مجتمع، مغاربة العالم

مغاربة وألمان يحتفلون بالذكرى الستين للهجرة المغربية إلى ألمانيا (صور)

نظم المعهد المغربي الألماني للدراسات والبحوث وجمعية الخدمات الاجتماعية، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، لقاء أكاديميا وثقافيا وفنيا في مدينة كولونيا الألمانية.

ويأتي اللقاء إعلانا عن انطلاق سلسلة الأنشطة التي ستمتد، حسب المنظمين، على مدى 6 أشهر، حيث ستعرف 60 نشاطا، في 6 مدن ألمانية كبرى كدوسلدروف وفرانكفورت، مع 6 محاور للأنشطة.

وفي كلمة ترحيبية، شدد كل من سامي شرشيرة ،مدير جمعية الخدمات الاجتماعية والإرشادات، وناديا يقين، مديرة المعهد المغربي الألماني للدراسات والبحوث، على أن قيمة الاحتفال تكمن في فرصة إلقاء نظرة على الماضي من خلال شهادات حية للجيل الأول، ومناقشة الحاضر واستشراف المستقبل وتأثيثه بشكل جماعي.

وخصت سفيرة المغرب بألمانيا، زهور العلوي، كلمة في اللقاء، قدمتها نيابة عنها القنصل العام للملكة المغربية بدوسلدروف، لبنى أيت با سيدي، حيث أشادت السفيرة بتضحيات الجيل الأول وما قدمه رغم الظروف الصعبة المتمثلة في عدم إتقان اللغة والاغتراب وظروف العمل الشاقة.

وأشارت السفيرة إلى دور الجيل الثاني والثالث من أبنائهم وأحفادهم في رفع المشعل للمساهمة بشكل فعال كألمان من أصول مغربية، في ازدهار ونماء المجتمع الألماني.

وأشادت السفيرة المغربية بالسمعة الطيبة التي يتمتع بها مغاربة ألمانيا، وأيضا بالدور الإيجابي في الحفاظ على هوية وثقافة المغاربة وكذا دعم تماسكم.

ولفتت إلى أن هذا الاعتزاز هو الذي ما فتئ يعبر عنه الملك محمد السادس، من خلال خطابه بمناسبة ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2022، حين قال إن “قوة الروابط الإنسانية، والاعتزاز بالانتماء للمغرب لا يقتصر فقط على الجيل الأول من المهاجرين، وإنما يتوارثه جيل عن جيل، ليصل الى الجيلين الثالث والرابع”.

وفي كلمة باسم مجلس الجالية المغربية بالخارج الذي يعتبر شريكا رسميا في الاحتفالية، أكد الدكتور مصطفى المرابط على أن الاحتفال بالذكرى 60 سنة للهجرة المغربية في ألمانيا، فرصة للتفكر والمراجعة و النظر في هذه الهجرة.

وأضاف أن “الهجرة هي التي تكون عالم اليوم، كما أنها تشكل العامل الأساسي للالتقاء والتبادل الثقافي والحوار بين الثقافات والمجتمعات.

وأشار إلى أنه يتفهم هجرة المغاربة إلى فرنسا وبلجيكا وإسبانيا بحكم الاستعمار والتعود على ثقافة هذه الشعوب، لهذا فهجرة المغاربة إلى ألمانيا دون معرفة بلغتها وتاريخها وثقافتها يعتبر معجزة، زفق تعبيره.

وتابع قوله: “نجح غالبيتهم في أن يبنوا لأجيالا وجتمعات وأن يحافظوا على هويتهم دون أن يخلخلوا توازنات المجتمع الألماني، معتبرا أنه “آن الأوان ليعترف المغرب بلد الأصل بهؤلاء، وألمانيا بلد الاستقبال آن لها أن تكرم هؤلاء وتعيد لهم الاعتبار”.

من جهتها، قالت البرلمانية الألمانية سناء عبدي التي تعتبر أول برلمانية ألمانية من أصول مغربية، إنها قدمت إلى المانيا مع والدتها في سن الثالثة من عمرها، لهذا فالهوية الألمانية جزء من هويتها، إلا أنها لا تنسى جذورها وحبها للمغرب.

وأشارت إلى تنوع النجاحات في أوساط الجالية المغربية في ألمانيا، الذي يعد ثمرة للجيل الأول، مضيفة: “على الجيل الثالث والرابع أن يدرك جيدا أنهم مواطنون في هذا البلد وجزء لا يتجزأ من المجتمع الألماني، بل فإن موروثهم الثقافي يخول لهم تقديم إضافة إيجابية في الحياة اليومية”.

وأردفت: “من المهم أيضا مشاركتهم الفعلية في المجتمع بكل ما فيها من أحداث سياسية وقضايا اجتماعية. لذلك أنا سعيدة جدا بما حققته وأتمنى أن أكون بذلك قد فتحت بابا وأملا جديدا للجيل الجديد للعبور عبره إلى المستقبل والتعايش المشترك”.

وفي إطار الاحتفال بالجيل الأول، شاركت عائلة قنبوع التي تمتد لأربعة أجيال، في جلسة مفتوحة في شهادات حية تعبر عن معاناة الجيل الأول في ألمانيا.

وحسب شهادة الحاج قنبوع الذي التحق بألمانيا في سن السابعة عشر سنة 1968 للعمل، فإن الحياة آنذاك كانت قاسية ولم يكن في نيتهم البقاء، كما أن والده التحق بألمانيا سنة 1958، أي قبل توقيع اتفاقية جلب اليد العاملة المغربية بين المغرب وألمانيا.

من جهتها شاركت زوجته جميلة قنبوع التي التحقت بزوجها سنة 1974، بشهادة عن المراحل الأولى من التحديات في مجتمع لا تفهم لغته ولا ثقافته، كما كانت الشهادات فرصة للحضور للمشاركة بأسئلتهم وانطباعاتهم وتجاربهم.

كما تم تنظيم حلقة نقاش شارك فيها البروفيسور الدكتور “ميشائيل كيفاه” أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة اوزنابروك، إلى جانب الدكتور مصطفى المرابط ممثلا عن مجلس الجالية المغربية بالخارج، والنائبة البرلمانية سناء عبدي، وحبيبة بولعوالي المهتمة بمجال الشغل.

وأشار البروفيسور الدكتور كيفاه إلى تنوع الجالية المغربية في ألمانيا وعلى أدائها في المجتمع بحكم كونها جالية شابة ونشيطة، كما أثنى على ما حققته بالمقارنة مع جاليات أخرى من إنجازات كبيرة.

وشدد على أن الجالية تلعب دورا مهما وكبيرا في المجتمع، وهي جزء لا يتجزأ من المجتمع الألماني، بالإضافة إلى كونها جالية تساهم أيضا في تطوير مجموعة قطاعات في المغرب.

أما الدكتور المرابط الأكاديمي وممثل مجلس الجالية بالخارج، فقد أكد على الأداء الهام لمغاربة المانيا الذين يتعرضون لعراقيل معينة، فالمغاربة في ألمانيا حتى ولو ظلوا 30 أو 40 سنة فهم يواجهون واقعا اجتماعيا يذكرهم دائما بأنهم مغاربة أو من أصول مغربية، وهذا يصعب عملية التأقلم.

وأضاف: “لهذا على دول الاستقبال محاربة الصور النمطية من خلال وسائل الإعلام والمدارس ورد الاعتبار للمواطنين من أصول أجنبية.

وأشار إلى دراسة قام بها مجلس الجالية المغربية بالخارج، تكشف ارتباط الجيل الثالث والرابع ببلده الأصلي أكثر من الجيل الأول، وهذا ما تم لمسه أيضا من خلال كأس العالم لكرة القدم بقطر، حيث جسد المنتخب المغربي “تمغربيت”، ومثل هذه المنتخبات يجب خلقها في السياسية والثقافة وغيرها من المجالات، حسيب قوله.

من جهتها، أدت النائبة البرلمانية سناء عبدي على أن الجالية المغربية نشيطة في المجال السياسي، والدليل على ذلك أن هناك مغاربة حققوا نجاحا على صعيد البلديات، كما دعت إلى مشاركة سياسية أكبر، لتحقيق إنجازات للجالية وأيضا في التعامل مع المغرب.

أما حبيبة بولعوالي التي تنشط في مجال جلب اليد العاملة المغربية والكفاءات إلى المانيا، فقد أشارت إلى أنها لم تعش صعوبات في الاندماج لأنها قدمت في عمر مبكرة جدا، لكنها أكدت على أن الشركات الألمانية تبدل مجهودا لجلب اليد العاملة والكفاءات المغربية، لكن البيروقراطية الألمانية تعرقل ذلك.

وإلى جانب الشق الأكاديمي، تم الاحتفال بالثقافة والفن من خلال مشاركات زجلية للزجال كمال الشعبي الذي تناول موضوع الغربة والهجرة والحنين في نصوص زجلية تفاعل معها الحضور.

;قدم نجم الكوميديا الألمانية بنعيسى، عرضا عرى فيه واقع الهجرة في المانيا، وكيف يرانا الآخر ويتعامل مع ثقافتنا كمغاربة، وانتقد الصور النمطية السائدة، كما عبر عن الشتات الذي يعيشه الشباب وسؤال الهوية “هل أنا مغربي؟ هل أنا ألماني؟”. كما قدم الفنانان الشابان “Bilal et Mina” عرضا موسيقيا بالألمانية والإنجليزية، أبهر الحضور.

أضفت الفنانة المغربية فاطمة الزهراء العروسي، سحرا خاصا على الحفل من خلال ترديد النشيد الوطني المغربي والمشاركة بأغاني مغربية ووطنية تعبر عن روح تمغربيت التي تجمع الأجيال كلها من مغاربة ألمانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *