منوعات

المساحات الخضراء تقلل معدلات الجريمة ونسبة الإصابة بالاكتئاب لدى المراهقين

قد يجمع العديد من الناس على ضرورة وأهمية وجود مساحات خضراء في المدن والأماكن التي يقطنون بها، وقد ينتابهم الشعور بأن للمساحات الخضراء أثر إيجابي على الصحة البدنية والنفسية للإنسان بأي شكل من الأشكال، كما قد ينادي الكثير بضرورة سن أو تجويد تشريعات وطنية أو دولية تحدد حجم المساحات الخضراء الواجب توفرها، ووسائل تدبيرها، وطرق حمايتها، وربما يستفسر البعض عما إذا كان لها علاقة بأمن المجتمع، و/ أو حماية الطفولة، و/أو سلامة المراهقين.. الأسطر القادمة تستعرض بعضا من كل هذا.

المرجعية الدولية

أكدت منظمة الصحة العالمية على أهمية توفر كل فرد على نصيب لا يقل عن 9 أمتار مربعة من المساحات الخضراء، فيما حددت المؤشر الأمثل للمساحات الخضراء عند 25 مترًا مربعًا للفرد الواحد.

كما تطرقت الأمم المتحدة لأهمية المساحات الخضراء، ضمن دعوتها العالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030. وذلك في البند السابع من الهدف رقم 11 ضمن مجموع الأهداف العالمية.

وأكدت الأمم المتحدة على ضرورة توفير سبل استفادة الجميع من مساحات خضراء وأماكن عامة، آمنة وشاملة للجميع ويمكن الوصول إليها، ولا سيما بالنسبة للنساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بحلول عام 2030.

وأوضحت أن الأماكن العامة والمساحات الخضراء تشكل فرصة لإثراء الصحة وجودة الحياة لجميع الأشخاص الذين يعيشون في المدن. مضيفة أن تحسين الصحة البدنية والنفسية، وتعزيز المجتمعات المحلية، وجعل المدن والاحياء وأحيائنا أكثر جاذبية للعيش والعمل ما هي إلا بعض الفوائد.

الصحة البدنية

كشفت دراسة أعدتها جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الامريكية، أن الأشخاص الذين يمتلكون حدائق منزلية، أو يقطنون بمناطق تتوفر على مساحات خضراء، تقل نسبة إصابتهم بالأمراض الخطيرة.

وأظهرت الدراسة التي تم إجراؤها على زهاء 100 ألف امرأة في مستشفى تمريض بين سنتي 2000 و2008، أن مؤشر الوفاة الناجم عن أمراض تنفسية، يقل بمعدل 34 % لدى النساء اللاتي يعشن في مناطق أكثر اخضرارا، كما يقل معدل الوفاة الناتج عن السرطان، عندهن ب 13 %.

إلى جانب ذلك كشفت الدراسة ذاتها، على أن هناك علاقة بين حجم المساحات الخضراء والحالة النفسية والمزاجية لدى النساء، إذ غن نسبة الاكتئاب تقل لدى من يعشن في أمكان أكثر اخضرارا، مقارنة مع غيرهن.

ويذكر أن الدراسة أولت اهتماما للمعلومات المتعلقة بالحالة المادية والصحية، والاجتماعية لدى المشاركات.

معدلات الجريمة

خلص‘‘ أوستن تروي‘‘ وفريق من الباحثين في جامعة‘‘ فيرمونت‘‘ ضمن دراسة نشرت بمجلة‘‘ Landscape and Urban Plannin‘‘، إلى وجود علاقة عكسية بين نسبة المساحات الخضراء ومعدل الجريمة بمدينة بالتيمور الامريكية، والمقاطعات المحيطة بها.

وأكدت الدراسة أن زيادة عدد الأشجار في المنطقة بنسبة 10 % أدى إلى تراجع الجريمة ب 12 %، ويتعلق الأمر أساسا بجرائم السطو والسرقات وإطلاق النار، التي تحدث عادة بالمنازل.

كما سجلت تباينا في معدلات الجريمة في المنطقة كاملة، بين تلك المسجلة في المدينة والتي تفوق المعدل الوطني بأزيد من ثلاثة أضعاف، وتلك المسجلة بالضواحي والتي كانت شبه معدومة تقريبا.

الغياب بالمدارس

أظهرت دراسة أخرى من جامعة هارفارد أن العوامل البيئية في المدارس وحولها يمكن أن تؤثر على الحضور، فمن خلال فحص لجميع المدارس العامة البالغ عددها 1772 مدرسة في ولاية‘‘ ماساتشوستس‘‘ الأمريكية، تم التحقق أن تلك التي لديها مساحات خضراء أكبر وجودة هواء أفضل لديها معدلات تغيب أقل مقارنة بالمدارس الأخرى، وذلك بغض النظر عن العوامل الاجتماعية أو الاقتصادية.

الاكتئاب لدى المراهقين

خلصت إحدى أولى الدراسات التي تفحص العلاقة بين البيئات الطبيعية وأعراض الاكتئاب لدى المراهقين بجامعة هارفارد، إلى أن المراهقين الذين يعيشون في مناطق محاطة بالأشجار ونباتات خضراء، يتمتعون بصحة نفسية أفضل من أولئك الذين يتعرضون لمساحات خضراء أقل في المنزل، والمناطق المحيطة.

الإصابات النفسية لدى الأطفال

سجلت دراسة تم الكشف عنها سنة 2019 أن الأطفال الذين ينشؤون في وسط بيئي جيد تقل معدلات خطر تعرضهم لانتكاسات نفسية مع مرور السنوات، مشيرة إلى أن النتائج المتوصل إليها قد تمكن من الكشف كيفية تأثير المساحات الخضراء على الصحة النفسية وعلى الدماغ البشري.

فقد قام باحثون عن جامعة“ آرهوس ”الدانماركية، بدراسة المساحات الخضراء المحيطة بمنازل ما يناهز مليون مواطن دنماركي، خلال الفترة بين عامي 1985 و2013 معتمدين في ذلك على الصور التي التقطوها بواسطة الأقمار الصناعية، ثم اجروا مقارنة بين البيانات التي توصلوا إليها، ومعدل خطر إصابة المواطنين مع مرور السنوات، بالأمراض النفسية التي حددتها الدراسة والبالغة 16.

وخلص الباحثون من خلال الدراسة إلى ان الأطفال الذين نشؤا وسط الحدائق والمتنزهات والغابات، أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية مقارنة مع أقرانهم الذين نشأوا في بيئة أقل اخضرارا بنسبة 55 %.

السكتة الدماغية

سجل باحثون من جامعة هارفارد الامريكية ضمن دراسة أن الأشخاص الذين أصيبوا بسكتة دماغية قد يكونون أقل عرضة للوفاة بنسبة 20٪ بعد الخروج من المستشفى إذا كانوا يعيشون في منزل محاط بالكثير من المساحات الخضراء، مقارنة بالمرضى الذين يعانون من مساحات خضراء قليلة بالقرب من منازلهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *