مجتمع

تقرير رسمي يقدم 8 توصيات للوقاية من الانتحار وتجاوز اختلالات سياسة الصحة العقلية

رصدت دراسة، أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة من رئيس الحكومة، الاختلالات الرئيسية التي يتعين معالجتها في مجال سياسة الصحة العقلية والتكفل بالاضطرابات العقلية والنفسية والوقاية من الانتحار، واقترحت ثمان توصيات لتجاوزها.

وأشارت الدراسة 48.5 بالمائة من المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق، يعانون أو قد سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من الفترات.

ونبهت إلى وجود خصاص كبير في عدد الموارد البشرية (454 طبيبا نفسانيا) والأسرة الاستشفائية (2431 سريرا)، معتبرة أن ذلك مؤشر على ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية.

وأشارت الدراسة إلى أن التعاطي مع الصحة النفسية والعقلية يتم بطريقة قطاعية ومن زاوية المرض العقلي فحسب، “وهي مقاربة تغفل الدور الأساسي للمحددات السوسيوثقافية للصحة، من قبيل درجات العنف العائلي والاجتماعي، وأشكال التمييز ضد المرأة، وظروف الشغل في الوسط المهني، ووسائل حماية الأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، واستمرار الوصم الاجتماعي والنظرة السلبية للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية”.

ونبه المصدر ذاته إلى نوع من القصور على مستوى الإطار القانوني والخبرة القضائية في مجال الأمراض العقلية والنفسية، بالإضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالايداع القضائي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية داخل مؤسسات العلاج، إما لأسباب وقائية أو جنائية.

ولتجاوز هذه الإكراهات المسجلة في مجال سياسة الصحة العقلية، اقترحت الدراسة بلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية والمخاطر النفسية- الاجتماعية، على أن تقوم هذه السياسات والبرامج على مؤشرات مرقمة وقابلة للقياس، وعلى دراسات للأثر على المستوى الصحي والاجتماعي.

وأوصت الدراسة أيضا بإعادة النظر في مشروع القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، قبل المصادقة عليه، وذلك بالتشاور مع الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، وجمعيات المرتفقين والمجتمع المدني.

كما أوصى المصدر ذاته بتعزيز الضمانات القانونية والقضائية للأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية، بما يراعي حالاتهم الصحية، ويوفر لهم حماية أمثل، وذلك من خلال ملاءمة أفضل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات واحتياجات المرض العقلي.

ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى التدخل على مستوى المحددات الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الصحة العقلية والنفسية لألفراد : (مكافحة التمييز بمختلف أشكاله، العنف، التحرش، الهشاشة، العزلة، الوحدة)، والرصد المبكر لحالات الأفكار والسلوكات الانتحارية لدى الأطفال والشباب في الوسط العائلي، وداخل المؤسسات التعليمية والتكفل بها.

كما حث على ضرورة التدخل على مستوى الأخطار النفسية-الاجتماعية في الوسط المهني، من خال المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل؛ وتطوير طب الشغل داخل المقاولات، ومراجعة مدونة الشغل في اتجاه إقرار جريمة التحرش المعنوي؛ ومراجعة لائحة الأمراض المهنية من خال إدراج الاضطرابات النفسية والعقلية المرتبطة بظروف العمل.

دراسة المجلس أوصت أيضا بتحسين إمكانية الولوج لرعاية نفسية وعقلية ذات جودة، تكون مواكبة لما بلغته المعارف والعلاجات من تطور، ومستجيبة للاحتياجات الخاصة للمرضى، لاسيما تلك المتعلقة بالسن والحالة الاجتماعية والاقتصادية ووسط العيش وأشكال الهشاشة التي يعانون منها.

ودعت إلى النهوض بمهنة الأخصائي النفسي من خلال وضع نظام أساسي وضريبي واضح وموحد لهذه الفئة، ووضع سجل رسمي للأخصائيين النفسيين. وحثت على مراجعة وتحيين المصنف العام للأعمال المهنية (NGAP) في الشق المتعلق بالتكفل بالاضطرابات العقلية والتعريفة الوطنية المرجعية ذات الصلة، وذلك في ضوء التطورات الطبية التي شهدها مجال العاج والتكفل بهذا النوع من الاضطرابات، مع الحرص على تطبيق تعريفة معقولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *