خارج الحدود، سياسة، مغاربة العالم

عمدة مدينة لاغوشيل الفرنسية يتحدث عن علاقاته بالمسلمين والتوأمة مع الصويرة وعلاقات المغرب وفرنسا (فيديو)

اعتبر عمدة مدينة لاغوشيل الفرنسية، “جون فغونسوا فونطين”، أن وضعية التوتر التي شهدتها العلاقات المغربية الفرنسية، انتهت حاليا، مشددا على أن انتهاءها هو أمر بديهي نظرا لقوة العلاقات بين البلدين، مضيفا أن هذه العلاقات تعرف الآن مرحلة تطبيع واستقرار.

وقال عمدة لاغوشيل، إحدى أبرز المدن السياحية الساحلية بفرنسا، في حوار مع جريدة “العمق” إن هناك تشابها كبيرا بين مدينتي لاغوشيل والصويرة، لا على المستوى العمراني أو الثقافي، أو باعتبارهما مدينتين بحريتين، إلى جانب تشابههما الروحي، مؤكدا أنه يعمل على تطوير علاقة التوأمة بين المدينتين.

وأضاف في حواره مع “العمق” التي زارته داخل مكتبه ببلدية المدينة، أن نسبة اندماج المغاربة في المجتمع الفرنسي جيدة جدا، إلى درجة أن هناك من تقلدوا مسؤوليات بارزة في تسيير المدينة، مشيرا إلى أن لاغوشيل تملك تاريخا وثقافة مفتوحة وتتسع لجميع الثقافات والعادات، مرحبا بالجميع في المدينة.

وفيما يلي نص الحوار كاملا

1) السيد العمدة، نود معرفة نبذة عن مدينة لاغوشيل وأهم ما يميزها وأبرز معالمها

مدينة لاغوشيل مدينة تاريخية تعود لآلاف السنين، وهي من بين أبرز المدن الفرنسية التي لديها تاريخ عريق، مرت بظروف صعبة، لكنها الآن تعرف أوضاعا جيدة بفضل تواجد الجامعات ومعاهد التعليم العالي، الأمر الذي لعب دورا كبيرا على مستوى دينامية الساكنة بالمدينة.

نعيش في مدينة يعمها التسامح والصداقة، نستقبل العديد من الجنسيات من مختلف أنحاء العالم، لكننا لا نرغب في سياحة عددية بأعداد كبيرة، بل نريد سياحة نوعية ذات محتوى ثقافي وسياسي بما تحمله هذه الكلمة من قيم نبيلة.

نسعى كذلك إلى مضاعفة التبادل بين ثقافات العالم، وهذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا.

2) كيف هي علاقتكم مع الأجانب الذين يعيشون هنا، وخاصة المسلمين؟

بداية، أنا لست من أبناء مدينة لاغوشيل، بل من مدينة باريس، قدمت مع زوجتي في سن العشرين عاما، حاملا معي حقيبة الظهر فقط، ثم اندمجنا في هذه المدينة بسهولة تامة، وللإشارة فإن أغلب رؤساء بلدية لاغوشيل لم يولدوا بها، وليس بالضروري أن نكون هنا منذ أجيال.

وعلى سبيل المثال، فإن رئيس البلدية السابق والبرلماني السابق، ماكسيم بونو، ازداد بشمال إفريقيا، وكذلك ميشيل كريبو، وهو رئيس البلدية السابق وبرلماني السابق، حيث ازداد بمنطقة فوندي.

في المقابل، هناك من أتى إلى لاغوشيل من أجل العمل، بداية أستحضر الذين قدموا من البرتغال للعمل هنا، بعدهم قدم المغاربة الذين أعتقد أن نسبة اندماجهم في المجتمع الفرنسي كانت جيدة، إلى درجة أن بعض المسؤولين مثل طارق أزواك، نائب رئيس بلدية لاغوشيل بأكبر أحياء مدينة لاغوشيل، وهو حي ميروي، ازداد بفرنسا ووالديه قدموا من المغرب.

إذن فإرادتنا هي تاريخنا، وثقافتنا ثقافة مفتوحة، من أراد المجيء فمرحبا به، فلاغوشيل الآن تتسع لجميع الثقافات والعادات، والأوضاع تحسنت هنا بالنسبة لفرص العمل في مختلف الميادين، فرسالتنا الصادقة التي أود توجيهها للجميع، هي مرحبا بكم جميعا.

3) كنتَ قد زرت مدينة الصويرة ثم استقبلت عمدتها العام الماضي، كيف ترى علاقة التوأمة بين المدينتين؟

خلال السنوات الماضية، ومع وباء “كوفيد 19″، لم تكن هناك إمكانية للتنقل أو السفر بسبب الإجراءات الصحية، لهذا لم أتمكن من تنظيم زيارات، لكن منذ مدة أرغب في إعادة توثيق العلاقات الثنائية بين مدينتي لاغوشيل والصويرة، والتي أطلقها الرئيس السابق، ماكسيم بونو.

هنا بلاغوشيل ظلت هذه العلاقة قوية بفضل بعض الشركاء، حيث نُظمت ورشات دراسية بالصويرة، كما استقبلنا طلبة مغاربة في جامعات المدينة ومعاهدها، وكانت هناك أنشطة رياضية، خاصة رياضة ركوب الأمواج، وكذلك أنشطة على المستوى الثقافي.

رئيس بلدية الصويرة قام بزيارة مدينة لاغوشيل خلال شهر يوليوز الماضي رفقة المستشار الملكي أندري أزولاي، كان الوفد المغربي مميزا، وللأسف حدث لي طارئ صحي حينها، ولم أتمكن من استقبالهم شخصيا.

لكن حين قمنا بزيارة الصويرة خلال أكتوبر الماضي، تم استقبالنا بطريقة رائعة، مع دفء في العلاقات وحسن في الاستقبال، أمضينا أوقاتا رائعة غنية ومفيدة جدا، كما استقبلنا عامل عمالة الصويرة.

من خلال هذه الزيارة تمت فعلا تقوية أواصر علاقة الصداقة التي بيننا، وللاتفاق على ما يمكن أن ننجزه مستقبلا كتوطيد العلاقات الثنائية واستمرار الزيارات الثقافية والرفع من وتيرة التبادل على كمستوى الدراسات الجامعية، وأن نطور هذه العلاقات نظرا للمشاريع الثقافية المهمة المبرمجة بمدينة الصويرة.

في المرة القادمة سأكون في استقبالهم شخصيا، لأنه في الحقيقة من الصعب أن تظل في سرير المستشفى بينما هناك وفد كبير يزور المدينة.

وأظن أنه في هذا المجال يجب أن تكون لنا رؤية مشتركة، وبهذا الخصوص لدي الإرادة التامة لكي نستمر سويا، لأنه حقيقة هناك تشابه بين المدينتين على مستوى البنية، مدينتين بحريتين، وهناك تشابه روحي وهذا ما قلته سابقا.

وهذه ليست فقط شراكة سياحية أو لأن المدينة تتشابهان أو لهما جمالية في المدينة القديمة وتراث رائع، لكن هناك أيضا تقارب على المستوى الروحي، فمدينة الصويرة كانت مفتوحة على الثقافات خلال سنوات السبعينات، وهناك العديد من الوافدين عليها.

فالإرادة القوية للشراكة موجودة بقوة بين المدينيتن، وهناك تواجد مستشار الملك، أندري أزولاي، الذي يعد من أبناء مدينة الصويرة، ولابد للإشارة هنا إلى أن المغرب بلد مسلم وتوجد به مدينة الصويرة التي احتضنت العديد من اليهود، هذا الأمر يوضح مدى التشارك والتعايش الذي يوجد بين أبناء الوطن ويغني الثقافة داخل المجتمع.

4) كيف ترى العلاقات بين المغرب وفرنسا في ظل الفتور الذي عرفته مؤخرا؟

سفري إلى الصويرة حدث خلال فترة كانت العلاقات فيه بين المغرب وفرنسا تمر بأوضاع صعبة بسبب ما حدث من سوء تفاهم أو عدم الإفصاح عن بعض  الأشياء، بحيث لم يكن هناك تعيين مسبق لسفير فرنسا بالمغرب ولم يكن هناك من يعوضه، وهنا بفرنسا لم تكن تمثيلية ديبلوماسية مغربية. وبعد ذلك تم تقييم الوضع بشكل جيد.

لدينا تاريخ مشترك وعلاقات متينة وقوية، والمغرب يُعد من بلدان شمال إفريقيا الذي له علاقات قوية مع فرنسا.

وعلى المستوى الاقتصادي، عندما استقبلنا وفد مدينة الصويرة قمنا بزيارة شركة “أستطوم” المصنعة للقطار فائق السرعة والطرامواي بالمغرب.

أعتقد أن وضعية التباعد التي كانت بيننا قد مرت في جميع الحالات، فالأمر بديهي لأنه توجد علاقات جد قوية بين المغرب وفرنسا.

إلى جانب ذلك، هناك أزمة التأشيرات التي عقدت الأمور نوعا ما. لكن أظن أننا على درب إيجاد علاقات جيدة بين البلدين، سواء على المستوى الاقتصادي أو الثقافي أو على مستوى علاقات الصداقة بين البلدين. أظن أننا في مرحلة تطبيع واستقرار على مستوى العلاقات بين فرنسا والمغرب.

5) رسالة توجهها إلى المغاربة، خاصة سكان الصويرة..

كما سبق وأن أشرت إلى أن العلاقات الفرنسية المغربية جد قوية، فقد سبق أن رأينا مباريات المنتخب المغربي لكرة القدم خلال كأس العالم الأخير، وبعد فوز المغرب في مقابلة ربع النهائي، شاهدنا في قلب مدينة لاغوشيل، وتحديدا بالميناء القديم، احتفالات المغاربة وذو الأوصول المغربية بهذا الفوز، كانت لحظات جد لطيفة.

الآن أقول لسكان مدينة الصويرة أني كنت معجب كثيرا بحفاوة استقبالهم لنا وبالحركية داخل المدينة وبشباب المغرب بصفة عامة، لهذا نسعى إلى تقوية العلاقات وسنحاول التقدم على مستوى التبادل الثقافي والاقتصادي، ونحن رهن إشارتهم.

هذه رسالتي الصادقة والبسيطة التي أود إرسالها إلى سكان مدينة الصويرة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *