مجتمع

ابتدائية الصويرة تبرئ حقوقيا من تهمة “إهانة مؤسسات الدولة”

قضت المحكمة الابتدائية بالصويرة، بتبرئة ناشط حقوقي من جنحة “إهانة هيئات مُنظمة”، على خلفية تدوينات نشرها في صفحته الشخصية على فيسبوك، وذلك بناء على فصول الدستور والقوانين المغربية، في حكم وصفه متتبعون بأنه “انتصار لحرية التعبير والرأي”.

وكانت النيابة العامة قد تابعت المتهم في حالة سراح، من أجل جنحة “إهانة هيئات منظمة”، طبقا لمقتضيات الفصلين 263 و265 من القانون الجنائي، وفق نص الحكم الذي اطلعت عليه جريدة “العمق”.

تفاصيل القضية تعود إلى دجنبر سنة 2022، بعد توقيف ناشط حقوقي من طرف مصالح الأمن، لكونه يشكل موضوع برقية بحث على الصعيد الوطني، من أجل جنحة “إهانة هيئات دستورية على إثر قيامه بمشاركة مجموعة من التدوينات على حسابه فيسبوك”.

ونشر المتهم تدوينات تحمل كلمات وعبارات تعاطف ومطالبة بإطلاق سراح معتقلي الريف، وأخرى ضد التطبيع، فُهم منها أنها تحمل إهانة لمؤسسات الدولة، خصوصا وأنه استعمل كلمات من قبيل: “المخزن، العيّاشة، قناة الإثم المخزنية، النظام الدكتاتوري والاستبدادي”.

وخلال البحث، تبين أن المعني بالأمر عضو في الجمعية المغربية لحقوق الانسان، وناشط سابق بحركة عشرين فبراير، وعضو سابق بالمكتب المحلي لحزب العدالة والتنمية، وناشط سابق بالتنسيقية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين.

اعتراف ونفي

وعند الاستماع إلى المتهم تمهيديا في محضر قانوني، اعترف أن الحساب الفيسبوكي الحامل لاسمه الشخصي مع صورة تحمل علم فلسطين وكتابة مفادها لا للتطبيع، هو حسابه الشخصي، وقد أنشأه منذ 10 سنوات وهو الحساب الوحيد الذي يتوفر عليه.

واعترف المتهم أنه قام بنشر مجموعة من الصور والتدوينات والكتابات التي تبقى في مضمونها تعاطفا مع معتقلي حراك الريف، ومطالبا بحريتهم، وتعبر أيضا عن موقفه الشخصي من رفض مسألة التطبيع مع إسرائيل، وانتقاده للسياسة الحكومية.

ونفى المتهم عنه قيامه بالتحريض على التجمهر غير المرخص له، وعدم التلقيح ضد فيروس كورونا، مستشهدا بأنه تلقى جرعتين من لقاح كورونا، وأنه قام بتصوير فيديو يحث ساكنة المدينة على ملازمة مساكنهم احتراما للطوارئ الصحية ولمساعدة البلد على تجاوز آثار الجائحة.

تأويلات وتفسيرات

وأثناء الاستماع للمتهم، اعترف بالمنسوب إليه، إلا أنه فسر ذلك بأنه انتقاد “للسياسات الحكومية العبثية التي كانت حكومة العثماني وقبله بنكيران، تنهجها في إدارة الشأن المغربي”، وهو ما دفع به إلى نشر وكتابة ومشارك هذه التدوينات، وفق نص الحكم.

وذكر الحكم ذات، أن المتهم كان يقصد بالنظام المخزني، “الحكومة الفاشلة التي كان يرأسها العثماني وقبله بنكيران، كونهم هم الذين تسببوا في الزيادات في الأسعار ورفع الدعم عن المحروقات إلى غير ذلك من المشاكل التي أورثوها للبلاد”.

وقال، وفق ذات المصدر، إنه “ليس معارضا للنظام الملكي في المغرب، وأن إشارته إلى النظام أو الحكم أو السياسية، يعني بها الحكومة وليس (صاحب الجلالة)، وأن لا يعني بتضامنه الفئات المعارضة لمصلحة الوطن”.

أما عبارة “العياشة”، فقد أوضح المتهم، وفق منطوق الحكم، أنه يعني به من “يستغل عبارة عاش الملك قصد تحقيق مآرب شخصية، أما جملة “قناة الإثم المخزنية”، فهو يقصد بها مجموعة ممن يستعملون إسم صحافي أو إعلامي دون أ يكون مؤهلا”.

وقال أيضا، إنه “لا يفرق بين النظام الدكتاتوري والاستبدادي، وأنه يسمع ذلك فقط في الشارع، ولا يعرف معنى المفهومين، وأنه يستعملهما في كتابته من شعارات ترددت في الشارع”.

تعليل المحكمة

أثناء المحاكمة، حضر المتهم وأكد في تصريحاته التمهيدية، أن التدوينات التي قام بنشرها على صفحته فيسبوك، عبارة عن “شعارات خاصة بالعديد من هيئات حقوقية”، وأنه لم يعد يتذكر السياق الذي جعله يستعمل تلك الألفاظ المدونة بالحساب، وأن ما قام بتدوينه “يبقى مجرد آراء شخصية لم يكن يقصد منها إهانة أي جهة أو مؤسسة معينة”.

لذلك، قضت المحكمة بعدم مؤاخذة المتهم من أجل المنسوب إليه والحكم ببراءته من الجنحة الموجهة له، بناء على الفصل 25 من الدستور، والذي ينص على ضمان “حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها” و“حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني”.

كما عللت المحكمة قرارها ببراءة المتهم، أيضا، بناء على الفصل 28 من الدستور، والذي يقر بأن “… للجميع الحق في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية ومن غير قيد عدا ما ينص عليه القانون صراحة…”.

وأورد الحكم أن المحكمة قضت ببراءة المتهم بناء على الفصل 19 الذي ينص على “تمتع الرجال والنساء على قدم المساواة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية، الواردة في الدستور، وفي الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب…”.

عِلل أخرى

وذكر الحكم أن هيئة الحكم، وبعد بالإطلاع على وثائق الملف، وهي نسخ التدوينات موضوع المتابعة وتعليق المتهم عليها وتفسيره لها أثناء عرضها عليه تمهيديا وأمام المحكمة، تبين للهيئة أن بعض المفردات والعبارات التي استعملها المتهم في بعض كتاباته لا تعدو أن تكون خطابا سياسيا متداولا عند بعض التنظيمات السياسية بالمغرب ذات التوجه الاحتجاجي منذ عقود، ولا يخرج عن إطار حرية التعبير والرأي التي يكرسها الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها.

وسجل الحكم ذاته، أن المحكمة لا تتوفر على دليل على قيام جنحة إهانة هيئات منظمة ضد المتهم، نظرا لانتفاء أهم عناصرها التكوينية، المتمثل أساسا في عنصر المساس بشرف أو بشعور هيئة معينة أو الإخلال بالاحترام الواجب لسلطتها، طالما أن الثابت من الوقائع أعلاه، هو أن المتهم قد عبر عن عدم اتفاقه مع قرارات سياسية وإدارية فقط، مما يتعين معه القول بعدم مؤاخذته من أجلها، والتصريح ببراءته، عملا بالمبدأ المنصوص عليه في المادة 01 من قانون المسطرة الجنائية، والقاضي بأن ”الأصل في الإنسان البراءة”، وأن الأحكام الجنائية “لا تبنى على الشك والتخمين بل على الجزم واليقين”.

دور الدفاع

بعد أن طالبت النيابة العامة متابعة المتهم وإدانته، تقدم دفاع المتهم بملتمس أوضح من خلالها أن موكله، أنكر ما تم اتهامه به، إضافة إلى أن المؤسسات المغربية غير مقدسة، حسب الدستور المغربي، الذي أزال القدية عن المؤسسات.

وذكر الحكم أن دفاع المتهم، أشار إلى خلال جلسة المحاكمة أن حركة 20 فبراير أنتجت مفردات جديدة وأن الشعارات التر رفعها المتهم ترفعها مجموعة من التنظيمات في الشارع، ليلتمس الحكم ببراءته وتمتيعه بأقصى ظروف التخفيف.

هذا الطلب الذي استجابت له المحكمة، وتم الحكم بـ”عدم مؤاخذة المتهم من أجل المنسوب إليه والحكم ببراءته مع تحميل الخزينة العامة الصائر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • aziz
    منذ أسبوعين

    الدزنزين من وراء الحاءط لمدة 13سنة.ما هو عقوبته في القانون ديلكم.