مجتمع

سائقو سيارات الأجرة ومستعملو التطبيقات.. أزمة متصاعدة والتباس قانوني

طاكسيات مراكش

تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة الأزمة القائمة في قطاع النقل بين سائقي سيارات الأجرة وبين سائقي السيارات التي تستخدم التطبيقات الهاتفية، وتداخلت أسبابها، وتعددت مبررات كلا الطرفين، بل وصل الأمر بسائقي سيارات الأجرة للمطالبة بتأسيس مجلس أعلى للنقل.

التباس قانوني

المسؤول بالنقابة الوطنية لسائقي سيارة الأجرة، صديق بوجعرة، قال في تصريح لجريدة ‘‘العمق‘‘، إن السائقين مستعملي التطبيقات، وانطلاقا من المادة 2 من الظهير 1.63.260 بشأن النقل بواسطة السيارات عبر الطرق، هم في وضعية غير قانونية، وأنه في مثل هاته الحالات يتعين اللجوء إلى الوسائل القانونية المعمول بها قصد حظر  هاته الفئة لما تشكله من خطر على سائقي سيارات الأجرة.

نفس الطرح يؤيده عزيز صبري الكاتب الوطني للكونفدرالية العامة لسائقي سيارات الأجرة، إذ قال هو الآخر في حديث ‘‘للعمق‘‘، إن ‘‘ما يقوم به مستخدمو التطبيقات هو شكل من أشكال النقل السري، وهو غير قانوني لأنهم يشتغلون دون ترخيص وبسياراتهم الخاصة، وأن الأمر تضييق على العمل القانوني لسائقي سيارات الأجرة، ومنافسة غير شريفة‘‘.

وأضاف أن السلطات الوصية على القطاع تعمل بمبدأ الحياد السلبي، معتبرا ذلك أمرا ‘‘لا يستقيم لأن سائقي سيارات الأجرة يدفعون ثمن هذا الحياد‘‘.

وعلى العكس من ذلك، يرى أحد مسؤولي الجمعية المغربية للمقاولين الذاتيين للنقل، التي أعدها مستعملو التطبيقات، أن السلطات تتعامل بحياد إيجابي، لكونها تعلم بوجود هاته الفئة وبعدد المشتغلين بها، ولا تبدي أي ردة فعل تفيد بأن الأمر غير قانوني، معتبرا أن المسألة ليست بعملية نقل سري ما دام الكل يعلم بوجوها ويعهد لاستخدامها في وضح النهار.

وأضاف  المسؤول بالجمعية في تصريح لجريدة ‘‘العمق‘‘، إن عددا كبيرا من السائقين مستخدمي التطبيقات قاموا باقتناء سيارات عملهم عبر آلية المقاول الذاتي، وأنهم حين إعدادهم لبطاقة المقاول الذاتي حددوا طبيعة النشاط المراد القيام به في عبارة ‘‘النقل الحضري‘‘، معتبرا الأمر إشارة كافية للترخيص بالنقل.

وأوضح مسؤول الجمعية أن سائقي سيارات الأجرة يعهدون أحيانا للاتصال بأحد مستعملي التطبيقات ثم استدراجه لنقطة تجمع سائقي سيارات الأجرة وإحراج رجال الأمن لمعاملته بكونه يمارس النقل السري وهو الأمر الذي يضطر معه الأمن لحجز سيارة النقل، وسحب رخصة السياقة لفترة معينة مع أداء غرامة تختلف قيمتها باختلاف المدن.

واعتبر أن نظام المأذونيات ووجود جماعات تستفيد من الوضع الحالي يشكل عائقا في إعداد قانون شامل ينظم المهنة ويراعي مستجدات العصر، حيث قال، ‘‘يتعين على الدولة أن تتخذ موقفا شجاعا وتقوم بصياغة هذا القانون المنشود والذي من دونه فالقطاع لن تقوم له قائمة‘‘.

تبيان التكاليف

في حديثه عن عائدات العمل بسيارات الأجرة وتكاليفها قال عزيز صبري، ‘‘إن الأرباح التي يتم جنيها من وراء سيارة أجرة واحدة يتم اقتسامها بين صاحب المأذونية، ومستغلها، والسائق‘‘.

وأوضح أن المستغل يتوفر على عقد نموذجي يحمل تفويض صاحب المأذونية، وموقع من لدن العامل أو الوالي، على أنه يقوم كذلك بأداء واجبات كراء المأذونية، وتسديد ثمن الضريبة على الوقوف لدى الجماعات الترابية، فضلا عن الضريبة المهنية.

وأشار إلى أن سائق سيارة الأجرة يقوم بتحمل كافة الأتعاب حيث يعمل لصالح للمستغل، لمدة 12 ساعة أو 16 أحيانا في اليوم الواحد مقابل نسبة قليلة من صافي الأرباح.

وأضاف أن ‘‘هذا الأمر يحدث في الوقت الذي يستحوذ فيه مستخدمو التطبيقات على نسبة كبيرة من الأرباح، في حين لا يتوجب عليهم دفع أي ضرائب ويشتغلون بأريحية، وينافسون بطريقة غير مشروعة‘‘.

المسؤول بجمعية المقاول الذاتي للنقل من جانبه أوضح أنه يتعين عليهم أداء نسبة من الأرباح لفائدة الشركات مقابل خدمات التطبيق وهي تتراوح بين 9.99 % بالنسبة لشركة روسية تنشط بالمغرب، و25% بالنسبة لشركة إمارتيه تنشط هي الأخرى في المغرب، كما يتعين على الكثير منهم تسديد أقساط شراء سياراتهم الخاصة.

بداية النزاع

قال المسؤول بجمعية المقاول الذاتي للنقل إنه ‘‘خلال السنوات الأولى لاشتغالنا في الميدان لم يكن هناك أي مشادات مع سائقي سيارات الأجرة، بل إن العديد منهم انضموا إلينا وقاموا باقتناء سياراتهم الخاصة، وبعضهم الآخر، خاصة المياومين منهم قاموا باستخدام التطبيقات في سيارات الأجرة‘‘.

وأضاف أنه تم الاتفاق مع سائقي سيارات الأجرة على تحديد سقف التسعيرة الذي لا ينبغي النقل دونه، مشيرا أن الأوضاع تغيرت نتيجة لظهور شركة روسية بالقطاع، وتبعا لتداعيات جائحة كورونا.

الشركة الروسية وحدة الصراع

أوضح مسؤول جمعية المقاول الذاتي للنقل أن شركة روسية عملت على تخفيض ثمن التسعيرة بشكل غير اعتيادي، وكذلك خفض تكاليف تطبيقها الخاص التي لا تتجاوز 10% من نسبة الأرباح، في الوقت الذي تحددها شركة إماراتية في 25 % وشركة فرنسية في 15 %، مضيفا أن جائحة كورونا فاقمت هي الأخرى الوضع جراء الارتفاع الملهب لثمن المحروقات ومختلف المواد الأساسية، وهو ما أضر بأرباح الفئتين، حسب المتحدث.

وأشار إلى أن حدة الصراع بلغت ذروتها هذه السنة فألغي الاتفاق الذي كان معمولا به، وتفاقمت المشادات بين الطرفين، حتى أن شركتين مغربيتين لم تعد تقوى على المنافسة.

في حديثه لجريدة ‘‘العمق‘‘، قال سائق يعمل بنظام التطبيقات التابع للشركة الروسية، رفض ذكر اسمه، أن سبب عدم احترام التسعيرة يكمن في خاصية التفاوض مع السائق على ثمن الرحلة التي تتيحها الشركة الروسية، وكذلك في ثمن تكاليف التطبيق الروسي المتمثلة في 9.99 % من الأرباح، مضيفا أن نظام التطبيقات ‘‘يحمي الركاب من جشع بعض السائقين كما حدث مؤخرا وفي مناسبات عديدة‘‘.

وأضاف المتحدث أن النزاع بين الفئتين يتفاقم خلال فترات العمل الليلي على اعتبار أن سيارة الأجرة تضاعف ثمن التسعيرة ليلا في الوقت الذي تبقي فيه الشركة الروسية على التسعيرة نفسها خلال مختلف فترات اليوم.

سائقو سيارات الأجرة يطالبون بمجلس أعلى للنقل

في آخر تطورات الأزمة دعا التنسيق الوطني للهيئات الممثلة لقطاع النقل بواسطة سيارات الأجرة بالمغرب، إلى محاربة ما أسماه “النقل السري عبر التطبيقات”، مطالبا في الآن ذاته بإحداث المجلس الأعلى للنقل كمؤسسة دستورية.

وطالب التنسيق من خلال بلاغ له، الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حجب التطبيقات التي يستعملها المواطنون مؤخرا على نطاق واسع من أجل التنقل كبديل عن سيارات الأجرة التقليدية، معتبرا أن الهدف من مطالبته بـ “محاربة النقل السري عبر التطبيقات”، هو “ضمان المنافسة المشروعة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *