مجتمع

سجال معرفي أم صراع مقامات؟.. الشرقاوي يعدد معضلات السجال بين الفقهاء والعلماء

اعتبر المحلل السياسي، محمد الشرقاوي، النقاش المثار حول موضوع العلم والفقه، وحول أولوية العلماء أو أولوية الفقهاء، ‘‘مسألة سجال كبير تعكس معضلات مفاهيمية ومعيارية‘‘.

وأوضح الشرقاوي أن السجال له عدة خلفيات وروافد تتعلق بالمجتمعات العربية والإسلامية ككل، وأنه استفهام عريض يستحضر معضلات مركبة حول وضع العقل والدين والفلسفة والنقد والحرية وطبيعة النظام السياسي القائم أو الأنظمة السياسية في المجتمعات العربي.

جاء ذلك في حلقة نقاشية، أثارها محمد الشرقاوي على منصات التواصل الاجتماعي، حول موضوع ‘‘علماء وفقهاء سجال معرفي أم صراع مقامات‘‘.

وأشار إلى أن الموضوع يطرح بالتحديد تساؤلات من قبيل، ما المقصود بالعلماء والفقهاء، وما الأدوار التي يجب أيضطلع بها كل من العالم، والفقيه، وكيف أن هناك من يرى أن الحاجة تكون فقط للعلماء، وليس للفقهاء، مقابل من يرى أن للفقهاء وصاية على كل شيء.

وألمح إلى أن السجال قد خلق مناطق سيادة متنازع حولها فيما يتعلق بالمعرفة، ومن هو مؤهل إلى أن يبلور معرفة ينتفع بها المجتمع.

وأوضح أن النقاش يفضي إلى تساؤلات من قبيل ‘‘هل هناك جسور مفتوحة بين العقل والدين أو تعاون مثمر فعلا في تقديم المعرفة ومساهمة الإنسان على فهم أفضل لفهم حقيقته، وحقيقة نفسه وبدنه وحقيقة الديناميات من حوله في المجتمع وحتى معرفة قوانين الكون كلها من حوله‘‘.

وأضاف أيضا، أن من بين التساؤلات التي ينبغي طرحها هي عن حقيقة المعرفة المستخلصة منهما أو من كلاهما، وهل هي معرفة متجانسة متكاملة أم أنها منفصلة‘‘.

وقال إن مجال العلم يختلف عن مجال الفقه وعن العلوم الشرعية، على اعتبار أن علوم الدنيا يقودها العقل من خلال التجريب والاستخلاص واستخدام المنطق، في حين أن علوم الدين يوجهها الوحي والإيمان والتفسير في ضوء النص القرآني والحديث النبوي.

وفي حديثه عن المعضلات التي ساهمت في تأجيج السجال القائم، أوضح أن إشكالية المفاهيم هي أول هاته المعضلات، خاصة وأن مفهوم العالِم أضحى أكثر ارتباطا في العصر الراهن بالعلوم العقلية.

وفي هذا السياق أشار إلى ان العالم في مجال العلوم الحقة والعلوم الإنسانية والاجتماعية يحصل على لقب العالم، بعد عشرات السنوات من مسار بحثي أكاديمي تتخلله عدة مراحل واضحة ومعلنة ومتعارف عليها.

وأكد أن لفظ العالم في العلوم الشرعية يختلف عن سابقه، إذ أن علماء العلوم الشرعية يحملون نفس اللقب وليس هناك معايير واضحة تفضي إلى حمل هذا اللقب، خاصة من خارج مؤسسة المعارف الشرعية.

وأضاف أن هناك أمورا كثيرة بخصوص تصنيف علماء الشريعة ‘‘وهل لهم تراتبية معينة، وهل لهم ألقاب تختلف عن الألقاب الداخلية‘‘، مضيفا أنهم ‘‘جميعهم يقدمون أنفسهم علماء في الشريعة أو علماء في الفقه الإسلامي لكن لا يعتقد أنهم يستطيعون الادعاء أو التلويح على نفس الرتبة العلمية أو على نفس العمق الفكري والذهني والمعرفي‘‘، مستفسرا بذلك عن كيفية التمييز بينهما.

ونبه الشرقاوي إلى أن القاموس الحديث لا يزال يستخدم مجموعة من المرادفات من قبيل العلامة، الفقيه، المفتي، الواعظ، الشيخ، مشيرا إلى أن التصنيف لا يتم بشكل موضوعي وليس هناك عملية تصنيف من داخل نفس المؤسسة، وهو ما يجعل هاته الألقاب في رأي المتحدث متناثرة وفضفاضة، حيث قال ‘‘بعضهم يستحق بعض تلك الألقاب وعدد منهم يدعون أن لهم تلك الألقاب بشكل اعتباطي‘‘.

معضلة أخرى حول هذا السجال آثرها الشرقاوي في نقاشه، وتتعلق ببعض المفاهيم من قبيل، علماء الدين ورجال الدين، مشيرا انها أضحت موجودة في القاموس الأكاديمي، والقاموس الإعلامي، ومتداولة من قبل العلمانيين والليبراليين والذين يتحدثون من خارج الفقه وأبحاث الشريعة.

واعتبرا أن المصدر التاريخي والسيميائي لرجال وعلماء الدين، هو أوروبا بعدما أرست الطريق نحو الحداثة ودعت إلى تنظيم العلاقة بين الدين والدولة.

وذهب إلى أن هناك من يتبنى مثل هاته المفاهيم وكأنه يقرء التاريخ الإسلامي والتاريخ المسيحي قراءة متوازية، وأن هناك ‘‘من يظن أن المسجد سيمر من نفس التطورات التاريخية التي مرة منها الكنيسة، على أن يظل الدين في المجال الخاص والدنيا وأمور الدولة في المجال العام‘‘، مستحضرا في ذلك عدم خضوع المجتمعات لنفس السيرورة والتطور، ووجود مسافات مجتمعية وثقافية وزمنية وحضارية  ومفاهيمية أيضا  بين أوروبا والعالم العربي.

وكمعضلة ثالثة اعتبرها أحد الأسباب التي تعمق النقاش، استفسر الشرقاوي عن مستوى الاجتهاد الذي وصلت إليه المجتمعات العربية والإسلامية خاصة في العلوم الشرعية، وعن طبيعة هذا الاجتهاد وارتباطاته بالعقل أو بالنقل، وعن الكيفية التي يَنظر بها العلماء والفقهاء كطريقة لبلورة المعرفة الدينية مع التوجهات الدنيوية.

كم استحضر سؤال المنهجية معتبر إياه النقاط المساهمة في احتدام النقاش، مستفسرا في ذلك عن إمكانية وجود فقهاء يعملون على تحديث وتحيين مناهج البحث.

ويذكر أيضا أن المتحدث تطرق إلى ‘‘سؤال فرعي موازي حول شرعية او عدم شرعية طرح السؤال موضوع النقاش، وهل من المنطقي توقع ما إن كان فهم وتناول موضوع العلماء والفقها تصنيفا دقيقا أم أنها فقط مفاهيم تم إسقاطها على الفريقين ‘‘.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *