مجتمع

هل يؤثر ريع المأذونيات على انتشار الاحتيال على الأجانب وتفضيلهم على الزبون المغربي؟

خلف اعتقال وسجن سائق سيارة الأجرة الصغيرة الذي وثق فيديو قيامه بالاحتيال على سائح بريطاني، وأخذ مبلغ 350 درهما منه مقابل نقله من مطار المنارة إلى ساحة جامع الفنا، (خلف) ردود فعل متباينة في صفوف المواطنين والنشطاء والمهنيين، خاصة وسط تفضيل السائقين للسياح الأجانب على المواطنين المغاربة.

من بين هذه الردود، هناك من اعتبر أن السائق نال “جزاء” ما قام به، خاصة وأنه “أساء” إلى صورة المغرب سياحيا، وبين من اعتبره “كبش فداء، وضحية كذلك”، لواقع معروف لم تقم السلطات المعنية بالتدخل للقطع معه والحد من هذه الممارسات.

وتسبب فعل السائق، في إدانته بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة قدرها خمسمائة درهم، بعد أن أسقطت عنه تهمة “إهانة الضابطة القضائية، والإدلاء بأقوال كاذبة”، وإبقاء تهمة “النصب والابتزاز”، كما سحبت منه رخصة الثقة الخاصة بالسياقة بشكل نهائي.

سائق ضحية ممارسة عامة

تفاعلا مع هذا الحدث، قال منسق المرصد الجهوي لحماية المال العام ومحاربة الرشوة بمراكش، محمد الهروالي، إن السائق ضحية أيضا، إذ لا يمكن إسقاط مشاكل القطاع كلها على رأس سائق واحد، وتشريد عائلته، لأنه يشتغل في مجال القاعدة فيه هي ما قام به”.

واعتبر الناشط الحقوقي، تدخل السلطات الولائية بسحب رخصة السائق، “غير مفهوم”، متسائلا عن أسباب عدم تدخلها في الإمكانيات مراقبة مثل هذه النقاط التي تتمركز فيها سيارات الأجرة الصغيرة، وترك المواطنين المغاربة.

“كول ومتحصلش” 

وزاد الهروالي أنه تم “تقديم هذا السائق كبش فداء”، لأن مثل هذا السلوك يكاد يكون”عرفا وسط المهنيين”، مسترسلا كلامه: “بما أنه لا يمكن التعليق على الحكم القضائي الصادر في حقه، إلا أنه لابد من الإشارة إلى أنه تم الحكم عليه، والواقع المعاش، يعرف العديد من التجاوزات الشبيهة لهذه الواقعة.

وأضاف المتحدث نفسه أن ما وقع في مطار مراكش، “هو القاعدة في قطاع سيارة الأجرة بمدينة مراكش، واعتقال السائق هو الاستثناء، إذ يمكن القول بأن الوضع العام يشجع على هذه مثل هذه السلوكات بمنطق “كول ومتحصلش”.

تنتعش بمراكش أكثر

ووصف الهروالي مثل هذه الممارسات ب”الغريبة جدا”، موردا أنها تقع في الكثير من المدن المغربية، إلا أن الوضع في مراكش كارثي، خصوصا في المواقع التي تعج بالسياح الأجانب وسط المدينة.

وقال الحقوقي المذكور، إنه من غير الممكن أن يحصل المواطن المغربي على خدمات سيارات الأجرة الصغيرة في العديد من النقاط السياحية بمدينة مراكش، أنه سبق أن ركب مع سائق سيارة أجرة صغيرة، والذي قال له بفم مليان “إنه لم ينقل معه مغربيا واحدا لمدة تزيد عن 17 سنة”.

وزاد الهروالي أن المهنيين الذين يشتغلون بهذا المنطق، يصفون المواطنين المغاربة للتنقيص بهم بـ”بو بلغة”، وأنهم يعرضون خدماتهم للسياح الأجانب وفتيات الليل فقط، ويمكن أن يبقوا سياراتهم مركونة في مواقع معروفة في المدينة، في انتظار السياح، الأمر الذي يخلق أزمة في النقل وسط المدينة.

الحل: القطع مع الريع

واسترسل أن السلطات المعنية لديها جميع الإمكانيات من أجل معرفة ما يقع في القطاع، وإن لم تكن تعرف فهذا مشكل كبير، وفق تعبيره.

وأرجع الهروالي سبب انتشار مثل هذه الممارسات، للأثمنة الخيالية لمأذونيات سيارات الأجرة بعاصمة السياحة، وبالتالي، يوضح المتحدث أنه “لا يمكن لشخص وضع أموالا طائلة في مشروع، ويجمعها بالدريهمات”.

وعن الحل، قال الهروالي إنه يجب فتح القطاع للاستثمار وفق شروط ودفاتر تحملات محددة، لأن هناك الكثير من الفوضى في القطاع، والعديد من هذه المشاكل وصلت القضاء بسبب أخذ المأذونيات بالقوة والاحتيال.

وأوضح أنه يجب القطع مع اقتصاد الريع في كل القطاعات، خاصة قطاع سيارة الأجرة، وذلك من أجل إنهاء مثل هذا النوع من الممارسات، لأن المواطن العادي والمرأة الكبيرة أو المريض يجدون صعوبة في حصولهم على خدمات سيارة الأجرة.

بالموازاة مع ذلك، أشار الهروالي إلى أن هناك من بين أصحاب التاكسيات والسائقين المهنيين متضررين من هذه الأوضاع، وأن فئة كبيرة منهم لا يملكون تغطية صحية، وبدون أي عقدة تربطهم بمشغلهم، وهذا مؤشر آخر يدعو لتقنين القطاع من أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة.

حملة مغرضة

من جهته، دافع مسؤول بالنقابة الوطنية لسيارة الأجرة بالإتحاد المغربي للشغل، أبو جمال لحجاب، عن قطاع سيارة الأجرة مؤخرا “لحملة شرسة ومغرضة، وتطبيق للقانون من طرف السلطات المختصة، والتي وصلت حد سحب رخص الثقة النهائي والمؤقت للسائقين المهنيين، والاعتقال في بعض الحالات”

وأوضح لحجاب، أن هذه الحملة جاءت نتيجة ما خلفه الفيديو الذي نشره قبل شهر تقريبا، موضوع أحد السياح الأجانب، “الذي نشره بنية مقصودة، على اعتباره باعتباره شخص مؤثر ينشط بمواقع التواصل الاجتماعي، بهدف الربح المادي”.

ورأى المسؤول النقابي، قرار سحب رخصة الثقة بشكل نهائي، الذي اتخذته السلطات المعنية، الذي تعرض لها السائقون المهنيون المخالفون، “جد مجحف ومبالغ فيه”. 

المفاضلة استثناء

وفيما يتعلق بموضوع المفاضلة بين الزبناء، قال أبو جمال، إن هذا الحكم الذي يطلق على المهنيين، وتثير استياء واستنكار المواطنين كافة، لا يغدوا يكون استثناء ومحدود، وهو سلوك يصدر عن قلة قليلة من السائقين الذين لا يحترمون القانون ولا يلتزمون بأخلاق المهنة ولا تهمهم سمعتها.

وأضاف المتحدث أن مثل هذه التصرفات، تلحق الضرر بصورة أو بأخرى، بشرفاء القطاع الذين أفنوا زهرة حياتهم في تقديم الخدمات للزبناء بكل تفانٍ مصداقية.

ودعا النقابي المذكور جميع المهنيين لتوخي الحذر، وتقديم الخدمات إلى الزبناء بدون تمييز أو استثناء بينهم، وفي احترام تام للقرارات التي تنظم مهنة سيارة الأجرة،

وأضاف أن العمل النقابي بالقطاع ملزم اليوم بالقيام بأدواره التأطيرية والتحسيسية كما يجب، والتعبئة في صفوف المهنيين، للدفاع على مطالبهم المشروعة، وعلى رأسها الزيادة في تسعيرة سيارة الأجرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *