سياسة

جولة الملك الجديدة بإفريقيا.. تثبيت للعلاقات في ظل صراع محتدم على القارة السمراء

دشن الملك محمد السادس، جولة جديدة له بالقارة السمراء من بوابة الغابون، حيث التقى الأربعاء 15 فبراير الماضي، بالرئيس الغابوني “علي بونغو أونديمبا”، إذ استعرض الجانبان الشراكة الثنائية في جميع المجالات، كما سلم هبة مكونة من 2000 طن من الأسمدة للفلاحين بهذا البلد.

وتشمل الجولة الملكية “غير الرسمية”، زيارة السنغال أيضا، حيث يرتقب أن يزورها الملك محمد السادس، بعد تعافيه من نزلة البرد التي أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، في 22 فبراير الماضي، إصابته بها، مع توصية من طبيبه الخاص بأخذ فترة راحة وعدم السفر لبضعة أيام.

ويُرتقب أن يجري الجالس على عرش المملكة المغربية مباحثات مع الرئيس السنغالي “ماكي سال”، تهم تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى توقيع اتفاقيات للتعاون، وتدشين مشروعين تم إنجازهما بتمويل مغربي، وهما قرية للصيادين بـ”دكار”، ومركز للتكوين المهني.

في هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، محمد زين الدين، إن زيارة الملك للغابون وتلك المرتقبة للسنغال، تندرج في إطار تعميق أواصر التعاون المشترك والمتعدد الأوجه بين المغرب في علاقته بالقارة الإفريقية، مضيفا أن المملكة أصبحت فاعلا مركزيا على الصعيد الدولي في تثبيت وتنمية هذه العلاقات المتعددة الأوجه، إن على الصعيد الدبلوماسي أو الإنساني بشكل عام.

وتأتي هذه الزيارة، بحسب ما أكده زين الدين في حديث مع جريدة “العمق”، في ظل صراع قوي ومحتدم وشرس على القارة الإفريقية من قبل الفاعلين الدوليين، في الوقت الذي يظهر فيه أن فرنسا أصبحت خارجة اللعبة بعد دخول فاعلين دوليين لهم قوة كبيرة جدا مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وتتزامن جولة الملك في إفريقيا، بزيارة الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” لبعض الدول الإفريقية، وهنا يرى زين الدين، أن القادة الجدد في إفريقيا يفكرون بمنطق آخر، غير منطق المؤسسين، وهو الإبعاد الممنهج لفرنسا التي لا تفكر إلا في مصالحها الخاصة دون مصالح الآخرين.

وأوضح المحلل السياسي أن “الرهان اليوم على إفريقيا أصبح رهانا استراتيجيا لاعتبارات متعددة، ونرى اليوم الأزمة في القارة الأوروبية التي لم يعد لها أفق للتجديد الاقتصادي وبالتالي تبثح دولها يبحث عن إيجاد موطئ قدم في إفريقيا”، وفق تعبيره.

واعتبر المتحدث، أن “المغرب بفضل السياسة الحكيمة للملك محمد السادس الذي كان لديه بُعد نظر على امتداد أكثر من عقدين من الزمن منذ 2000، انتبه إلى هذا التحول الأساسي الذي سيقع في إفريقيا، وبادر إلى تثبيت هذه العلاقات بشكل كبير”، مضيفا أن الرباط أصبحت فاعلا أساسية لا يمكن القفز عليه.

ومضى قائلا: “اليوم نرى أن هناك نتائج قوية جدا لتعميق هذه العلاقات سواء العلاقات المشتركة بين المغرب ودول الاتحاد الإفريقي وكذلك العلاقات الثنائية، في الجانب التنموي والتعاون وأيضا العلاقات الشخصية، حيث لا ننسى بأن هناك علاقة شخصية قوية بين الملك محمد السادس ورئيسي الغابون والسنغال”.

في سياق متصل، قال أستاذ العلوم السياسية، إن الجانب الروحي والديني وطبيعة العلاقات في بعدها المرتبط بالزوايا التصوف حاضر أيضا في علاقات المغرب بإفريقيا، وهنا أشار إلى الإرث الديني المشترك بين المغرب والسنغال، وهي أمور من بين أخرى تعطي زخما جديدا من أجل مواجهة التحديات التي تعرفها القارة الإفريقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *