ومعها تنامت بشكل ملفت للنظر أعمال التطهير العرقي والتقتيل والفتك اليومي بالشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية والقدس”.

وترى الجبهة أنه “خلافا لتوقعات المطبعين والصهاينة، فكل اتفاقيات التطبيع، من كامب ديفيد (مصر) ووادي عربة (الأردن) واتفاقيات أبراهام (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان)، لم تزد شعوب منطقتنا إلا ممانعة، وهو ما تعبر عنه المسيرات والوقفات الاحتجاجية والحملات المناهضة للتطبيع”.

“اتفاقية العار”

من جانبها، وصفت “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” اتفاقية تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل بـ”اتفاقية الشؤم والعار”، مشيرة إلى “مرور سنتان تعمد طيلتها المسؤولون المغاربة معاكسة إرادة شعبهم وفرض التطبيع مع عدوهم”.

واعتبرت أن الذكرى الثانية لاتفاقية التطبيع تأتي “في أجواء استفتاء شعبي واستفتاء أشمل على مستوى الأمة كلها، طيلة شهر في خضم مباريات كأس العالم بقطر، حيث جدد الشعب المغربي تأكيده على ثابت وطني مغربي ورفعه المنتخب الوطني البطل”.

ولفتت المجموعة في بلاغ لها، إلى “ما يفرضه الصهاينة على المطبعين بالإخضاع والإذلال وصلت درجة الإهانات التي تنسحب على كل الوطن وسمعته وكرامة وشرف كل الشعب، ودرجة فرض الإملاءات والمس بالسيادة الوطنية”.

وأضاف البلاغ: “تتبعنا باستياء عميق فضيحة وجريمة مكتب الاتصال حيث تولى رئيسه اغتصاب المغربيات وتلطيخ شرف المغاربة، دون أن تحرك الحكومة ساكنا، بل لم تناقش في أية من جلساتها، هذه الفضيحة التي تصدرت نشرات الأخبار الدولية”.

واعتبر المصدر ذاته أن أخطر محطات التطبيع كان الاحتفال بما سمي “عيد استقلال إسرائيل” في “منتدى مراكش” قبل 6 أشهر، حيث تم استدعاء “إسرائيل الشقيقة” كـ”ضيف شرف”، إلى جانب “منتدى الدار البيضاء لتوحيد الهياكل”، ما يعني “إلحاق المغرب بالكيان الصهيوني وكأنه محمية إسرائيلية”.

وترى المجموعة أن “إصرار رفع العلم الصهيوني في كل المناسبات إلى جانب العلم الوطني، وأحيانا فوقه كما في تظاهرة الطائفة اليهودية بالدار البيضاء، ليس له من معنى إلا أن الصهاينة يعتبرون المغرب أضحى محمية لهم”.

وشدد البلاغ على “اعتبار الكيان الصهيوني عدوا للمغرب وللأمة العربية والإسلامية ولكل الحرائر والأحرار في العالم، بما هو احتلال قائم على الغصب وكل جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي”.

“إسقاط التطبيع”

بدورها، رفعت “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” مطلب “إسقاط التطبيع” في ذكرى استئناف العلاقات مع إسرائيل، معتبرة أن التطبيع شكل “طعنة غادرة في قلب الشعب المغربي الخفاق بالإسلام والعروبة وحب فلسطين”.

وقالت الهيئة في بلاغ لها، إن “استعراض حصيلة سنتين مشؤومتين من التطبيع بشكل سريع ومقتضب في كل المجالات، لا تنبئ إلا بالبوار والخسار”، متسائلة: “هل يرجى خير أو ربح ممن تشهد سوابقهم أنهم لا يرعون عهدا ولا اتفاقا؟”.

واعتبرت أن “الحصيلة الكارثة للتطبيع كانت إنهاك الاقتصاد الوطني وتدمير قطاعنا الفلاحي بصفقات بذور مشبوهة، واستنزاف للثروات المائية والفرشة الجوفية، ونشر لسلالات من النحل المتوحش”.

وتساءل البلاغ ذاته بالقول: “عن أي سلام تحقق للشعب الفلسطيني والمئات من أبنائه سقطوا شهداء وأسرى في سجون الاحتلال حسب تقارير أممية منهم عشرات الأطفال الأبرياء”.

ودعت الهيئة الشعب المغربي إلى “مزيد من محاصرة التطبيع على كافة الواجهات وفي كل المجالات”، مطالبة القوى الوطنية إلى “إدانة التطبيع بشكل واضح وصريح”، وإلى المشاركة الواسعة في فعاليات ذكرى توقيع “اتفاقية العار” حسب وصفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *